العميد صلاح الدين الزيداني الأنصاري
تسعى الصين لمواجهة التحديات العالمية المتمثلة في ثورة التكنولوجيا الجديدة والمنافسة وتأكيد تفوقها في جهود تعزيز قدراتها الدفاعية الصاروخية وفي هذا المضمار ستقدم النظام الصاروخي الجديد الذي يحمل الإسم “العلم الأحمر- 19 Hongqi-” خلال فعاليات معرض تشوهاي الجوي 2024 القادم.
يجمع نظام HQ-19 بين عدد من التقنيات الحديثة التي تعكس مدى التطورات التي حققتها الصين في مجال الدفاع الصاروخي للتعامل مع تهديدات الصواريخ الباليستية داخل الغلاف الجوي وخارجه، خاصة وأن تصميمه مماثل من حيث المفهوم لنظام THAAD-ER الأمريكي.
يعود تاريخ تطويره إلى أواخر التسعينيات كجزء من برنامج 863 الصيني، الذي أعطى الأولوية للتقدم في قدرات الدفاع عالية التقنية وفي فبراير2021، أعلنت وزارة الدفاع الوطني الصينية عن تجربة أكدت أن HQ-19 يلبي جميع التوقعات بعد إجتيازه سلسلة الاختبارات من عام 2010 إلى عام 2021، مؤكدة على طبيعتها الدفاعية , وفي يونيو 2022 أجرت الصين اختبارًا تقنيًا بريًا لصواريخ مضادة للصواريخ الباليستية في منتصف مسارها، حيث قال المحللون إن الاعتراض الناجح أثبت موثوقية مظلة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية في البلاد
وأن النظام غير موجه إلى أي دولة معينة وأنه مصمم في المقام الأول لاعتراض الصواريخ الباليستية التي قد تطالها.
يعتقد أن نظام الدفاع الصاروخي HQ-19 يعمل بتقنية “الضرب للقتل”، وهي نموذجية للصواريخ الاعتراضية وهي الأقرب لتقنية مركبات القتل الحركي وهي تركز على اعتراض الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى أثناء مرحلتها النهائية (مرحلة إعادة الدخول إلى الغلاف الجوي)، على مديات تصل إلى 200 كيلومتر، وعلى ارتفاع يبلغ 150 كيلومترا وتدميرها عن طريق الاصطدام بها مباشرة باستخدام الطاقة الحركية الصرفة، وهي عادة لا تحمل رأسا حربيا متفجرا وقد حققت الصين قدرة عالية في تقنية القتل الحركي ظهرت في منظومتها الخارقة العلم الأحمر 19.
من المعروف بأن (مركبات القتل الحركي) هي مقذوفات تعتمد فقط على الطاقة الحركية العالية للقذيفة لإلحاق الضرر بالهدف ، بدلا من استخدام أي حمولة متفجرة أو حارقة أو كيميائية أو إشعاعية وتعتمد نظرية عمل هذه الأسلحة على تحقيق سرعة طيران عالية – بشكل عام أسرع من الصوت أو حتى تصل إلى سرعة فائقة لتصطدم بأهدافها ، وتحول طاقتها الحركية ودافعها النسبي إلى موجات صدمة وحرارة عالية مدمرة
يتميز النظام HQ-19 بمجموعة من الخصائص الفنية التي تجعله يعمل بشكل فعال فهو يستخدم آلية الإطلاق البارد بزاوية شديدة الميل وهذا الوضع يمكنه من إعتراض الصواريخ البالستية المعادية بشكل دقيق كما أن رادار المعلومات 610A المدمج مع نظام القيادة والملحق بالمنظومة يستطيع كشف وتتبع الأهداف المعادية على مسافات تصل إلى حوالي 4000 كم ما يعني أنه يغطي مناطق كبيرة من شمال جنوب آسيا حتى المناطق الداخلية في الصين.
ومع التطور المستمر لتكنولوجيا الصواريخ الصينية ، من المتوقع أن تستمر الصين في تحسين وتطوير نظام HQ-19، مما يعزز من قدراته ويجعله أكثر فاعلية في مواجهة التهديدات الحديثة خاصة وقد حققت الصين قدرة ملحوظة في تكنولوجيا القتل الحركي، حيث تعتبر الدولة الثانية التي طورت هذا النهج بعد الولايات المتحدة وقد أثبتت اختبارات متعددة نجاح صواريخ HQ-19، في الاعتراض على ارتفاع يزيد عن 200 كيلومتر وسرعات نسبية تصل إلى 10000 متر في الثانية.
