ترجمة خاصة – دفاع العرب
إبان الحرب الباردة، وتحديدًا في عام 1982، بدأت حقبة جديدة من الطيران القتالي التكتيكي في المعارك العسكرية من خلال المقاتلات الثقيلة والمقاتلات الاعتراضية الثقيلة، الأمر الذي ساهمت في تحقيقه مساعي الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي على مدى عقدين من الزمن. لا تزال الطائرات الثقيلة التي يزيد وزن إقلاعها المسلح عن 20 طنًا، حتى يومنا هذا، هي المسيطرة على الأجواء بلا منازع من حيث القدرات الجوية، فهي تتمتّع بنطاقات أطول، ورادارات وقوة نيران أكبر، وأداء طيران متفوق على نظرائها الأخف وزناً.
في ذلك الوقت، لم يكن في استطاعة دولة سوى الاتحاد السوفيتي وأميركا تطوير مقاتلات ثقيلة، حيث فشلت فرنسا في محاولتها تطوير طائرات ثقيلة في إطار برنامج “ميراج 4000″، وبعدها انضمت الصين إليهما في عام 2010 لتصبج رائدة في هذا المجال.
كان الاتحاد السوفياتي أول من استخدم المقاتلات الاعتراضية الثقيلة وذلك مع طائرات “ميغ-25 فوكس بات” MiG-25 Foxbat، التي طارت لأول مرة في عام 1964، وبُدِئ بتشغيلها في عام 1970. أثبتت المقاتلة في العديد من المعارك أنها آمنة بشكل كبير وباستطاعتها الصّمود أمام أقوى الدّفاعات والأسلحة الغربية المضادة للطائرات في عصرها.
استجابت الولايات المتحدة للمعلومات الاستخباراتية حول تطوير “ميغ-25” وطورت على أساسها مقاتلة الجيل الرابع من طراز “إف-15 إيغل” F-15 Eagle، التي كانت قيد التطوير آنذاك. صممت الولايات المتحدة مقاتلة “إف-15” ثقيلة الوزن تماما كمقاتلة “ميغ-25″، إلاّ أنّها كانت أبطأ بكثير، وتسلّحت بصواريخ أصغر بكثير من صواريخ “ميغ-25″، كانت طائرتا “إف-15″ و”ميغ-25” متطابقتين في كثير من النواحي.
بينما كانت مقاتلة “إف-15” هي المقاتلة الأولى التي استُخدِمت أثناء الحرب الباردة، تم تطوير طائرة “إف-14 توم كات” F-14 Tomcat الأكثر قدرة التّابعة للبحرية الأمريكية. وظلت منقطعة النظير خاصة في قدراتها التي تتجاوز المدى البصري.
تم شراء “إف-14” من قبل القوات الجوية الإيرانية في أوائل السبعينيات على وجه التحديد لاستطاعتها الاشتباك مع الطائرات السوفيتية المتقدمة. إلاّ أن مكانة مقاتلة “ميغ-25” قد انخفضت حين تفوّقت عليها مقاتلتا الجيل الرابع الثقيلتان “ميغ-31″ و”سو-27” اللتان أثبتتا قوتهما في القتال الجوي. إلاّ أنّ المقاتلتين “إف-14″ و”ميغ-25” تُعتبران حتى اليوم أثقل المقاتلات الاعتراضية المُصَدَّرة.
وقع الاشتباك الأول بين مقاتلات “إف-14″ و”ميغ-25” في 15 فبراير/ شباط 1982. تمتعت الطائرة “ميغ-25” بمزايا قوية للغاية من جهاتٍ عدّة كسرعتها وارتفاعها، وحمولتها من صواريخ “أر-40” R-40 ذات الرؤوس الحربية الكبيرة.
في المقابل، تمتّعت مقاتلة “إف-14” بعدد من المزايا منها مجموعة مستشعرات الأكثر قوة من تلك الموجودة في مقاتلة “ميغ-25″، ونطاق اشتباك أطول بكثير، وقدرة فائقة على المناورة. إضافة إلى صاروخ F-14’s AIM-54 الذي يتمتع بميزة التوجيه النشط بالرادار مما يسمح بـ “إطلاق النار والنسيان” ضد طائرات العدو، وهي ميزة لم تكن موجودة في أي سلاح مقاتل آخر حتى التسعينيات. بالرّغم من تقارب قدرات الطائرتين إلا أن طائرة “ميغ-25” عانت بسبب التناقض في المستشعرات والأسلحة.
تم التّوقف تدريجيا عن إنتاج طائرات “ميغ-25” عام 1985، وتقاعدت أخيرًا من خدمة القوات الجوية الروسية في عام 2013. في حين استُخدِمت طائرة “إف-14” في البحرية الأمريكية لوقت أقصر بكثير، حيث تقاعدت في عام 2006، مع وجود عيب أساسي في كلتا الطائرتين المتجسّد في التكاليف التشغيلية العالية للغاية. تم استبدال طائرة “ميغ-25” في الأسطول الروسي بطائرة “ميغ-31” MiG-31BM / BSM، إلاّ أنّ البديل عن متغير الهجوم الإلكتروني لم يتحقق بعد.
ولكن، لا تملك طائرة “إف-14” نظيرًا مباشرًا لها في البحرية الأمريكية اليوم بسبب تخفيضات الميزانية بشكل أساسي، حيث لا يزال صاروخها AIM-54 يتمتع بمدى أطول من أي صاروخ أمريكي آخر يتم طرحه. ويجري حاليًا تطوير مقاتلة تكون خليفة لطائرة “إف-14” الثقيلة بقدرات الجيل السادس.
أي نسخ للمقال من دون ذكر اسم موقع دفاع العرب سيُعرّض ناقله للملاحقة القضائية.
إنّ موقع دفاع العرب لا يتبنّى الأفكار الواردة في المقال.