د. ظافر محمد العجمي – كاتب وأكاديمي كويتي
اتفق قادة دول حلف شمال الأطلسي (NATO) – في قمة جمعتهم 14 يونيو – على مشروع دفاعي جديد، وعلى أجندة للحلف بحلول 2030، وركز على ضرورة مواجهة الصين وروسيا، والارهاب والتهديدات السيبرانية والمناخ.
وعلى طاولة الاجتماعات تمويل الدفاع ومعالجة جروح ترامب، الانسحاب من أفغانستان الذي تقرر بدون التشاور مع الحلفاء، إلى تشويه صدقية العمليات الخارجية للحلف.
ومايهمنا في الخليج لم يتم التطرق له سوى دعوة إيران إلى وقف كل أنشطة الصواريخ الباليستية، وأدانوا دعم إيران المالي والعسكري للميليشيات. حتى وإن نوقش في القمة الاميركسة الاوروبية.
في الخليج هناك وفرة موارد، ووفرة بشرية، ووفرة في التدين في محيطنا، فوجدت الدول الكبرى أن حفظ مصالحها يتطلب استنزاف هذه الوفرات وإقامة الهياكل العسكرية فاقامت 2004مبادرة إسطنبول للتعاون بين “الناتو” ودول الخليج باستثناء السعودية وعمان، وأوضح «الناتو» أن شراكتنا معهم لن تنتهي بالعضوية في الحلف، كالتبادل الاستخباري، والتدريب، والاستشارات .
بعد عقد من قيام المبادرة حضرت اجتماع الحلف ديسمبر 2015 ضمن المجموعة الاستشارية للمبادرة فوجدنا أن «الناتو» في نسخته المتداولة في الخليج غير نسخة حلف شمال الأطلسي الأوروبية، وهذا تقييم نتج عن الوقائع التالية:
1- لم يتعامل الحلف مع الخليجيين ككتلة واحدة، فضيع فرصة الحصول على رؤية خليجية موحدة، فكيف يجيز «الناتو» لنفسه أن يكون منظمة واحدة بـ30 دولة ولا يجيز لنا ذلك ونحن 6 دول فحسب!
2- فشلت المبادرة بضم السعودية وعمان رغم أن لهما 70% من قوة التسلح الخليجية، لقصور فهم دور الرياض في منظومة أمن الخليج كعمقه الاستراتيجي، وفهم جدوى النافذة العمانية على إيران.
3- هناك تنافس مرير بين أعضاء الحلف حيال عقود التسلح والطاقة والمشاريع النووية
4- أعلن الحلف نفسه مزوداً بالأمن الناعم Soft security Provider، فانعكست الآية وزودناهم بالمعلومات عن الإرهاب، ودربنا رجالهم واستفادوا من استشاراتنا، بل تحولنا إلى مزود بالأمن الخشن Hard security Provider الذي تهربوا منه، فشاركناهم عسكرياً في ليبيا وأفغانستان، ولم يشاركونا بموقف عسكري موازٍ، ولم نتفق على العدو المشترك إلا بكلمات عامة كالإرهاب والتطرف.
كيف يكون الحلف قيمة مضافة لأمن الخليج العربي نقترح:
1- وقفة تقييمية للسنوات الـ20 الماضية، وترقية التعاون Upgrade ابتداء من تغيير اسم الهيكل الحالي الذي يجردنا من خليجيتنا التي توحدنا ويتحاشى ذكر «الناتو».
2- فليتجاوز الحلف وضعه كمؤسسة لإدارة الأمن Security Management Institution ومنصة للمفاوضات وتحليل السياسات. ولتكن القيادة العسكرية الخليجية الموحدة قناة التواصل لهيكل أمني موحد وفعال.
3- تشبه الاستدارة الأمريكية عن الخليج انسحاب بريطانيا في 1970 حين حلت واشنطن محلها. وهي فرصة ليقوم «الناتو» بأخذ مواقع الأمريكان فالبنية الأساسية لتواجد «الناتو» متوفرة في أبوظبي والبحرين، كما وفرت الكويت مركز لهم واستضافت قطر مركز العمليات الجوية المشتركة «CAOC».
4- نهاية الحرب الباردة قد جعلت الحلف بدون مهمة Missionless فأخذ في جمع الأعضاء الجدد لعل التحديات التي تواجههم تصنع له مهمة تحول دون تفككه. ونحن في الخليج جزء من بيئة مشاغبة فليأخذ «الناتو» التحديات التي تواجهنا وليخلق منها مهمة بدل خلق الانطباع بالأمن الزائف في الخليج.
خاتمة
لم يصدمنا سطحية تناول الناتو لامن الخليج 2021 فقد صدمنا منذ 2009 فقد كان في رؤية الحلف أن دول الخليج ودول الناتو تواجه الأخطار والتهديدات نفسها و الخليج ضمن رؤية الحلف الاستراتيجية كلما تجددت.
لكن في 2009 رد الأمين العام لحلف الأطلسي على سؤال حول (ماذا تنتظر الإمارات ودول مبادرة اسطنبول للتعاون من الناتو إذا ما تعرضت دول المنطقة للهجوم من إيران؟ وماذا سيفعل الناتو إذا ما استُهدفت دول الخليج من إيران؟)، قال الأمين العام للحلف (إن معاهدة حلف الناتو واضحة وبناء على معاهدة الناتو، الحلف يركز على الدفاع عن أراضي الدول الأعضاء فقط ). وأضاف (إن باقي السؤال افتراضي، ومن الأفضل والأذكى ألا نجيب على أسئلة افتراضية).
لقد تبنى الناتو منذ عقدين استراتيجية الدفاع عن مصالحه -لا عن أراضيه فحسب- والمأخذ هنا ليس على حلف الناتو فقد حقق مفاوضوه الكسب الذي يريدونه، بل المأخذ يقع على المستشارين الاستراتيجيين في الأمانة العامة لمجلس التعاون الذين أخذهم مستشارو الناتو أسرى في غارة واحدة دون أن ينجحوا في إجبارهم على التعامل مع المجلس ككتلة واحدة. علاقاتنا الاستراتيجية يديرها دبلوماسيين مفروض استراتيجيين فهناك فرق.
قم بكتابة اول تعليق