أثار قرار برلين شراء مقاتلات أميركية استياء باريس، وقد تؤدي الانقسامات في أوروبا إلى تقويض صناعة الدفاع في القارة، كما أوردت صحيفة “فايننشال تايمز”.
ويكمن السبب في قرار اتخذته ألمانيا هذا الشهر بشراء مقاتلات من طراز “إف-35″، التي يمكنها حمل أسلحة نووية وتصنعها شركة “لوكهيد مارتن” الأميركية، لتحلّ مكان أسطولها المتقادم من مقاتلات “تورنادو”.
وأثار ذلك استياءً في فرنسا، إذا تعتبر أن اختيار سلاح أميركي يوجّه رسالة خاطئة، في وقت ينبغي أن يكون التركيز مُنصبّاً على تعزيز القدرات الأوروبية.
الحاجة المفاجئة إلى إصلاح النظام العسكري الأوروبي، القائم منذ عشرات السنين، أحيت توترات بشأن برنامج “نظام القتال الجوي المستقبلي”، وهو مشروع دفاعي أوروبي أطلقته برلين وباريس في عام 2017، ويُعتبر ركيزة أساسية لسياسة الدفاع والمشتريات العسكرية في المنطقة، علماً أن إسبانيا انضمّت إليه في عام 2019.
ويسعى هذا النظام إلى تطوير مقاتلة، تكون بمثابة العمود الفقري لكل دول القارة بعد عام 2040، بدلاً من العدد الضخم من المقاتلات التي تستخدمها القوات الجوية في أوروبا الآن، وتشمل “يوروفايتر”، و”تورنادو” الألمانية و”رافال” الفرنسية و”غريبن” السويدية.
وفي ظلّ قلق فرنسي من طلب شراء “إف-35″، أكدت ألمانيا أنها لا تزال ملتزمة بهذا البرنامج، الذي يعتمد على أضخم شركات الطيران والدفاع في أوروبا، مثل “إيرباص”، و”داسو” و”تاليس” الفرنسيتين، و”إندرا سيستيماس” الإسبانية.
وقبل القرار الألماني بشأن المقاتلة الأميركية، كانت هناك مخاوف متزايدة بشأن عدم إمكانية تنفيذ برنامج “نظام القتال الجوي المستقبلي”، نتيجة خلاف بين “إيرباص”، التي تمثل برلين في المشروع، ومنافستها “داسو”.
ويُعاني هذا البرنامج، منذ إطلاقه، من خلافات بشأن تشارك التكنولوجيا وقيادة أجزاء مهمة فيه. واستبق إريك ترابيير، الرئيس التنفيذي لشركة “داسو”، إبرام ألمانيا صفقة مقاتلات “إف-35″، محذراً من أن هذه الخطوة ستفاقم استياء فرنسا من البرنامج و”تقلّص دعمنا له”.
وكان ترابيير لفت في وقت سابق من الشهر الجاري، إلى توقف أعمال التطوير في برنامج “نظام القتال الجوي المستقبلي”، مضيفاً أن “داسو” سحبت مهندسيها من البرنامج، في انتظار أن تتمكّن من الاتفاق على طريقة للعمل مع “إيرباص”. وتابع: “في عام 2022، علينا اتخاذ قرار”.
وأشار مسؤول دفاعي أوروبي سابق، إلى أن أحد الأسباب التي تجعل طلب شراء مقاتلات “إف-35” إشكالياً بالنسبة إلى برنامج “نظام القتال الجوي المستقبلي”، يتمثل في وضعه ألمانيا وفرنسا في أُطر زمنية مختلفة. ولفت إلى “تأجيل الجدول الزمني والمرحلة التي تُلبّى فيها احتياجات فرنسا وألمانيا”.
وترى كلوديا ميجور، وهي باحثة في “المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية”، أن فشل برنامج “نظام القتال الجوي المستقبلي” في نهاية المطاف لن يكون بسبب طلب برلين شراء مقاتلات “إف-35″، معتبرة أن الأمرين “مختلفان تماماً”.
وأضافت: “منذ البداية، كان (هذا النظام) مثالاً على صعوبة التعاون الصناعي الأوروبي، وانعدام الثقة، ومحاولة الجميع الدفاع عن مصالحهم الشخصية. أنت تطلق مشروعاً ضخماً قادراً على تغيير استراتيجية (هذه) الصناعة، ثم لا تستثمر بما يكفي في الدعم السياسي له”.
فايننشال تايمز