وليد سامي
في حديثي الدائم عن سد النهضة كنت دائماً اذكر عدة كلمات: حل سياسي “Inevitable threat”، حتمية التهديد، حتمية الضرر، إعلان الحرب لما يتوافق مع القانون الدولي. وكنت ومازلت واثقًا بأن هناك حلا سياسيا يلوح في الافق، وأن الملء الثاني ليس نهاية العالم، وأن أسهل حل هو الحل العسكري نظراً لتفوق الجيش المصري على الجيش الإثيوبي في كل الافرع عدداً وعدة، وكنت ومازلت مقتنعًا بقدرة الجيش المصري على تنفيذ عمليات خارج أراضيه بنجاح، بغض النظر عن بعد المسافة عن اإثيوبيا أو امتلاك إثيوبيا لمقاتلات أو منظومات أسلحة معينة، وكنت على اقتناع تام بأنه لايزال لدى السياسة المصرية فرص للضغط السياسي والوصول إلى اتفاق، كما كنت ومازلت مقتنعا تماماً بأن الخارجية المصرية تخوض أعتى معاركها لإيصال الرسالة المصرية، وكسب أصوات المجتمع الدولي (مجلس الأمن) الذي يُتوقع منه مواقف سلبية تجاه قضية السد.
في رأيي الخاص، لا يعلم العامة -بما فيهم أنا- ما في جعبة السياسة المصرية، وما هي ومتى تكون آخر محاولة سياسية ، وحتى إن وصل الوضع للحل العسكري، فبالتأكيد هناك خطة معدة ولكن لا أحد يعلم بتوقيت الحل العسكري وشروطه، وبالتأكيد لن يكون بناءً على أساس أعمال بناء السد، انما بناءً على القدرات العسكرية والأوضاع السياسية.
على الرغم من قناعاتي وثقتي ودعمي للقيادة المصرية، ولحلولها السياسية أو العسكرية في قضية بقاء مصر وشعبها، أتمنى أن يدرك الجميع مآسي الحرب وما سينتج عنها، فهناك معركة ضخمه يجب أن نستعد لها، فالأعداء والمنظمات المشبوهة مستعدون بملفاتهم لإدانة مصر بشتى الطرق لمحاولة مصر الدفاع عن حقها الشرعي والتاريخي وحقها في البقاء. سيتغاضى العالم عن قصف تركيا للعراق وسوريا، وإسرائيل لفلسطين ولبنان، واعتداءات أخرى حول العالم بدون حق، وسيتم تنظيم حملة ضد مصر وقيادتها كأن حربها حرب إبادة، كما أن العدو التركي سيكون متربصا وسيقوم بفتح جبهة ليبيا للاستيلاء على الهلال النفطي لتحقيق مطامعه.
أريد أن أقول بأني أثق تماماً في القيادة المصرية وتحركاتها سواء أكانت السياسية أو العسكرية -الحالية أو المستقبلية- ومعها قلباً وقالباً. وإن مصر دولة توازنات ومصالح استراتيجية لن تعتمد على قوى دولية معينة، ففي الآونة الأخيرة بعد خطاب روسيا في جلسة مجلس الأمن لسد النهضة، والاتفاقية العسكرية الروسية الاثيوبية، تأثر البعض بما فعلته روسيا، وأثارت تساؤلات وشكوك حول العلاقات المصرية الروسية.
يجب علينا أن نضع العاطفة جانباً، وكما ذكرت علاقات الدول تحكمها توازنات ومصالح استراتيجية، تلك التحركات لن تؤثر على العلاقات المصرية الروسية الاستراتيجية، ولكل دولة مصالحها الخاصة، وروسيا تريد أن يكون لها وجود في أفريقيا كما في سوريا، ويبدوا ان تلك كانت الفرصة، ولكن في اعتقادي لن يكون على حساب مصر، كاستخدام حق الفيتو لقرار في صالح مصر بخصوص سد النهضة، أو التصويت على قرار ضد مصر بعد العمل العسكري، ويجب أن يثق الجميع بأن القيادة المصرية أنشئت توازنات وعلاقات ومصالح استراتيجية في الفترة الماضية تجعلها جميعها تصب في صالحها، فلن تبادل روسيا مصر بأثيوبيا، وذلك ينطبق على علاقة مصر بأوكرانيا، أو الولايات المتحدة، فلن تقوم بتبديل روسيا بالدول السابق ذكرها.
وكذلك ينطبق نفس المبدأ على الامارات العربية المتحدة الشقيقة، فالإمارات تبحث عن مصالحها الاقتصادية والسياسية وتطرق كل الأبواب ولكن مازالت توازناتها وعلاقتها الاستراتيجية وانتمائها في المقام الأول.
قم بكتابة اول تعليق