الحرب على الموارد وسيناريو الهلاك المثالي.. يورانيوم النيجر وفيروس–X

علي الهاشم – باحث ومختص بمجال الدفاع والطيران والأنظمة الدفاعية

انقلاب مفاجئ، يحدث في قلب القارة الأفريقية، وتحديداً في النيجر التي تُعتبر إحدى أكبر مناجم اليورانيوم المُستخدم في إنتاج الطاقة النووية. فجأة سقطت الأعلام الفرنسية، التي كانت فيما مضى متداولة في العاصمة النيجيرية نيامي كإرث للاستعمار الفرنسي السابق، لتحل محلها الأعلام الروسية. ما الهدف من هذه التّغيرات؟ ومَن وراء الانقلاب على الرئيس النيجيري؟

تكتسب قارة أفريقيا أهمية استراتيجية في وقتنا الحالي، وذلك لأنها تضم مخزونات هائلة من الموارد التي يسعى إليها عدد كبير ومتزايد من الشركات العالمية.

تتميز أفريقيا بغنى أراضيها بأربعة موارد أساسية هي: النفط، والمعادن، والأحجار الكريمة، والأخشاب. على صعيد المعادن، تمتلك أفريقيا مخزونات كبيرة من أهم المعادن في العالم، وهو اليورانيوم. ومن هنا، اجتذبت القارة الأفريقية اهتمام القوى العظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا و روسيا و الصين.

ولهذا نجد أنه من المسلّم به، أن تشهد قارة أفريقيا، صراعاً كبيراً على مواردها، فكل الظروف التي يمكن أن تتوفر للعنف توجد هنا، أبرزها كثرة المواد الحيوية، ونزاعات إقليمية عديدة في مناطق غنيّة بالمعادن، وانشقاق السياسيين على نطاق واسع كما هو جلي وواضح اليوم في النيجر.
يغذي هذا الوضع من عدم الاستقرار، وجود جيوش خاصة ومرتزقة، وتاريخاً من التآمر بين شركات الموارد الأجنبية وأمراء الحرب المحليين.
إن القوى الأجنبية، من دون شك، متورطة الآن بعمق في الصراعات الأفريقية أكثر من الوقت الماضي، لكنّ صراع الموارد هذا يحمل في طياته خطراً كبيراً على القوى الكبرى. فاستخدام تلك القوى لجيوشها من أجل حماية الموارد الحيوية ستكون مكلفة جداً، خاصّةً عندما تكون تلك الحروب محصورة بين قوات من المرتزقة ومليشيات محلية في حرب عصابات مرهقة، تستهلك كميات هائلة من المصادر الأساسية للوقود. ولطالما أدرك الخبراء في الحروب الداخلية الصلة بين استغلال الموارد وتمويل الصراعات الأهلية، لذا فإن الدول العظمى تستخدم مبدأ الحرب بالوكالة هناك. ومن هنا يبرز نوع جديد كلياً لتلك الحروب، قد يتسبب بهلاك كبير لفئة دون أخرى بأقل التكاليف.

العامل – X

كيف بدأ تسلسل الأحداث؟

في أواخر مايو من العام الحالي، صرّح رئيس منظمة الصّحة العالمية “تيدروس أدهانوم غيبريسوس” بشكل غريب وصادم، بأن موعد انتشار الوباء او الجائحة القادمة قد يكون في العام 2025.
يُعتبر هذا التصريح غير مألوف بحسب الإجراءات المتعارف عليها دولياً. هذا وقد تمّ إطلاق لقب “الفيروس – X” على الفيروس، والحرف اللاتيني “إكس” يعني مجهول الهوية. وكيفية تحديد التاريخ أمر أثار عاصفة من الجدل حولها. ولكن هناك أمور قد يتم ربطها بهذا الرمز “X” قد تقودنا إلى احتمالات مريبة!

