علي الهاشم – باحث ومختص بمجال الدفاع والطيران والأنظمة العسكرية
أبرمت شركة داسو للطيران صفقة تاريخية مع صربيا، تتضمن بيع 12 طائرة مقاتلة متعددة المهام من طراز رافال. هذه الصفقة تمثل نقلة نوعية في قدرات القوات الجوية الصربية، وتؤكد طموحات بلغراد في تعزيز أمنها القومي وحماية أجوائها.
تُعتبر طائرة رافال، المعروفة بتعدد مهامها ومرونتها، إضافة قوية لسرب الطائرات الصربي، وستتيح هذه المقاتلة المتطورة لصربيا القدرة على تنفيذ مجموعة واسعة من المهام، بدءًا من التفوق الجوي وصولًا إلى الضربات الجوية الدقيقة، مما يعزز قدرتها على الردع والتدخل السريع في حالة نشوب أي صراع.
حلمت يوغوسلافيا، في أواخر التسعينيات، بتطوير مقاتلة محلية توازي أحدث التقنيات العالمية. ورغم أن هذا الحلم تبخر بسبب الأحداث الدامية التي شهدتها المنطقة، إلا أن الطموحات الصربية في امتلاك قوة جوية قوية لم تتوقف.
طمح مشروع “نوفي أفيون” الى تصميم مقاتلة من الجيل الرابع، مستوحاة من أحدث التصاميم الفرنسية. كان الهدف منه هو تطوير بديل محلي لمقاتلات ميغ-21 المتقادمة، مع التركيز على قدرات عالية للمناورة وقدرة على حمل أسلحة متنوعة.
وتظهر المقارنة بين تصميم “نوفي أفيون” الأولي وطائرة رافال الحالية مدى التطور الهائل الذي شهده عالم الطيران المقاتل خلال العقود الماضية. فكلاهما يعتمدان على نفس المفهوم الأساسي لجناح دلتا وجنيحات أمامية، ولكن رافال تتميز بقدرات تقنية تفوق بكثير ما كان يمكن تصوره في التسعينيات.
اللافت للنظر هو أن كلا المشروعين واجها تحديات سياسية واقتصادية حالت دون اكتمالهما. فانهيار يوغوسلافيا والحرب التي أعقبتها قتلت في مهدها مشروع “نوفي أفيون”، بينما كانت فرنسا تواجه تحديات مالية وتقنية في تطوير مشروع رافال.
هذه الصفقة ليست مجرد صفقة أسلحة، بل هي استثمار في المستقبل، تعكس الرغبة الصربية في أن تكون قوة مؤثرة في المنطقة، وأن تلعب دوراً أكبر في حفظ الأمن والاستقرار في البلقان.
اليوم، نجحت صربيا في تحقيق ما عجزت عنه يوغوسلافيا، وذلك بفضل صفقة شراء طائرات رافال. هذه الصفقة تمثل أكثر من مجرد شراء طائرات مقاتلة، بل هي استثمار في المستقبل، واستعادة لحلم طال انتظاره. فرافال ليست مجرد بديل للميغ، بل هي نقلة نوعية في قدرات القوات الجوية الصربية، مما يجعلها قوة جوية لا يستهان بها في المنطقة.
تعتبر صفقة بيع طائرات رافال إلى صربيا حدثًا بارزًا في المشهد العسكري الإقليمي. فمن خلال هذه الصفقة، تكون صربيا قد خطت خطوة جريئة نحو تحديث قواتها الجوية، وتعزيز أمنها القومي، والمشاركة بشكل أكثر فعالية في حفظ الأمن والاستقرار في منطقة البلقان.