مريم السبلاني
“لا أفهم ما يحدث لإسرائيل… إسرائيل لم تقدم لنا أي شيء… صفر مساعدات”، هكذا عبّر الرئيس الاوكراني، فلاديمير زيلنسكي، عن خيبته حيال عدم استجابة تل ابيب لندائه الذي أطلقه خلال شهر آذار/ مارس الماضي، بضرورة تقديم التسليح، مخاطباً الكنيست “يعلم الجميع أن أنظمة الدفاع الصاروخي الخاصة بك هي الأفضل.. يمكنك بالتأكيد مساعدة شعبنا، وإنقاذ حياة الأوكرانيين”. إلا ان النداء العاجل الذي لم يلق أذاناً إسرائيلية صاغية بفعل خريطة جغرافيا الصراع التي تجمع كل من موسكو وتل ابيب في غير نقطة، والحسابات التي تحكمها الواقعية السياسية، جعلت من زيلنسكي يعلن خيبته بعد مرور 6 أشهر “أنا أشعر بالصدمة”.
وخلال مقابلة تلفزيونية مع قناة TV5Monde، أشار زيلنسكي: “على الرغم من أنها أرسلت مساعدات إنسانية إلى أوكرانيا، إلا أن إسرائيل رفضت مرارًا طلبات كييف للحصول على أسلحة دفاعية، وخاصة أنظمة الدفاع الصاروخي التي يمكن استخدامها لصد الضربات الجوية الروسية، على الرغم من الإعراب عن تعاطفها مع محنة البلاد”. وقال: “اسرائيل لم تعطنا شيئاً. لا شيء، صفر…أتفهم أن اسرائيل في وضع صعب مع سوريا وروسيا لكن قادتها كانوا مخادعين”.
يُنظر إلى الرفض على أنه محاولة من جانب تل ابيب للحفاظ على العلاقات مع موسكو، بسبب سيطرة روسيا على المجال الجوي السوري، حيث نفذ سلاح الجو الإسرائيلي مئات الطلعات الجوية، وغضت روسيا الطرف إلى حد كبير عن الضربات الجوية الإسرائيلية، وفق ما اعتبرت صحيفة تايمز اوف إسرائيل، التي أشارت في مقال لها إلى ان زيلينسكي تحدث إلى رئيس الوزراء يائير لابيد وسلفه نفتالي بينيت بشأن إمدادات الدفاع الجوي، وجاء سبب الرفض على اعتبار إسرائيل بحاجة إلى البطاريات لحماية نفسها.
إلا ان زيلنسكي يشير في هذا الصدد إلى انه قد حصل على معلومات من أجهزة المخابرات الخاصة به أن إسرائيل توفر الدفاعات الجوية في بلدان أخرى: “يمكنهم البيع والتصدير، وهذا هو سبب صدمتي “.
وتحتفظ إسرائيل بغطاء على عدد بطاريات القبة الحديدية التي تمتلكها وأين يتم نشرها، حيث قدمت اثنين من الأنظمة إلى الولايات المتحدة، مما ساعد في تمويل تطويرها، وتشير التقارير مؤخرًا إلى وجود صفقة لبيع البطاريات إلى قبرص ووجود خطط لبيع النظام إلى دول أخرى بما في ذلك الإمارات (نشرت وكالة رويترز الأسبوع الماضي ان تل ابيب قد سلمت نظام دفاع الجوي -رافائيل سبايدر- لابو ظبي) والسعودية وأذربيجان. فيما أشار زيلنسكي إلى ان هذه التقارير لم تنكرها إسرائيل.
وبينما تحاول إسرائيل تبرئة نفسها من “تهمة الحياد” وتكشف عن انها قد قامت بإرسال أكثر من 100 طن من المساعدات الإنسانية وإنشاء مستشفى ميداني في غرب أوكرانيا لمدة ستة أسابيع في بداية الحرب. كما شحنت 2000 خوذة و500 سترة واقية، هاجم السفير الاوكراني، يفغن كورنيتشوك، في مؤتمر صحافي عقده في حزيران/ يونيو معتبرا ان تل أبيب تستمر بالنأي بنفسها، وشدد على انه “بينما تقوم روسيا بالاعتداء على مواطنينا، تظل الحكومة الإسرائيلية في منطقة الراحة الخاصة بها وتمتنع عن تقديم الحد الأدنى من المساعدة الدفاعية لأوكرانيا”.
ولا تقتصر أزمة التسليح بالنسبة لكييف على عزوف بعض الجهات والدول عن تقديم المساعدات العسكرية لها بل ان الأسلحة التي تصلها مباشرة من الولايات المتحدة وبقية الدول الأوروبية لا تصلها كاملة.
ويشير الفيلم الوثائقي الذي نشرته قناة “CBS” تحت عنوان “تسليح أوكرانيا” (Arming Ukraine) ان “مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية التي ترسلها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا لا تصل إلى متلقيها”.
ويوضح المؤسّس والرئيس التنفيذي لمنظمة” أزرق أصفر”، التي تعمل على تزويد الأسلحة للمقاتلين الاوكرانيين في الخطوط الامامية، جوناس اومان، ان نحو “40% فقط من هذه المساعدات تصل إلى وجهتها النهائية، هذا هو تقديري”.