تقرير نسرين شاتيلا
تسعى كوريا الجنوبية إلى تغيير معالم ساحة المعركة المدرعة من خلال إطلاق مشروع دبابتها المستقبلية K3. تمثل هذه الدبابة الجيل القادم من دبابات السلسلة K، حيث تعتمد على خلايا الوقود الهيدروجينية وتقنيات أخرى متقدمة، مما يجعلها واحدة من أكثر الدبابات تطورًا في العالم. تهدف الدبابة K3 إلى أن تكون الأولى عالميًا التي تعمل بالطاقة الهيدروجينية، حيث يجري تطويرها من قبل شركة هيونداي “آر إم اتش” بالتعاون مع وكالة التنمية الدفاعية الكورية.
تبدأ كوريا الجنوبية بمشروع طموح لإنتاج أول دبابة قتالية رئيسية في العالم تعمل بالطاقة الهيدروجينية، حيث تُعتبر K3 خطوة رئيسية نحو دمج التكنولوجيا النظيفة في التطبيقات العسكرية. ومن المتوقع بدء الإنتاج بحلول عام 2040، لتكون K3 مجهزة بتقنيات فائقة تشمل خلايا الوقود الهيدروجينية وأنظمة الاستشعار المستقلة.
تدمج K3 بين قوة نيران متقدمة ومرونة عالية وتقنيات تخفي معززة، مما يعكس اتجاهاً عالمياً نحو تطوير تقنيات دفاعية تدمج الاستدامة مع القدرات القتالية. يجمع التصميم بين الأداء الصامت وتقليل الانبعاثات الحرارية، مما يعزز من قدرتها على تنفيذ مهام دقيقة.
أما على صعيد القوة النارية، تأتي الدبابة K3 مزودة بمدفع أملس عيار 130 ملم، مما يوفر قوة نيران فائقة مقارنة بالدبابة K2، لتصبح قادرة على استهداف الأهداف على مسافات تصل إلى 5 كيلومترات. تتميز المدفعية بتصميم جديد يسمح بتركيب برج غير مأهول، ليعزز من أمان الطاقم.
أما من حيث الدفاع، تعتمد K3 على تكنولوجيا الدرع الطبقي، الذي يجمع بين الصلب والسيراميك والمواد المركبة. هذا الدرع مُصمم لتشتيت المقذوفات الحديثة، مما يحسن من تحمل الدبابة للتهديدات المتقدمة. تضيف أيضًا نظام حماية نشط وأنظمة تشويش ضد الطائرات المسيرة، ما يوفر حماية شاملة للدبابة ضد مجموعة واسعة من التهديدات.
تتجلى إحدى الابتكارات البارزة في نظام التحكم الناري المعتمد على الذكاء الاصطناعي، الذي يساعد في تحديد واستهداف الأهداف بكفاءة عالية، مما يعزز من سرعة رد الفعل والدقة في البيئات القتالية. يدعم النظام التلقائي للتحميل طاقم الدبابة ويقلل من الجهد، مما يزيد من فاعليتها على أرض المعركة.
إن تطوير الدبابة K3 يعكس طموح كوريا الجنوبية في تحقيق الريادة التكنولوجية في أنظمة الدفاع المستدامة، ومن المرجح أن يُلهم هذا المشروع دولاً أخرى لاستخدام التكنولوجيا الخضراء في القوات المسلحة بالتزامن مع هذا التطور المثير، يعكس إطلاق الدبابة K3 الهيدروجينية الطموح الكوري الجنوبي نحو مستقبلٍ عسكري أكثر استدامة وصديقة للبيئة. يمكن لهذه الدبابة أن تكون نموذجًا عالميًا يدفع دولًا أخرى إلى تبني الطاقة النظيفة في تسليحها، مما يقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري ويخفف من الأثر البيئي للعمليات العسكرية.
يتوقع الخبراء أن تساهم الدبابة K3 في تحقيق نقلة نوعية في الكفاءة القتالية، حيث تسمح تكنولوجيا الهيدروجين بتقليل البصمة الصوتية والحرارية للدبابة، ما يجعلها أقل قابلية للكشف من قبل أنظمة الاستشعار المعادية. كما أن قدرتها على إطلاق الطائرات المسيرة الصغيرة لجمع المعلومات الاستخبارية الفورية، تضعها في موقع متميز للقيام بمهام الاستطلاع والدعم اللوجستي دون حاجة لتعرض الطاقم للخطر.
يعكس التصميم المنخفض والهيكل الأملس للدبابة K3 رؤية متقدمة لتقليل بصمتها الرادارية، ما يمنحها ميزة تكتيكية مهمة في البيئات القتالية المعقدة. بفضل التكنولوجيا المتقدمة في الاستشعار الذاتي والقيادة الذاتية، يمكن للدبابة K3 التنقل بفعالية في الميدان ومواجهة العوائق الطبيعية والمعادية بمرونة وكفاءة.
المستقبل والابتكار العسكري المستدام
من المنتظر أن يتم اختبار نماذج أولية هجينة تجمع بين محركات الديزل وخلايا الهيدروجين في مرحلة مبكرة قبل الانتقال إلى النموذج الهيدروجيني الكامل بحلول 2040. هذا النهج الهجين يُمكن كوريا الجنوبية من تقييم أداء التكنولوجيا الجديدة، وتطويرها لتحسين كفاءتها، واستغلالها في تطبيقات أخرى.
وبما أن K3 تعتمد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحسين أداء أنظمتها القتالية، فإنها ترسم ملامح جديدة لكيفية تفاعل الدبابات الحديثة مع الأهداف ومع البيئات القتالية في الوقت الحقيقي. يمكن للذكاء الاصطناعي دعم طاقم الدبابة في اتخاذ قرارات أكثر دقة وسرعة، مما يُحسن من فاعليتها ويحسن من فرصها في البقاء.
بإطلاق مشروع الدبابة K3، تثبت كوريا الجنوبية أنها ليست فقط في طليعة الابتكار الدفاعي، ولكنها أيضًا تقود مسارًا جديدًا في تطبيق التقنيات الصديقة للبيئة في الأنظمة العسكرية، ومن المؤكد أن هذا الابتكار سيؤثر في مستقبل الدبابات القتالية حول العالم، ويشجع الدول الأخرى على استكشاف إمكانات الطاقة النظيفة في الدفاع.