جناح روسيا الأكثر ازدحامًا في “آيدكس 2025”: هل يعكس تحولًا حقيقيًا في سوق السلاح العالمية؟

سامي اورفلي

في خطوة استباقية لاستعادة موقعها الريادي في سوق السلاح العالمية، استعرضت الشركات الدفاعية الروسية عضلاتها بقوة خلال فعاليات معرض “آيدكس 2025”. فقد اكتسبت منطقة الشرق الأوسط أهمية بالغة ضمن استراتيجية الصادرات الروسية، حيث أفاد سيرغي تشيميزوف، الرئيس التنفيذي لمؤسسة “روستيك” الروسية، أن المنطقة استأثرت بنحو 50% من عقود “روسوبورون إكسبورت”، الشركة المسؤولة عن تصدير الأسلحة الروسية. وبعد سنوات من التضاؤل في التواجد الدولي، شهد المعرض عودة مدوية للشركات الروسية إلى هذا المحفل، حيث اجتذب جناحها مشاركة ما يزيد عن 10 عارضين روس وسط إقبال كثيف من الزوار والمهتمين.

ومثّلت هذه العودة تحولًا لافتًا مقارنة بمعرض “آيدكس 2023″، والذي تضاءل فيه الحضور الروسي واقتصر على جناح متواضع في موقع ثانوي خارج القاعة الرئيسية.

وفي إطار جهودها المكثفة لاستعادة حصتها السوقية، انتهجت روسيا استراتيجية طرح باقة من المنتجات المتطورة، حيث أزاحت العديد من الشركات الدفاعية الروسية الستار عن منظومات حديثة عشية انطلاق المعرض. وفي هذا السياق، أوضح تشيميزوف أن التعاون لم يعد مقصورًا على توريد المنتجات النهائية، بل تجاوزه إلى الشراكات التكنولوجية وتنفيذ مشاريع إنتاج الأسلحة في مواقع العملاء في منطقة الشرق الأوسط، وهو خيار يخضع للبحث المعمق مع عدة دول في المنطقة.

وكشف تشيميزوف عن أن الشركات الروسية المشاركة في المعرض قدمت ما يناهز 200 منتج عسكري متنوع، شملت طيفًا واسعًا من المركبات المدرعة، ووحدات القتال والمدفعية، والذخيرة، وأنظمة مكافحة الطائرات، والأسلحة الصغيرة. ومن أبرز هذه المعروضات كانت دبابة T-90MS المطورة، والتي أشاد بها تشيميزوف واصفًا إياها بأنها “واحدة من أكثر الدبابات ذكاءً في العالم” بفضل التحسينات التي أُدخلت على أنظمة الاستشعار والقدرة النارية والدروع المقاومة للطائرات المسيرة والأسلحة المضادة للدبابات. كما شهد المعرض الكشف عن نسخة معدلة من نظام الدفاع الجوي “بانتسير” بقدرة استيعاب بلغت 48 صاروخًا صغيرًا لمواجهة الطائرات المسيرة، ونظام “كورنيت” الصاروخي الجديد يتم التحكم به عن بعد.

وعرضت شركة “كلاشنيكوف” تشكيلة واسعة من الأسلحة الخفيفة، تضمنت المدفع الرشاش “RPL-7″، والإصدارات الجديدة من بنادق “AK-12 وAK-15″، وبندقية القنص “Chukavin”، ونظام الدفاع الجوي “كرونا-إي”. وفي قطاع الطيران، تألقت المروحية متعددة الاستخدامات Ka-32، والمروحيات المطورة Ansat و Mi-38، بالإضافة إلى الطائرة الانتحارية “كوب-2E”.

وإلى جانب الأسلحة التقليدية، أولت روسيا اهتمامًا متزايدًا بتطوير القدرات في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات العسكرية. وفي هذا الصدد، أشار تشيميزوف إلى أن “روستيك” انكبت على تطوير أنظمة قتالية آلية متقدمة، من بينها المنصة الروبوتية “ديبيشا” متعددة المهام، ونظام “بروميثيوس” لتحويل المركبات القتالية إلى أنظمة ذاتية القيادة.

عكست هذه التطورات توجهًا راسخًا لدى روسيا نحو دمج التقنيات المتقدمة في منظومتها الدفاعية، وعدم الاقتصار على تطوير الأسلحة التقليدية فقط. فهل ستفلح موسكو في مسعاها الطموح لتغيير موازين القوى في سوق التسلح العالمية، والذي لا يقتصر على الأسلحة التقليدية المتطورة، بل يتعداه أيضاً إلى التوجه نحو الذكاء الاصطناعي والروبوتات العسكرية والشراكات التكنولوجية في منطقة الشرق الأوسط؟ وهل سيكون بمقدورها تجاوز شبكة العقوبات والتحديات السياسية التي لا تزال تعترض طريقها؟ تساؤلات مشروعة تظل معلقة في سماء صناعة الدفاع العالمية، إذ يبقى المستقبل وحده كفيلًا بالإجابة عن هذا التساؤل المحوري. ففي خضم صراع الأقطاب على سوق السلاح المحتدم، تتواصل فصول المعركة على النفوذ والريادة بشراسة.