علي الهاشم – باحث ومختص بمجال الدفاع والطيران والأنظمة العسكرية
سؤال يطرح نفسه: ما الرابط بين ما يحدث في كورسك وغزة؟
يبدو أن هناك تشابهاً في مصير مدينة كورسك الروسية وقطاع غزة، حيث تحولا إلى جبهات قتال في صراع دولي قد يمهد لحرب عالمية جديدة. هذه الحرب تضع الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو وإسرائيل في مواجهة مع روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران.
الأحداث في كلا المنطقتين ترتبط بدعم الغرب، بقيادة واشنطن، لأوكرانيا في مواجهتها مع روسيا، ولإسرائيل في صراعها مع حماس وحلفائها.
في تطور غير متوقع، تمكنت القوات الأوكرانية من احتلال أجزاء كبيرة من مدينة كورسك وضواحيها، ما أجبر الجيش الروسي على التراجع في موقف يصفه البعض بالكارثي. في المقابل، كثف الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية بعد اغتيال إسماعيل هنية في قلب إيران، مما وضع طهران في موقف حرج وأثار السخرية. كما استمر الطيران الإسرائيلي في استهداف عناصر حزب الله في لبنان، متحدياً الخطوط الحمراء، وممهداً الطريق لاحتمال غزو بري.
هذا التصعيد يشير إلى خطر مواجهة مباشرة بين موسكو وواشنطن، خاصة بعد أن حشدت الولايات المتحدة قوتها العسكرية بإرسال حاملتي طائرات وغواصتين نوويتين من فئة “أوهايو كلاس” القادرة على إطلاق صواريخ موجهة متعددة الأغراض.
احتلال أوكرانيا لأجزاء من الأراضي الروسية شكل صدمة للقيادة الروسية، مما زاد الضغط على الرئيس بوتين للتفكير في استخدام الأسلحة النووية التكتيكية، وهو الخيار الذي طالما لوّح به دون اتخاذ قرار نهائي. لكن استخدام هذه الأسلحة قد يكون كارثياً على روسيا نفسها، حيث أن تدمير كورسك بالإشعاع النووي سيعني خسارة المدينة لعقود طويلة، وسيؤدي إلى غضب واسع حتى داخل الكرملين.
استخدام روسيا لسلاح نووي تكتيكي قد يمنح الولايات المتحدة وإسرائيل ذريعة لاستخدام أسلحة مماثلة لضرب المنشآت النووية الإيرانية في نتانز وآراك، مما سينهي طموحات طهران النووية ويغير ميزان القوى في المنطقة. هذا السيناريو قد يقضي نهائياً على حل الدولتين ويمهد الطريق لإسرائيل لتعزيز سيطرتها على الأراضي الفلسطينية.
إنها ورطة نووية خطيرة، وعلينا أن نأمل أن تعيد الأطراف المتنازعة حساباتها قبل أن تصل الأمور إلى نقطة اللاعودة.