ففي خطوة مفاجأة هي الأخرى، أعلن الملياردير إيلون ماسك بعد تصريح رئيس منظمة الصحة العالمية بمدة قليلة وتحديداً في يوليو الماضي، إطلاق العلامة الجديدة لـمنصة “تويتر” للتواصل الاجتماعي لتصبح “X” بدلاً من العصفور الشهير كجزء من رؤية الملياردير. وزيّن بها مبنى الشركة بعد ذلك لتحويل الخدمة البالغة من العمر 17 عاماً إلى تطبيق لكل شيء أو “سوبر آب”، وكأنه يمهد ويهيّئ الرأي العام لأمر ما.

يقودنا ذلك إلى شكوك حول مرحلة جديدة من النظام العالمي الجديد الذي يتم تكوينه في الوقت الحالي. وجاءت عملية الانقلاب في النيجر رغم ارتباطها بحرب روسيا مع أوكرانيا المدعومة من الغرب لتكمّل الأحجية.

أمّا السؤال الذي يطرح نفسه الآن؛ هل هناك تحضير لحرب بين القوى العظمى للغرب والشرق تكون بديلاً عن مواجهة نووية لا تكسب أي طرف بل تحول كل شيء إلى دمار؟
هل يحضّر الغرب لوباء جديد منتَج في المختبرات بشكل يحاكي الطبيعة ليتمّ نشره في أفريقيا مستغلين الأوضاع هناك ليمتلك الغرب وحده اللقاح المضاد لهذا الفيروس؟
ففي مارس الماضي أيضأ، أعلنت وزارة الصحة في جمهورية تنزانيا المتحدة الإبلاغ عن سبع حالات وخمس وفيات بسبب مرض غير معروف في قريتين في مقاطعة بوكوبا في إقليم كاجيرا شمال تنزانيا. وتأكد لاحقًا أن الحالتين مصابتان بعدوى فيروس “ماربورغ”. وهو فيروس من الممكن له أن يتحول إلى جائحة، كما أنّه معروف بارتفاع معدلات الوفاة للحالات المصابة به، فتصل نسبة الوفاة لدى المصابين به من 24٪ إلى 90٪.

فيروس “ماربورغ” من مجموعة فيروسات (Filoviridae) نفسها والتي ينتمي إليها فيروس “الإيبولا” االذي تصل نسبة الوفاة فيه إلى 62,5٪ وهي نسبة مرتفعة.

غالبًا ما تنتج عدوى فيروس ماربورغ عن التردد لفترات طويلة على المناجم أو الكهوف التي تسكنها مستعمرات خفافيش روسيتوس. وبمجرد إصابة الفرد بالفيروس، يمكن أن ينتشر بين البشر عن طريق الملامسة المباشرة لدم الأشخاص المصابين به، أو المتوفين به، أو إفرازاتهم وسوائل أجسادهم. وسبق أن أصيب عاملون في مجال الرعاية الصحية
أثناء علاجهم لمرضى مصابين بفيروس “ماربورغ”. ويمكن أن تساهم مراسم الدفن التي تنطوي على ملامسة مباشرة لجثة المتوفى أيضًا في انتقال الفيروس.
تتراوح فترة الحضانة بين يومين إلى 21 يومًا. وتظهر عوارض فيروس “ماربورغ” فجأة تتجسّد بارتفاع في درجة الحرارة، وصداع ووعكة شديدين. من الممكن أن يبدأ الإسهال المائي الشديد، وآلام البطن، والتشنج، والغثيان والقيء في اليوم الثالث تقريبًا. وقد تظهر علامات نزفية حادة في الفترة ما بين اليوم الخامس واليوم السابع من بداية الأعراض، وعادة ما تُصاب الحالات المميتة بشكل من أشكال النزيف من مناطق متعددة. وفي الحالات المميتة، تحدث الوفاة في أغلب الأحيان في الفترة ما بين اليوم الثامن واليوم التاسع من بداية ظهور الأعراض، وعادة ما يسبقها فقدان شديد للدم وحدوث صدمة.
ومن الصعب، في المرحلة المبكرة التشخيص السريري للإصابة بالمرض، بسبب أوجه التشابه بين أعراضه وأعراض الاعتلالات الحموية الأخرى.
وعلى الرغم من أنه لا توجد لقاحات أو علاجات معتمدة مضادة لهذا الفيروس، فإن الرعاية الداعمة، وإمداد المريض بالسوائل الفموية أو الوريدية، وعلاج أعراض محددة للمرض، تزيد من احتمال النجاة. ويجري تقييم مجموعة من العلاجات المحتملة للمرض، بما فيها منتجات الدم، والعلاجات المناعية والدوائية.
والجدير بالذّكر أنّ هذه هي المرة الأولى التي تبلّغ فيها تنزانيا عن تفشّي فيروس “ماربورغ”.
إذاً، هل هناك أمر ما يتكون خلف الأفق؟ ماذا عن وباءٍ جديد؟

