التحديات التي تواجه المجمع الصناعي العسكري الروسي ما بعد الحرب في أوكرانيا.. الصين تكتسح الأسواق التقليدية للأسلحة الروسية

باتريشيا مارينز

أشرتُ في تحليل سابق إلى أن التحديات الحقيقية التي ستواجهها روسيا ستظهر جليًا بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا. ومن بين هذه التحديات، تبرز صعوبة تمويل المجمع الصناعي العسكري الروسي المُعاد هيكلته وتوسيعه، والذي يشمل قطاعات حيوية كصناعة الصلب والشركات المرتبطة بها. فالحرب الدائرة في أوكرانيا تُحرك الاقتصاد الروسي برمته، من الصناعات الدفاعية إلى القطاع الزراعي، الذي يشهد نموًا في الإنتاج وارتفاعًا في الأجور لتلبية المتطلبات العسكرية المتزايدة.

لكن السؤال المطروح: ما الذي سيحدث بعد انتهاء هذه الحرب؟

يعتمد تمويل الصناعات العسكرية الروسية على وزارة الدفاع، التي تعتمد بدورها على آلية البيع بأسعار مُخفضة في السوق المحلي وتحقيق الأرباح من الصادرات. وهنا يكمن جوهر المشكلة. فبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، تمتعت روسيا بمنطقة نفوذ واسعة وسوق مضمونة لتصريف معداتها العسكرية. لكن هذه المنطقة تقلصت بشكل كبير، وأصبحت دائرة النفوذ الروسي مُهددة، خاصة مع بروز مُنافسين من الشرق قادرين على تقديم أسعار تنافسية.

منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، اضطرت روسيا إلى تعليق صادراتها من المعدات البرية، ما أوجد فراغًا استغلته الصين ببراعة. فقد تحول العديد من العملاء الأفارقة السابقين لروسيا، مثل غانا وساحل العاج والسنغال وبوركينا فاسو، إلى شراء المعدات الصينية بعد عام 2022. فعلى سبيل المثال، اقتنت بوركينا فاسو حوالي 300 مركبة صينية، بما في ذلك مركبات VN-22B المدرعة، التي باتت مُتاحة لدول أفريقية أخرى أيضًا.

لم تتوقف الطموحات الصينية عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل الجزائر، التي تُعد أكبر مُستورد للأسلحة الروسية على مستوى العالم. فقد أجرت الصين اختبارات مُقارنة بين دبابة VT-4 ودبابة T-90 الروسية، وتشير بعض المصادر إلى قرب إتمام صفقة ضخمة لتوريد الدبابات الصينية للجزائر.

وفي خطوة أخرى، أنشأت الصين مصنعًا في العراق لإنتاج مركبات VN-22 محليًا، في بلد يُعتبر تاريخيًا من كبار مُشتري الأسلحة الروسية.

كما ذكرتُ سابقًا، ستواجه روسيا تحديات جمة في الحفاظ على مجمعها الصناعي العسكري، ما سيفرض عليها تقديم تضحيات في مجالات حكومية أخرى. ورغم تعليق صادرات المعدات البرية، لا تزال روسيا تُصدر الطائرات والمروحيات، ما يُشير إلى احتفاظها بحصة من سوقها مع بعض العملاء.

ختامًا، رغم أنني أتوقع أن تواجه روسيا مشاكل كبيرة ما بعد الحرب، تشمل تباطؤًا اقتصاديًا وارتفاع تكاليف المعاشات وصعوبات في الحفاظ على مجمعها الصناعي العسكري، إلا أنها لا تزال بعيدة عن الانهيار. فقد واصلت روسيا تسليم الوحدات الجوية والبحرية، واحتفلت مؤخرًا بتدشين غواصة نووية جديدة.