
خاص – دفاع العرب
كشفت كل من مجموعة “ميلريم روبوتيكس” الإستونية و”إيدج” الإماراتية، خلال فعاليات معرض ومؤتمر الدفاع الدولي “آيدكس 2025″، عن أحدث إضافاتهما إلى ترسانة الحرب البرية المستقبلية: المركبة القتالية الروبوتية “هافوك 8×8”. لا يمثل هذا الكشف مجرد إضافة جديدة إلى ساحة المعرض، بل يشير إلى تحول نوعي في مفهوم العمليات القتالية البرية، ودخول عصر جديد من الأنظمة غير المأهولة القادرة على تغيير موازين القوى.
تجسد “هافوك 8×8” قمة التطور في فئة المركبات القتالية غير المأهولة، حيث تمثل دمجًا عبقريًا لأحدث التقنيات في مجالات الذكاء الاصطناعي، وأنظمة الحركة المتقدمة، والتسليح المتطور. هذه المنصة الروبوتية تتجاوز المفهوم التقليدي للمركبات القتالية، لتقدم نظامًا فائق الكفاءة والأداء، مصممًا لتحقيق التفوق الحاسم في العمليات الهجومية والدفاعية على حد سواء، وفي مختلف الظروف البيئية والقتالية.
تتميز “هافوك آر سي في” بمجموعة من الخصائص الفريدة التي تضعها في طليعة المركبات القتالية الروبوتية كالدقة الفائقة في الأداء التي تمكنها من الاشتباك مع الأهداف بكفاءة عالية، القدرة الاستثنائية على التكيف مع مختلف السيناريوهات القتالية والتضاريس المعقدة، بالإضافة إلى المستوى الاستثنائي من البقاء في ساحة المعركة مما يجعلها أقل عرضة للخطر مقارنة بالمركبات المأهولة.
وفقًا لتصريحات السيد باتريك شيبرد، مدير المبيعات في شركة ميلرم، تعتمد المركبة على محرك كهربائي هجين يمنحها مدى عمليات يصل إلى 600 كيلومتر، مع إمكانية التشغيل الهادئ الذي يُخفي الإشارات الحرارية والصوتية، مما يوفر ميزة تكتيكية خاصةً في العمليات الليلية.
صُممت المركبة لمواجهة التهديدات البرية والجوية على حد سواء، وجُهزت بمنظومة تسليح عالية الدقة، تتضمن مدفعًا رشاشًا أو قاذفة الصواريخ “فرانكنبيرغ تكنولوجيز” المصممة خصيصًا لمهام مكافحة الطائرات المسيّرة.
وأوضح شيبرد أن منصة الحمولة السقفية القادرة على حمل 5 أطنان تسمح بتركيب أي نظام يتوافق مع متطلبات العملاء، سواء أكان ذلك مدفعًا من عيار 30 ملم أو أنظمة لإطلاق الطائرات بدون طيار أو معدات هندسية متخصصة مثل مكافحة الألغام. هذه المرونة تتيح للمستخدمين تخصيص المركبة بحسب مهامهم الخاصة.
تتميز “هافوك” بقدرتها على تحقيق سرعة تصل إلى 110 كم في الساعة على الطرق الممهدة و50 كم في الساعة على التضاريس الوعرة. كما أنها مُصممة لعبور العوائق بفضل قدرتها على تسلق منحدرات بزاوية ميل تصل إلى 60 درجة، والمناورة في مساحات ضيقة بفضل نصف قطر دوران لا يتجاوز الـ 10 أمتار، إضافة إلى قدرتها على اجتياز عوائق رأسية بارتفاع يصل إلى 0.6 متر وخوض المياه بعمق يصل إلى متر واحد.
وأفاد السيد شيبرد بأن المركبة قد خضعت لاختبارات عملية في السويد باستخدام النظام الذاتي ونظام التحكم عبر “ستارلينك”، حيث ثبتت قدرتها على التشغيل لمسافة تزيد عن 1000 كم، مما يعزز من أمان المشغل ويقلل من المخاطر التشغيلية.
تزود “هافوك” بمنظومات استشعار حديثة تُمكنها من الكشف السريع عن التهديدات والأهداف في ساحة المعركة، مما يتيح استجابة فورية للتغيرات العملياتية.
تتمتع المركبة بمعيار الحماية “STANAG 4569 Level 3″، الذي يوفر مقاومة متقدمة ضد المقذوفات الباليستية وشظايا القذائف وانفجارات الألغام الخفيفة. وعلى الرغم من عدم امتلاكها لتدريع ثقيل كالذي تتمتع به دبابات القتال الرئيسية، فإن سرعة المركبة ومناوراتها الحادة وتكتيكاتها المراوغة القائمة على الذكاء الاصطناعي تُعزّز من قدرتها على تجنب هجمات العدو.
علاوة على ذلك، تتميز أنظمة المركبة بمقاومة عالية للإجراءات الإلكترونية المضادة، مما يمنع التشويش عليها، ويسمح لها بالعمل باستقلالية تامة من دون الاعتماد على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، وهو ما يضمن استمرار أدائها الوظيفي في البيئات العملياتية المتنازع عليها.

“هافوك” في ميزان التقييم الاستراتيجي
لا شك أن “هافوك 8×8” تمثل قفزة نوعية في مجال المركبات القتالية الروبوتية، وتضع معيارًا جديدًا لهذه الفئة من الأنظمة. بقدراتها المتفوقة في الحركة، وقوة النيران المرنة، والوعي الظرفي المتقدم، والقدرة على العمل باستقلالية، تقدم “هافوك” إمكانيات غير مسبوقة للقوات المسلحة في مختلف السيناريوهات القتالية.
ومع ذلك، يبقى السؤال المطروح: هل ستنجح “هافوك” في تجاوز التحديات العملية والتكتيكية التي لا تزال تواجه المركبات الروبوتية في ساحة المعركة الحقيقية؟ وهل ستتمكن من تغيير المفاهيم التقليدية للعمليات البرية، وقيادة عصر جديد من الحروب تعتمد بشكل أساسي على الأنظمة ذاتية التشغيل؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة، وستكشف ما إذا كانت “هافوك” ستصبح بالفعل أيقونة الجيل القادم من القوات القتالية الروبوتية، أم ستواجه مصير العديد من التقنيات الثورية التي لم تر النور في ساحات القتال الحقيقية.