السّلاح الفتّاك الأسهل والأرخص
تُعرف الحرب البيولوجية بأنها حرب دمار شاملة تقضي بنشر وباء قاتل في أرض معادية ضد الجنود وأحيانا الشعب أو الكائنات الحية (الدواب أو النباتات) عن طريق استخدام الجراثيم أو البكتيريا أو الفيروسات القاتلة والضارة، بغية إيقاع أكبر عدد من الخسائر والضحايا في صفوفها.

وقد شهد مطلع القرن الماضي تزايداً في تطوير هذا السلاح المميت على شكل سباق تسلح رهيب، وتنافس حاد لتطوير نوعيات خارقة عصية عن إيجاد دواء ناجع لها وذلك من خلال “التهجين”.

التهجين اصطلاحًا يطلق على أمرين: إما تحسين نسل الإبل من خلال تزاوج إبل أصيل بآخر أجنبي، وإمّا بغرض “التقبيح”. وعليه، فمن الناحية العلمية يعني مصطلح التّهجين تحسين النوع أو تطويره وتغيير بنيته الوراثية، بمعنى آخر هندسته جينياً.

كان الاستخدام الأول لتلك التقنية في بداية ظهور الحركة النازية قبيل قيام الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945)، وأجريت أبحاث إبان فترة الحكم النازي في تطوير الهندسة الجينية بغية تحسين النوع والمحافظة على العرق الآري للألمان وقتها. لكن، سرعان ما بدأت تأخذ منحى آخر كأبحاث سرية لتطوير سلاح “عرقي” يصيب عرقاً بشرياً دون الآخر، لكن نهاية الحرب أوقفت وتيرة عمل تلك الأبحاث لتتحول الى أبحاث سرية تجري خلف الكواليس.

الأبحاث البيولوجية الروسية بعد عهد السوفيات

ظهر دور الروس جلياً في مجال الهندسة الجينية أو الوراثية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وإن كان متأخراً، حيث ذكر في إحدى التقارير العسكرية التي نشرت في أبريل 1997 لإصدارات “جينز” الدفاعية، أن العلماء المختصين في مجال الأبحاث البيولوجية في روسيا قد تمكنوا من تطوير فئة جديدة من فيروس “الانثراكس” الفتاك ما يُعرف بالجمرة الخبيثة.

والمعروف على المستوى الدولي، أنه ذو مناعة تامة ضد أقوى المضادات الحيوية، وذلك عن طريق إعادة هندسة جيناته بالكامل. وقد جاءت هذه المعلومات من قبل منشقّ روسيّ، وتم تأكيد المعلومات التي أبلغ بها عن هذا المنتج الفتاك بواسطة دوائر المخابرات الغربية الموثوقة.

ويكمن السر وراء قدرة هذا النوع المهجن من الجمرة الخبيثة على مقاومة أقوى المضادات الحيوية في أسلوب إعادة توحيد الحمض النووي (دي إن ايه DNA -) لإدخال جين مقاوم من ميكروب عادي مثل ‘إي كولاي’.

