وفقاً للسياق المعتمد في الحروب والحملات العسكرية الكبيرة، والذي يتم التخطيط له مسبقاً على المستويين السياسي والإستراتيجي العسكري، يمكن إدراج عملية تفجير الأجهزة وإلحاق إصابات مميتة وحرجة بمسؤولين عسكريين في الحزب في عدة مستويات قيادية، ضمن ما يسمى “المرحلة التحضيرية” للحملة الهجومية المتوقع أن يشنها الجيش الإسرائيلي بهدف تغيير الواقع على الجبهة الشمالية، وقد وصلنا حالياً إلى توقيت ما يسمى في العلم العسكري “مرحلة القصف الإستراتيجي” وهي عملية قصف مكثَّف عنيف ومدمر، تستعمل فيها أقوى القنابل والصواريخ لتدمير كافة مقومات الصمود عند الخصم، حيث يتم استهداف مقرات القيادة والسيطرة وكل القواعد والمخازن اللوجستية العسكرية وطرق الإمداد والملاجيء والأنفاق على الجبهة وفي العمق، إضافة إلى كافة البنى التحتية والمصانع والمؤسسات والمنشآت الاقتصادية التي لها علاقة بموارده المادية والمعنوية. وتنفذ هذه المرحلة كافة الوسائط الأرضية والبحرية والجوية، بحيث تشل قدرات الخصم في كافة مناطق وجوده خلال فترة زمنية قد تصل إلى 24 ساعة أو أكثر، وهذا ما حدث في العام 2006، وتختلف مرحلة “القصف الإستراتيجي” عن ما يسمى “التمهيد الناري” بأن التمهيد الناري يتم قبل الهجوم البري مباشرة ولفترة قصيرة قبل أن يتم اجتياز خطوط التماس من قبل القوى المهاجمة، ويطال الأهداف والمناطق المنوي احتلالها بهدف تدمير وزعزعة البنية الدفاعية في تلك المناطق، مع الإشارة إلى أنه مهما اشتدت ضراوة القصف الإستراتيجي، فهذا لا يضمن هجوم بري ناجح للقوات الإسرائيلية، ولا يضمن تحييد المجموعات القتالية الأمامية على الجبهات، والتي تتمتع بمعنويات وخبرة عالية في مواجهة الدبابات وعناصر مشاة المهاجمين.
إذا كان قرار المضي في التصعيد والقيام بعمليات برية داخل الأراضي اللبنانية قد اتُّخذ من قبل الحكومة الإسرائيلية، فنحن بانتظار مرحلة “القصف الإستراتيجي” وهي مرحلة خطرة جداً على الجميع، وقد تطال معظم المناطق اللبنانية، ويجب التحسُّب لها وأخذ أقصى تدابير الحيطة، والاستعداد للكثير من العنف والتدمير الوحشي، وستستعمل فيها إسرائيل القنابل ذات الأوزان الثقيلة جداً والتي لها القدرة على تدمير المخازن والمقرات والأنفاق والمنشآت تحت الأرض، حيث توجد مجموعة ضخمة من صواريخ حزب الله الإستراتيجية بعيدة المدى، مثل فاتح وخيبر وزلزال، والتي تشكِّل التهديد الحقيقي للعمق الإسرائيلي. وقد تكون هذه المرحلة بداية تفجر الوضع في المنطقة على نطاق أوسع، والذي قد يشمل مناطق وجبهات غير لبنانية، ويأتي الاجتماع بين ممثلي الدول الغربية في فرنسا اليوم ليشير إلى خطورة الوضع والتحسب لاحتمالات نشوب حرب شاملة في المنطقة.