علي الهاشم – باحث ومختص كويتي بمجال الدفاع والطيران والأنظمة الدفاعية
هي قاذفة جمعت ما بين عدة صفات ومهام، لم تصمّم في البداية لتنفيذها. لكنّها أثبتت أنها تساوي وزنها ذهبًا.
مفهوم الطائرة القاذفة الاستراتيجية
طُوِّر مفهوم الطائرة القاذفة الاستراتيجية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، ويتطلب تطبيق هذا المفهوم ثلاثة عناصر أساسية:
أوّلاً، أن تتمتع الطائرة بمدى بعيد نسبيًّا.
ثانيًا، أن تكون قادرة على حمل حمولة نافعة ثقيلة.
ثالثًا وأخيرًا، أن تكون مزودة بأنظمة دقيقة من أجل تحقيق مهمة قصف جوي قاتلة.
أثناء الحرب العالمية الثانية، مكن القصف الاستراتيجي الحلفاء من إضعاف واستنزاف القوة النازية للقوات الألمانية، مما مهد لتحرير فرنسا. أمّا على الجبهة الباسفيكية، فقد مكن القصف الاستراتيجي من تدمير الإمبراطورية اليابانية وإخضاعها تمامًا، بل وإنهاء تلك الحرب.
ومع الحرب الباردة، أبقت الولايات المتحدة مفهوم القوة الضاربة للقاذفات الاستراتيجية كأحد وسائل الردع النووي الهامة التي لا يمكن الاستغناء عنها. ومن أجل ذلك تم تأسيس قيادة الطيران الاستراتيجي او Strategic Air Command — SAC عام 1946، أي مباشرة بعد انتهاء الحرب بعام.
والحقيقة أن أداء القاذفة الاستراتيجية الأمثل يتلخص في قدرتها على تدمير الهدف عبر تفاديها دفاعات العدو أو أنظمة رصده، ومن ثََّم إطلاق السّلاح على الهدف وإصابته وتدميره بدقة متناهية ثم العودة إلى قاعدتها سالمة.
ومن هنا بدأت قصة القاذفة B-1B.
السرعة ليست كافية
رغم دخول الدفع النفاث حيز الوجود بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، إلاّ أنّ بقاء القاذفات دون سرعة الصوت لم يكن ضمانًا لها كي تنجو من تنفيذ مهمة القصف بالقنابل النووية للعدو. وهذه القاعدة تنطبق على القاذفات السّابقة كقاذفة B-52 وقبلها B-47 وسرعتهما ومداهما الطويل الأمر الذي أدّى إلى إقصاء القاذفة العملاقة B-36، إلا أن الدراسات بينت حينها أن عدم وجود ما يكبح سرعة سقوط القنبلة النووية من مخزن الطائرة إلى نقطة الانفجار، والتي تحدد عادة بمئات الأقدام، لا تضمن للقاذفة عدم الوقوع في موجات العصف الهائلة وفائقة السرعة التي تنتج عادة عن الانفجار النووي.
وقد طور سلاح الجو، بقيادته المختصة بالقاذفات النووية أو الردع النووي، تكتيكًا يتمثل في تسلل القاذفة على ارتفاع منخفض، ومن ثَمّ إسقاط القنبلة فوق الهدف لتقوم بعدها بالانطلاق بأقصى سرعة ممكنة، والارتفاع اللحظي إلى أقصى ارتفاع في تسلق مستمر، والابتعاد قدر الإمكان عن موقع العصف النووي.
يتبع