تفاصيل خطط إسرائيل لضربة كبرى ضد إيران

العقيد الركن م ظافر مراد

تستعد الحكومة الإسرائيلية، وعلى وجه الخصوص القوات الجوية الإسرائيلية، لتنفيذ ضربة قاسية على إيران رداً على الهجوم الصاروخي الإيراني الذي تعرضت له، وفي سياق التحضير لهذه الضربة، اجتمع قائد القيادة المركزية للولايات المتحدة التي تشمل منطقة الشرق الأوسط، الجنرال “مايكل كوريلا” بمسؤولين عسكريين إسرائيليين، وفي الوقت الذي ينتظر فيه العالم الرد الإسرائيلي على إيران، تعمل وزارة الدفاع الإسرائيلية للتحضير لهذا الرد على المستوى اللوجستي، وعلى مستوى تعديل الخطط المحضرة مسبقاً بما يتناسب مع الظروف والمستجدات الحالية.

أعلن مسؤولون أميركيون أن إسرائيل لديها جزء من القدرات التي تخولها استهداف المنشآت النووية الإيرانية، وأن الدولة الوحيدة القادرة على تدمير هذه المنشآت هي الولايات المتحدة الأميركية التي تمتلك كامل القدرات والأسلحة والذخائر المناسبة لذلك، وفي الوقت الذي يقرأ فيه البعض هذا التصريح على أنه مجرد تفسير علمي ومقارنة للقدرات العسكرية، يبدو جلياً أنه يخفي تهديداً أميركياً لإيران بأن موضوع استهداف المنشآت النووية الإيرانية هو جدي وقيد البحث.

تحتاج إسرائيل لتنفيذ هجومها على إيران إلى قدرات جوية وصاروخية متميزة، ونستطيع القول أن هذه الضربة هي بمثابة “حملة جوية” على مستوى إستراتيجي وسيكون لها مفاعيل سياسية كبيرة، وستستعمل فيها إسرائيل كامل أسرابها من طائرات F 35 الشبحية والقادرة على حمل القنبلة MK 84 التي يبلغ وزنها 2000 رطل، والتي تستعمل لتدمير الملاجيء والتحصينات العميقة، ويصل مفعولها التدميري عن طريق الصدمة والضغط إلى عمق 60 متراً تحت الأرض. لدي إسرائيل 39 طائرة من نوع  F 35وهناك معلومات غير رسمية عن استقدام عدد كبير منها لاحقاً، وتحتاج الطائرات التي ستنفذ الهجوم البعيد المدى على إيران، وقطع مسافة حوالي 2500 كلم، إلى مرافقة طائرات التزود بالوقود جواً في هذه المهمة، ولدى إسرائيل 14 طائرة تزود بالوقود جواً، منها 4 طائرات نوع KC -46 بوينغ، اشترتها إسرائيل من الولايات المتحدة في العام 2022، ومؤخراً تم استقدام 4 طائرات أميركية يُعتقد أنها من نفس النوع، من قواعد في دول اوروبية للمشاركة  في مرافقة هذه الحملة الجوية. وهذا مؤشر يؤكد الحجم الكبير للقوات الجوية الإسرائيلية المشاركة في هذه الضربة، ومدى الدعم الأميركي لها.

سيترافق الهجوم الإسرائيلي الجوي على الأرجح مع ضربات صاروخية كثيفة بعيدة المدى، ستصل إلى العمق الإيراني قبل دقائق من وصول الطائرات المهاجمة إلى الأجواء الإيرانية، وستدعم الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية هذه الحملة بطريقة غير مباشرة عن طريق تأمين المعلومات والقيام بإجراءات التشويش والحرب الإلكترونية والهجمات السيبرانية على مواقع عسكرية ومقرات قيادة وسيطرة إيرانية، إضافةً إلى تثبيت جبهة اليمن عن طريق قصف مواقع الحوثيين الذين سيتدخلون في مرحلة تنفيذ هذه الضربة أو بعدها. وبالنسبة للتوقيت فقد يمتد التحضير لها لوقتٍ ليس بقصير، ربما يمتد لعدة أيام، لأن هذه الضربة سيكون لها ارتدادات ومفاعيل خطيرة جداً، تستوجب الاستعداد جيداً لها، ليس في الداخل الإسرائيلي فقط، إنما على مستوى دول المنطقة وعلى مستوى القيادة المركزية الأميركية.

بالنسبة للأهداف التي ستتعرض للقصف في إيران، وعلى عكس ما يشاع حول استهداف منشآت نفطية، فهي على الأرجح ستستهدف مجمع الصناعات العسكرية الصاروخية قرب أصفهان، إضافة إلى القاعدة الجوية هناك، ويُعتقد أنه سيتم التركيز أيضا على القدرات البحرية الإيرانية من خلال استهداف ميناء بندر عباس وبعض القطع البحرية في محيطه، أما بالنسبة للمنشآت النووية، فهناك احتمال كبير باستهدافها أو استهداف منشأة واحدة على الأقل منها، والتي ربما تكون مجمع أصفهان وهو الأهم في المنشآت النووية، أو مفاعل أبو شهر القريب من مياه الخليج وهو الأسهل من حيث إمكانية الاستهداف.

لقد تغيرت قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، وأعلن نتانياهو عن تغيير جذري سيحدث في هذه المنطقة، وهو في الذكرى السنوية الأولى لعملية طوفان الأقصى اقترح تغيير تسمية العملية العسكرية التي تخوضها إسرائيل من “السيوف الحديدية” إلى “حرب القيامة” ما يشير إلى التطور الخطير وغير المسبوق في مستويات المواجهة، وإلى المدى الايديولوجي العميق والمرتبط بالمعتقدات اليهودية في هذه الحرب، ويعني ذلك أيضاً قبول درجات عالية جداً من المخاطر ومن الخسائر البشرية والمادية المتوقعة، فهل قصد نتانياهو بتغيير التسمية، أنها ستكون حربهم الأخيرة والحاسمة والتي لن تقف عند حدود؟