تظل التفاصيل سرية ومع ذلك تتوفر بعض التسريبات التي تناقلتها وسائل الإعلام المتخصصة عن المنظومة وتشير التقارير إلى أن منظومة HQ-19 أكثر تميزاً من مثيلاتها وأن مدى اعتراض HQ-19 يصل إلى 3000 كيلومتر مما يسمح لها بالاشتباك مع الصواريخ الباليستية ضمن هذا النطاق، بما في ذلك رؤوسها الحربية المعادية مما يعزز احتمالية الاعتراض الناجح بشكل كبير مع تقليل مخاطر الأضرار الجانبية.
يتكون النظام من وحدات إطلاق متحركة، ورادارات للكشف والتمركز، ومراكز قيادة للتحكم في العمليات وتنفيذ الأوامر وبالإضافة إلى قاذف HQ-19، مع أنظمة تكميلية مثل HQ-9 وHQ-26 ويوفر رادار الصفيف المرحلي HQ-19، قدرات الإنذار المبكر التي تدعم الدفاع الصاروخي متعدد الطبقات كما أن تغطية الرادار وقدرات الاعتراض التي يتمتع بها النظام تجعله بمثابة إجراء مضاد ضد للتهديدات الإقليمية المحتملة، بما في ذلك أنظمة الصواريخ الباليستية من البلدان المجاورة.
نظام التوجيه للصاروخ HQ-19 مشابه لنظام ثاد وهو مزود بباحثً بالأشعة تحت الحمراء في نافذة جانبية حيث يمكن لتصميم النافذة أن يقلل من تأثير الاحتكاك الجوي والحرارة على اكتشاف مستشعر الأشعة تحت الحمراء، ما يمنح الصاروخ القدرة على الاعتراض في الغلاف الجوي وتوفير استهداف دقيق على ارتفاعات عالية ، ويمكنه استخدام باحث طاقة حركية أخف لزيادة ارتفاع ومدى الصاروخ الاعتراضي.
يعمل الصاروخ بمحرك صاروخي صلب من مرحلتين، يشتمل على هيكل من ألياف الكربون والوقود الصلب N-15B يوفر هذا التكوين نبضة محددة لمدة 260 ثانية، مما يدعم القدرة العالية على المناورة لاعتراض الرؤوس الحربية أثناء الحركة يتميز تصميم محرك الصاروخ بقدرة نبضة مزدوجة، مما يحسن من فعالية الحركية النهائية ما يسمح للصاروخ بمرونة المناورة أثناء الاعتراض.
في فبراير 2021، أعلنت وزارة الدفاع الوطني الصينية عن تجربة أكدت أن HQ-19 يلبي جميع التوقعات خاصة وأن الصين أجرت العديد من هذه الاختبارات من عام 2010 إلى عام 2021، مؤكدة على طبيعتها الدفاعية وفي يونيو 2022، أجرت الصين اختبارًا تقنيًا بريًا لصواريخ مضادة للصواريخ الباليستية في منتصف مسارها، حيث قال المحللون إن الاعتراض الناجح أثبت موثوقية مظلة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية في البلاد
وأن النظام غير موجه إلى أي دولة معينة وأنه مصمم في المقام الأول لاعتراض الصواريخ الباليستية التي قد تطالها.
يأتي الاعلان عن منظومة صواريخ HQ-19 كخطوة مهمة في تحديث قدرات الدفاع الجوي للجيش الصيني لتصطف منظومة HQ-19 كأحدث منتوج صيني منافس لنظام صواريخ THAAD الأمريكي ومنظومة S-400 ومنظومة أقني Agni-4 وAgni-5 الهندية ومنظومة “آرو”الإسرائيلية ومنظومة Cheongung II الكوري الجنوبي , بل وتتفوق عليها وتعلن للعالم إنطلاق التنين الصيني في هذا المجال الحيوي الذي يمثل جزءًا من الاستراتيجية الوطنية الصينية الأوسع لتعزيز أمنها وحماية أجوائها كخطوة مهمة في تحديث قدرات الدفاع الجوي الصاروخي للجيش الصيني.