والأدهى من ذلك أن عملية التطوير تمت من قبل شركة بيوبريبارات الروسية الخاصة ذات الإنتاج المدني، وهو ما يبين أن خطر انتشار مثل هذه الأسلحة ازداد عما كان عليه إبان الحرب الباردة.

التأثير المدمر للأسلحة البيولوجية

مع التقدم في مجال الهندسة الجينية، باتت الأسلحة البيولوجية أشد فتكا ًمن أي سلاح آخر، وهي تقتل بصمت من دون إحداث أي ضجة، وتتكاثر وتنتقل وتتأقلم عبر “التحور” لتبقى أكثر قدرة على الاستمرار فتبيد الملايين من الكائنات الحية وعلى رأسهم البشر. فإذا أرادت دولة أو جماعة إرهابية او حتى شركة للصناعات الدوائية التخلص من أعداد من البشر بمساحة تحدد بميل مربع (حوالي كيلو و٦٠٠ متر) فإن المعادلة باستخدام الأسلحة من أجل تنفيذ هذه العملية ستكون على النحو التالي:
٢٢٠ طناً من القنابل العنقودية المتفجرة.
أو ٣ اطنان من غاز الخردل السام.
أو ٧٧٢ كلغ من غاز الأعصاب.
أو ٥ كلغ من المواد النووية الانشطارية.

أما إذا تم استخدام سلاح بيولوجي، فإن ذلك لا يتطلب سوى ٨٥ غراما ًفقط من وباءٍ مهندسٍ جينياً ذي تأثير فتاك لتنفيذ هذه العملية. بل ويمكن أن يصيب عرقاً معيناً دون غيره.

ما استرعى انتباهي هو أن جميع التقدم الذي وصل إليه السوفيات كما ذكرت أعلاه، قد فقده الروس بعد انهيار الاتحاد السوفياتي نتيجة لهجرة العالِم المتخصص بالأسلحة البيولوجية المعروف ب: “كين او كينيث أليباك” الى الولايات المتحدة الأمريكية. وكان قبل هجرته يشغل منصب كبير علماء الجيش السوفياتي بالأسلحة الجرثومية (البيولوجية) الأخطر في العالم. الأمر الذي سيساهم في تفوق الولايات المتحدة في هذا المجال بشكل كبير.

أما الحقيقة الصادمة التي كشفها رون اونز، الناشط الأمريكي والسناتور السابق، فهي امتلاك الولايات المتحدة الأمريكية وحدها عدة مختبرات للأبحاث البيولوجية المختلفة بشكل غير معلن، تتوزع في ٢٥ دولة حول العالم تحت مسميات وهيئات وشركات بعضها وهمي.

وقد استقطبت هذه المختبرات معظم علماء الاتحاد السوفياتي بعد انهياره، وقد أُنشئت عمداً خارج الولايات المتحدة بعد قانون أُصدر في نهاية الستينيات من القرن الماضي يمنع بموجبه أي أبحاث بيولوجية خطيرة على الأراضي الأمريكية، وقد ساعد ذلك على عدم وجود دليل يدينها في المحاكم الدولية.

أما الصدمة فهي أنّ مختبر “ووهان” يُعتبر أحد المختبرات التي شاركت الولايات المتحدة الأمريكية في تمويل بعض أبحاثه وهو ما تنكره القيادة الصينية، مما يعني أن وباء كورونا كوفيد-19 قد نتاج أبحاثها السرية هناك.

يلاحظ أيضا ً أن هناك مختبراً كبيراً في أوكرانيا، وأن الادعاءات الروسية حول خطورة هذا المختبر لم تأت من فراغ.

وختامًا، هل يكون هناك تحضير لحرب وبائية مهندسة بشكل أكثر دقّة من جائحة كورونا؟ وهل تخضع الدول المعادية للغرب وتحديداً الولايات المتحدة لها تماماً تمهيداً لنظام عالمي جديد كليا؟ كل شيء جائز في هذه الحقبة الغريبة من الزمن.