كان سلاح الجو المصري سابقًا القوة الجوية الرائدة بلا منازع في العالم العربي، وقد شهد انخفاضًا حادًا منذ منتصف السبعينيات بسبب القرارات السياسية التي اتخذتها إدارة الرئيس أنور السادات والتي أدت إلى تراجع قدراتها مقارنة بجميع جيرانها في شمال وشرق أفريقيا والشرق الأوسط. وبحلول أوائل عام 2010، بينما كان جيران مصر يستخدمون صواريخ جو-جو موجهة بالرادار على نطاق واسع لأكثر من ثلاثة عقود، اعتمد أسطول المقاتلات المصري بأكمله على الصواريخ القديمة الموجهة بالرادار شبه النشطة مثل “AIM-7 Sparrow” الأمريكية مع إجراءات مضادة للحرب الإلكترونية عفا عليها الزمن تمامًا – حيث استخدم جميع جيرانها صواريخ أكثر قدرة مثل “AIM-120″ الأمريكية، و”R-77″ الروسية، و”R-40” السوفيتية.
علاوة على ذلك، تم تخفيض قدرات مقاتلات “إف-16” التي تشكل العمود الفقري لأسطول البلاد بشكل كبير مما تركها عاجزة عن أداء أدوار الجو-جو أو “الستاند أوف” جو-أرض ضد أي خصم معتدل القدرات.
ومُنعت مصر من شراء أي مقاتلة متقدمة على الـ “إف-16”.
استثمرت القوات الجوية المصرية بكثافة رفع قدرات الحرب الجوية منذ عام 2013، وأدى هجوم الناتو غير المتوقع على ليبيا المجاورة، على الرغم من علاقاتها الإيجابية مع العالم الغربي، إلى تركيز كل من مصر والجزائر بشدة على تحديث قدراتهما في الحرب الجوية لمنع أي هجمات مماثلة.
شهدت الجولة الأولى من المشتريات المصرية حصولها على 46 طائرة مقاتلة متوسطة الوزن من طراز “ميج-29 إم”، بالإضافة إلى نظام الصواريخ أرض-جو بعيد المدى “S-300V4″، وأنظمة “بوك-إم2″، و”تور-إم2” متوسطة وقصيرة المدى.
وأصبحت الـ “ميج-29 إم” أول مقاتلة مصرية تنشر صواريخ جو-جو نشطة موجهة بالرادار ، وعقدت صفقة بقيمة 2 مليار دولار للحصول على 300 صاروخ “R-77” بالإضافة إلى 300 صاروخ “R-73” قصير المدى الموجه بالأشعة تحت الحمراء.
سمح شراء صاروخ “R-73” للوحدات المقاتلة المصرية بالاشتباك في معارك قصيرة المدى مع القدرة على استهداف الأعداء في زوايا قصوى وهي طريقة استثمرت فيها القوات الجوية المعاصرة بشكل متزايد على مدار العقود الثلاثة الماضية.
تعد مقاتلة “ميج-29 إم” النسخة أكثر تطورًا من مقاتلة “ميج-29″، حيث تم إعادة تصميم هيكلها لتحسين أدائها، وتمّ زيادة عمر خدمتها إلى 4000 ساعة، وأصبحت صيانتها أسهل، وزُودت بمحركات “RD-33MK” الجديدة التي تتميز بأداء طيران فائق مقارنة بالأصلية.
كما وفر دمج رادار “Zhuk-ME” درجة أعلى بكثير من الوعي الظرفي مقارنة بالمقاتلات المصرية السابقة، في حين منح “بود” التشويش النشط “MSP-418K”، المصمم لخداع الصواريخ الموجهة بالرادار، أول قدرة حرب إلكترونية حديثة لمقاتلة مصرية.
كانت الطائرة أيضًا ثورية لقدراتها الجو-أرض، حيث زاد “بود” الاستهداف “T220/e” دِقّة الضربات الجو -أرض. كما منح صاروخ الكروز “Kh-35” سلاح الجو المصري القدرة على تنفيذ هجمات “الساند أوف” وهي قدرة لم تكن متاحة له من قبل.
