أحمد صابر عباس
في كل مرة تطلب فیھا كییف الدعم العسكري الغربي، أو تعلن دولة من حلف الناتو عن إرسال معدات عسكریة إليها، تتحول مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات المھتمة بنقل أخبار الحرب إلى تفسیر الاستراتیجیة الغربیة في دعم أوكرانیا.
تقدمت أوكرانیا، منذ أیام، بطلب إلى البنتاجون الأمریكي لاستلام دبابات من نوع “أبرامز”، الأمر الذي رفضته واشنطن بحجة صعوبة تركيب هذه الدبابات من جهة، واستھلاكھا كمیات كبیرة من الوقود من جهة أخرى. بالإضافة إلى حاجة هذه الدبابات إلى جنود مدربين تدريباً خاصّاً ناهيك عن تكلفة صیانتها الباھظة. كما دفعت واشنطن كلاً من ألمانیا إلى إرسال دبابات “لیوبارد 2″، وبریطانیا إلى إرسال دبابات “تشالنجر”، الأمر الذي دفع بالمحللين العسكریين إلى لتفكیر في دوافع البنتاجون الأمریكي، ومدى صحة الادعاءات التي قدمها.
تكتیك “السلامي” أو كما تسمى ھجمات “السلامي”.. ما ھي؟
تكتیك “السلامي” ھو أحد الأساليب العسكرية الذي یتم تفسیر تصرفات واشنطن وحلف الناتو الحالیة تجاه أوكرانیا بناء علیه، ويعني البدء بسلسلة متدرجة من الإجراءات الصغیرة التي تھدف إلى قیاس ردة الفعل وإلى تحقیق نتائج أكبر یصعب تنفیذھا دفعة واحدة.
أرجع العديد من المحللين دوافع عدم موافقة واشنطن على إرسال دبابات أبرامز إلى رغبتها في التدرج في إرسال الأسلحة إلى الساحة الأوكرانیة، وبالتالي عدم المخاطرة باستخدام جمیع الإمكانات مرة واحدة، حیث بدأ الدعم الغربي للناتو من خلال إرسال فرنسا مركبات AMX-10 RC بمدافع 105 ملم، وهي تعتبر حاملة جنود مدرعة لا ترقى إلى مستوى الدبابة الثقیلة.
بعد ذلك اتخذت دول حلف الناتو قرارا بإرسال الدبابات الثقیلة، واتخذت بریطانیا قرارھا بإرسال دبابات تشالنجر2، لكنھا لم تلقَ اھتمامًا كافیاً من الروس حتى الآن، حیث اعتبروھا مركبة ثقیلة مقارنةً بغيرها حيث يبلغ وزنها 62 طناً، بالإضافة الى أنّ عددھا قلیل ولا تشكل خطراً كبیراً على الروس.
الخطوة الثالثة، المتوقعة قریباً، هي أن یستمر التدرج في إرسال الأسلحة عبر فرض الولایات المتحدة على ألمانیا إرسال دبابات لیوبارد 2، وھي دبابات حدیثة یوجد منھا ما یقرب 2.5 ألف في دول الناتو.
على الرغم من استمرار الخلافات بین الولایات المتحدة، التي لا ترید إرسال دبابات إبرامز الآن، وبین ألمانیا التي تشترط على الولایات المتحدة البدء بأبرامز لإرسال دبابات لیوبارد 2، إلا أن “دیر شبیجل” أبلغت بأن وزیر الدفاع الألماني الجدید “بوریس بیستوریس” لم یتخل عن إرسال لیوبارد 2 إلى أوكرانیا، ویمكنه تقدیم 19 دبابة منها إلى كییف، والجدير بالذّكر أنّ الجیش الألماني یستخدم هذه الدبابات في تحدید ھویة العدو.
جدل الروس حول Leopard 2A5 والتي أعلنت شبیجل إمكانیة نقل 19 منھا لكییف؟ ھل تقلق الروس؟
انشغل المحلّلون العسكريون في تقييم قدرات دبابة “ليوبارد”، حيث لم يظهر قلق كبیر من قدرات الدبابة نفسھا، حیث تزن كتلتها 62 طنا،ً كما أنها، وفقاً للروس، لا تعتبر فائقة الحداثة. هذا وقد اشترت تركیا ٣٠٠ دبابة من النسخة السابقة “2A4” ودمرتت العدید منها في سوریا. ومع ذلك، فمن الممكن أن تشكل الدبابات مع حزمة المساعدات التي خصصتھا الولایات المتحدة لكییف، والبالغة 2.5 ملیار دولار، نقلة مھمة في استراتیجیة “السلامي”.
وبناءً على استراتيجية “السلامي”، ربما تغیر الولایات المتحدة رأیھا بخصوص دبابات أبرامز إلى كییف إذا ما احتدم الصراع، لكن ھذه النظریة تغفل عن أسباب أخرى حقیقیة قد تدفع بواشنطن إلى عدم إرسال دباباتھا أبداً تحت أي ظرف.
أولاً، إن حقیقة التكالیف الكبیرة لصیانة دبابات أبرامز حقیقیة، كما أن لیوبارد وتشالنجر تعتمدان على الدیزل ولا تستھلكان الوقود مثل إبرامز، ولذلك فإن امتلاك كییف لأبرامز أمر صعب.
ثانیا،ً انتشر مقطع فیدیو على وسائل التواصل الاجتماعي خاصة الروسیة التقطتھا إحدى المصادر المفتوحة یشیر إلى صعوبة تحرك دبابات أبرامز في الجلید، على الرغم من إمكانیاتھا الكبیرة إلا أن بضعة سنتیمترات من الجلید یمكن أن یعطل حركتھا.
ثالثاً، وھي النقطة الأهم، فإن الولایات المتحدة تخاف على التكنولوجیا العسكریة لدباباتها الخاصة، والتي یمكن أن یسرقھا الروس بسھولة إذا استولوا على إحدى الدبابات المعطلة، الأمر الذي بسببه یمكن أن تفقد الصناعات العسكریة الرواج الكبیر الذي حصلت علیه إذا ما فشلت ھذه الدبابات في إحداث فارق.
لدى الولایات المتحدة العدید من المخاوف التي تمنعھا من إرسال دبابات إبرامز لأوكرانیا، ولا یتعلق الأمر فقط باستراتیجیة “السلامي” واختبار ردة الفعل الروسیة.