من الخيال العلمي إلى الواقع: نظرة على أحدث المركبات القتالية المستقلة في العالم

خاص – دفاع العرب

لم تعد المركبات القتالية المستقلة (ACVs) مجرد مفهوم مستقبلي يقتصر على أفلام الخيال العلمي، بل أصبحت واقعًا تكنولوجيًّا ملموسًا يعيد تشكيل ملامح الحروب الحديثة. مع التطورات السريعة في الذكاء الاصطناعي والروبوتات والتقنيات العسكرية، تنتقل هذه المركبات من مرحلة النماذج الأولية إلى أصول قتالية فعلية في ساحة المعركة. فما هي أحدث التطورات في هذه التقنية؟ وما الإمكانات التي توفرها؟ وما التحديات التي تواجه استخدامها؟

التقنيات الأساسية للمركبات القتالية المستقلة

تعتمد المركبات القتالية المستقلة على ثلاث ركائز أساسية: الذكاء الاصطناعي، تكامل أنظمة الاستشعار، وأنظمة الدفع المتقدمة.

  • الذكاء الاصطناعي: يمكّن المركبات من معالجة كميات هائلة من البيانات في الوقت الفعلي، ما يسمح لها بالتنقل في بيئات معقدة، وتحديد التهديدات، واتخاذ القرارات التكتيكية من دون تدخل بشري مباشر.
  • أنظمة الاستشعار: توفر تقنيات مثل الرادارات والتصوير الحراري رؤية شاملة بزاوية 360 درجة لساحة المعركة، مما يعزز من إدراكها للمواقف القتالية.
  • أنظمة الدفع المتقدمة: تساعد التقنيات الحديثة، مثل المحركات الهجينة والكهربائية، في جعل المركبات أكثر هدوءًا وكفاءة مقارنة بالمركبات المدرعة التقليدية.

أبرز المشاريع العسكرية للمركبات القتالية المستقلة

تتنافس القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين، في تطوير هذه المركبات لتعزيز قدراتها العسكرية.

برنامج المركبات القتالية الروبوتية للجيش الأمريكي (RCV)

يقسم البرنامج إلى ثلاث فئات:

  • RCV-Light: مركبة خفيفة مزودة بأجهزة استشعار متقدمة وأسلحة خفيفة، مصممة لمهام الاستطلاع، كما يمكنها نشر طائرات مسيرة لتوسيع نطاق المراقبة.
  • RCV-Medium: تجمع بين القدرة على التنقل والقوة النارية، حيث تحمل مدافع متوسطة العيار ويمكن تهيئتها لمهام الحرب الإلكترونية أو تدمير الدبابات.
  • RCV-Heavy: مركبة ثقيلة مزودة بتسليح قوي، يشمل صواريخ مضادة للدروع ومدفعًا ذاتي الحركة من عيار 30 ملم، مصممة للاشتباكات عالية الكثافة.

أوران-9: مركبة القتال غير المأهولة الروسية

خضعت المركبة الروسية “أوران-9” لسلسلة من التعديلات بعد نشرها في سوريا، حيث أضيفت لها أنظمة اتصال محسنة، وخوارزميات ذكاء اصطناعي متقدمة، مما يعزز من قدرتها على تحديد الأهداف ذاتيًّا. تحمل تسليحًا قويًّا يشمل مدفعًا من عيار 30 ملم وأربعة صواريخ مضادة للدبابات، مما يجعلها مناسبة لحروب المدن ودعم المشاة.

نظام “ثيميس” الإستوني

يعتبر “ثيميس” من أبرز الأنظمة الأوروبية في مجال القتال المستقل، حيث يتميز بتصميمه المعياري الذي يسمح بتعديله لمهام الاستطلاع، الدعم اللوجستي، أو القتال المباشر. وقد أثبت كفاءته خلال تدريبات مع قوات الناتو، مما يعكس تطور القدرات الأوروبية في هذا المجال.

الصين وبرنامج تحديث الدبابات القديمة

تعمل الصين على تحديث دبابات “تايب-59” القديمة وتحويلها إلى منصات قتالية مستقلة، مزودة بأنظمة استهداف تعتمد على الذكاء الاصطناعي وقدرات تشغيل عن بُعد، مما يوفر طريقة اقتصادية لتوسيع أسطولها من المركبات القتالية المستقلة.

الأدوار القتالية للمركبات المستقلة

تتعدد استخدامات المركبات القتالية المستقلة في ساحة المعركة لتشمل التالي:

  • الاستطلاع: تسبق المركبة القتالية القوات البشرية في تحديد التهديدات وتقديم معلومات استخباراتية آنية، كاستخدام القوات الأمريكية مركبات مزودة بكاميرات حرارية ومسيرات لتحديد مواقع العدو.
  • الدعم اللوجستي: تنقل المركبات الإمدادات والمعدات عبر التضاريس الوعرة، كما هي الحال مع نظام “Squad Mission Support System” الأمريكي، الذي يساعد في تقليل الأعباء اللوجستية على الجنود.
  • القتال المباشر: تدعم المركبات الثقيلة مثل “RCV-Heavy” و”أوران-9″ القوات المأهولة في الاشتباكات، حيث تهاجم الأهداف المعادية، وتقضي على المدرعات، وتؤمن مواقع استراتيجية.

التحديات والقيود

رغم إمكاناتها الهائلة، تواجه المركبات القتالية المستقلة تحديات عدة:

  • الاعتبارات الأخلاقية والقانونية: يثير استخدام هذه المركبات في عمليات القتل المستهدف جدلًا عالميًّا، حيث تناقش الهيئات الدولية ضرورة وضع ضوابط قانونية تنظم استخدام الأنظمة المستقلة القاتلة.
  • الأمن السيبراني: تعتمد المركبات المستقلة على شبكات اتصال متقدمة، مما يجعلها عرضة للهجمات الإلكترونية. في حال تعرضها للاختراق، يمكن للأعداء تعطيلها أو حتى تحويلها ضد مشغليها.
  • التنسيق مع الوحدات البشرية: لا تزال بعض الجيوش تواجه صعوبة في دمج هذه الأنظمة بسلاسة ضمن عملياتها القتالية التقليدية، خاصة في ما يتعلق بالتواصل بين البشر والآلات.

المستقبل: نحو حرب قائمة على الذكاء الاصطناعي

يتوقع أن تزداد أهمية المركبات القتالية المستقلة في الاستراتيجيات العسكرية، خصوصًا مع تطوير تقنيات “سرب الذكاء الاصطناعي”، حيث تعمل عدة مركبات مستقلة معًا في تنسيق ذاتي. كما تسعى الجيوش إلى دمج المركبات البرية المستقلة مع الطائرات المسيرة والأنظمة الروبوتية الأخرى، مما يتيح تنفيذ عمليات قتالية متقدمة بحد أدنى من التدخل البشري.