كيف تحسم الرادارات الحديثة المعارك الجوية؟ نظرة على أقوى الأنظمة

العقيد الركن م. ظافر مراد

لا زالت الرادارات تمثِّل الجزء الأهم من المنظومات القتالية على الرغم من عدم تصدُّرها واجهة الاهتمام في الإعلام العسكري وفي الدعاية والتسويق لصناعات الدفاع، وحدهم الخبراء والمحترفون يدركون أهمية الرادارات، ويؤمنون أن قدراتها وميزاتها هي التي تحدد بنسبة كبيرة التفوق في المعركة الحديثة، لا سيما في الجو والفضاء، وكما كان استخدام الرادار في الحرب العالمية الثانية من قبل البريطانيين بدايةً، مفصلاً أساسياً قلب ميزان القوى لصالح الحلفاء، وساهم بشكلٍ أساسي في انتصارهم، بقي الرادار لغاية اليوم محافظاً على أهميته ودوره الحاسم في اكتشاف الأخطار الثابتة أو المتحركة في مسرح العمليات، وفي نشاطات الرصد والمراقبة لكل هدف هام وحساس، والجدير ذكره هنا أن الأبحاث في تقنيات الرادارات لم تقتصر حينها على البريطانيين فقط، بل سبقهم في ذلك الألمان والفرنسيين والأمريكيين والروس في تطوير أنظمة رادار خاصة تعتمد نفس المبدأ في السنوات التي سبقت الحرب العالمية الثانية، ولكن كان البريطانيون هم أول من استخدم هذه التقنية لخدمة الأعمال العسكرية بشكلٍ فاعل.

لا يمكن أن نتحدث عن قدرات أي مجموعة قتالية حديثة مثل طائرات الجيل الخامس والسفن والغواصات الحديثة ومنظومات الدفاع الجوي، دون أن نتعرف على قدرات الرادار المدمجة مع هذه المنظومات، فلا يمكن لطائرة F 35  أو SU 57 أن تمتلك التفوق الجوي دون أن تحوز على رادار متفوق قادر على كشف الأهداف والتهديدات من مسافات بعيدة قبل أن يتم اكتشافها، حينها تنال ميزة المبادأة ويُتَّخذ القرار بالاشتباك أو الابتعاد عن الأجواء في حال لم تكن ظروف الاشتباك مؤاتية، فالرادار إذاً هو بمثابة العين الثاقبة التي تكتشف كل شيء في مسرح العلميات، وبإضافة الذكاء الاصطناعي يمكن للمنظومات الرادارية أن تحلل الوضع العام، وترتب الأولويات في استهداف التهديدات، وتتابع وتراقب وتتَّخذ القرار بسرعة ودقة متناهية.

هناك العديد من العوامل التي تحدد قدرة الرادار وفعاليته، مثل المسافة التي يغطيها، المساحة الأدني للهدف التي يمكن رصدها، الدقة في التعرُّف وتحديد طبيعة الهدف، عدد الأهداف التي يمكن رصدها وتتبعها، وأخيراً المناعة ضد التشويش والحرب الإلكترونية، وفي ما يلي أحدث تقنيات الرادارات وأكثرها فعالية  والموجودة في الطائرات الحديثة:

  1.  AN/APG-81 AESA، والذي يعمل بتقنية (Active Electronically Scanned Array) ، وتقدم هذه التقنية مزايا هامة جداً وقدرات فائقة بفضل قدرتها على توجيه شعاع الرادار إلكترونيًا بسرعة دون الحاجة إلى حركة ميكانيكية، وهي تشكِّل المعيار الذهبي للطيران العسكري الحديث، موفرةً استهدافًا وتتبعًا لعدد كبير من الأهداف ومن مسافة بعيدة، ووعيًا ظرفيًا فعالاً للطائرات المقاتلة وغيرها من المنصات العسكرية. ويستخدم هذا الرادار متعدد المهام في طائرات F35 Lightning II. ويعتبر أفضل رادار لمقاتلة جوية في العالم، وتنتجه شركة Northrop Grumman.  
  • AN/APG 77 AESA ، يعمل أيضاً بتقنية (Active Electronically Scanned Array) ، وهو مستخدم في طائرات F 22 Raptor، ويتمتع بمدى كبير يصل إلى أكثر من 500 كلم، بما يتناسب مع مهام هذه الطائرة وتنتجه Northrop Grumman.   
  • The RBE2-AA، يعمل هذا الرادار بتقنية AESA ، وهو مستخدم في مقاتلة Rafale، ويوفر لهذه المقاتلة ميزات ممتازة في مجال الرصد والتتبع والإستهداف، أضافة إلى قدرات الحرب الإلكترونية، هذا الرادار هو صناعة فرنسية من قبل شركة Thales.
  • N036 Byelka ، روسي الصنع، تم تطويره من قبل شركة Tikhomirov ، يعمل بتقنية الصفيف الإلكتروني الضوئي النشط AESA ، قادر على رصد الأهداف من مسافة 400 كيلومتر، وهو رادار أساسي مستخدم في المقاتلة الشبحية الروسية SU 57، أضافة إلى عدة حساسات رادارية موجودة على جسم هذه الطائرة، وهو يؤمن لها قدرة متعددة المهام من ضمنها القيادة والسيطرة على المسيرات الروسية نوع “S 70” الضخمة.  
  • NRIET Type 1475 (KLJ-5) ، هذا الرادار صيني الصنع، وهو مستخدم في المقاتلة الصينية الشبحية J-20، يعمل بتقنية AESA، ويوفر لهذه المقاتلة ميزات رادارية تليق بالجيل الخامس من المقاتلات، تتحدث المعلومات عن مساعدة روسية في تطوير هذا الرادار بالتعاون مع معهد نانجينج للبحوث التكنولوجية.  

إن البحث والتطوير الجاري في مجالات الرادارات لطائرات الجيلين الخامس والسادس، ودمج قدرات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي، ونشر المستشعرات، واستخدام مواد ذات خصائص متقدمة في مجال التقنيات الشبحية وتخفيض البصمة الرادارية، كل ذلك يبشر بسباق تكنولوجي محتدم بين الدول والشركات المصنعة لهذه المنظومات الهامة، وفي هذا الإطار، يتم تطوير شبكات الرادار الأرضية والبحرية والجوية في نفس السياق، ويتم الحديث حالياً عن قدرات متطورة جداً في هذا المجال، قد تصبح معها التقنيات الشبحية بدون جدوى، وهي قادرة على إكتشاف أجسام صغيرة جداً وتحديد موقعها ومساراتها بدقة متناهية.