أيقونة السماء تستعيد بريقها.. طائرات “ميغ-25” الجزائرية تعود لتدهش العالم

تقرير راني زيادة

شهدت سماء الجزائر عودة أسطورة جوية، إذ حلقت طائرة ميغ-25 “فوكس بات” سوفيتية الصنع مجدداً بعد غياب سنوات. هذا الصقر الحديدي الذي كتب فصولاً مضيئة في تاريخ الطيران الحربي الجزائري، عاد ليشارك في احتفالات الذكرى السبعين للثورة، مذكراً بأيام المجد والقوة.

لقد كانت ميغ-25 حارسة الأجواء الجزائرية لعقود، وشاهدة على محطات تاريخية عديدة. لم تكن مجرد طائرة، بل رمز للقوة وعنوان لاستقلال الجزائر وكفاءة سلاحها الجوي.

تستحضر عودة ميغ-25 زمن شباب سلاح الجو الجزائري، حين كانت هذه الطائرة تجسد أحدث ما وصل إليه العلم في الطيران الحربي، وسلاحاً قوياً يرهب كل من يقترب من أجواء الجزائر.

تاريخ حافل

في نهاية عام 2022، أنهت القوات الجوية الجزائرية خدمة آخر سرب من طائرات ميغ-25 الاعتراضية الثقيلة، حيث قامت بآخر طلعاتها خلال احتفالات الذكرى الستين لاستقلال الجزائر. حينها، ضم الأسطول الجزائري 15 طائرة ميغ-25، منها 11 طائرة قتالية و4 طائرات استطلاع. في ذروة خدمتها، بلغ عدد هذه الطائرات نحو 40، ما جعل الجزائر واحدة من الدول القليلة التي تشغل طائرات ميغ-25 إلى جانب ليبيا، العراق، وسوريا. ومع تقهقر استخدامها في تلك الدول بفعل التوترات والصراعات، بقيت الجزائر الحارس الأخير لهذا الطراز الفريد.

تسلمت الجزائر أول دفعة من طائرات ميغ-25 عام 1978، شملت 20 طائرة اعتراض و9 طائرات استطلاع، إضافة إلى 150 صاروخاً من طراز R-40 جو-جو. جاء ذلك بعد 14 عاماً من استلام الجزائر لأول طائراتها السوفيتية، التي تضمنت ميغ-15 وميغ-17، تلتها قاذفات Il-28 في 1965. واستمرت الجزائر في تعزيز أسطولها بطلبات إضافية حتى أوقفت موسكو إنتاج “فوكس بات” عام 1985.

أدوار بارزة وأداء أسطوري

في عام 1988، استخدمت القوات الجوية الجزائرية طائرات ميغ-25 لفرض منطقة حظر طيران خلال مؤتمر منظمة التحرير الفلسطينية الذي استضافته الجزائر. وعندما اقتربت مقاتلات F-15 الإسرائيلية من المجال الجوي الجزائري، أجبرتها طائرات ميغ-25 على الانسحاب، معززةً سمعتها كقوة ردع جوي.

خلال الثمانينيات، حلقت طائرات ميغ-25 الجزائرية فوق غرب البحر الأبيض المتوسط وحتى المحيط الأطلسي، وسط توترات متزايدة مع المغرب وإسبانيا. تميزت هذه الطائرات بمدى طويل وقدرة عالية على الارتفاع والسرعة، مما جعلها قوة هائلة فتجنبت المقاتلات المغربية الاشتباك معها، في حين دفعت إسبانيا لشراء طائرات F-18 لمواجهة هذا التهديد.

لكن تفوق ميغ-25 تراجع مع ظهور الصاروخ AIM-120 الأميركي الذي يمتاز بتوجيه راداري نشط وقدرات متقدمة. ورغم تحديث الجزائر لطائرات ميغ-25 لتشمل إلكترونيات طيران من الجيل الرابع، إلا أنها فقدت مكانتها لصالح مقاتلات Su-30MKA الأكثر تطوراً في جميع جوانب الأداء تقريباً.

ومع أن طائرات ميغ-25 الجزائرية تعتبر من بين الأكثر تطوراً في الخدمة بعد تحديثها في التسعينيات، إلا أن تكاليف تشغيلها المرتفعة وتطور تقنيات الصواريخ الجوية جعل من تقاعدها أمراً حتمياً.

إحياء الأسطورة
تجسد عودة ميغ-25 اليوم رسالة صريحة للعالم بأن الجزائر قادرة على الحفاظ على إرثها العسكري وتطوير قدراتها الدفاعية.

اليوم، ومع عودة هذه الأسطورة، نستعيد فخراً عزيزاً، وننظر إلى المستقبل بتفاؤل.