لن يكون من المبالغة القول بأن طائرات “الميج-29 إم” ال 46 قد زادت من قدرات الحرب الجوية أكثر من 200 طائرة “إف-16” بسبب التفاوت الكبير بين الطائرتين في التسلح والتطور. هذا دون الأخذ في الاعتبار عدم قدرة مِصر على استخدام طائرات “الإف-16” في العمليات التي لا توافق عليها الولايات المتحدة – مما زاد من قيمة “الميج-29 إ م”.
أصبحت مصر على وجه الخصوص أول عميل رئيس للطائرات المقاتلة الروسية الحديثة الذي لم ينشر صاروخ “R-27” الجو-جو بعيد المدى ، والذي كان أرخص من “R-77” وكان يُباع عادةً إما بمفرده أو كجزء من صفقة طائرات كبرى. وأظهر تركيز مصر الحصري على “R-77” الدرجة التي تقدر بها قدرة الصاروخ الموجه بالرادار النشط. أتبعت مصر مقاتلات “ميج-29 إم” بطلبية جديدة تضم 24 مقاتلة من طراز “سو-35” الثقيلة للتفوق الجوي.
في حين تُعد “ميج-29 إم” أحدث نسخة من طائرة حقبة الحرب الباردة الأصلية “MiG-29A”، كانت “سو-35” بمثابة تحديث لنظير الميج الأثقل والأكثر تطورًا “سو-27” ، والذي تم تطويره في البداية تحت اسم “Su-27M”.
اشتمل عقد “سو-35” على المزيد من صواريخ “R-77” و”R-73″، وربما اشتمل على صواريخ “R-37M” ذات المدى الأطول والمتفوقة والأسرع، ويمكن إطلاقها من مسافات أبعد بكثير من أي صاروخ جو-جو غربي. من المتوقع أن تصاحب الصفقة ما لا يقل عن 200 صاروخ “R-77” و”R-37M”، لأن قدرة “سو-35” على حمل صواريخ جو-جو تزيد عن الضعف مقارنة بقدرة “ميج-29 إم” بمعدل 14 صاروخًا لكل مقاتلة. يعتبر سرب “سو-35” المصري الأكثر قدرة في إفريقيا والعالم العربي.
كما استثمرت مصر بشكل خاص في تحديث شبكتها المتقادمة من الدفاعات الجوية الأرضية بأنظمة حديثة منذ عام 2013 ، حيث كان يعتبر “S-300V4” النظام متعدد المهام الأكثر قدرة في العالم والأغلى الذي تعرضه روسيا.
تم بناء النظام على أساس تقنيات النظام الشهير والأقدم والأرخص “إس-400″، والذي يتميز بقدرة كبيرة على الحركة وقدرة فائقة على مقاومة الصواريخ.
يعتبر نظام “S-300V4” الحديث وحده ثورة في الدفاعات الجوية الأرضية المصرية كونها ذات أهمية ضئيلة، حتى بالمقارنة مع جيرانها العرب مثل سوريا والمغرب والأردن، فيحوّلها إلى رائدة في هذا المجال.
قدم النظام الدفاعي حماية أكثر فعالية ضد هجمات الأعداء مقرناً بنظامي”بو-إم2″ و”تور-إم2″ مقارنة بمخزونات المقاتلات والدفاع الجوي المصري قبل عام 2013. وأصبح “S-300V4” قادرًا على اعتراض الطائرات والصواريخ الفوق صوتية، وإذا تم تزوده بصاروخ “40N6E”، فسيكون له مدى اشتباك 400 كيلومتر ضد طائرات العدو، أي ضعف مدى اشتباك الأنظمة الغربية الأكثر تقدمًا.
سهلت استثمارات مصر في نهاية المطاف الى تحويل مصر في فترة قصيرة جدًا، من دولة متأخرة جوياً عن جيرانها، إلى واحدة من أفضل البلدان الدفاعية في إفريقيا والشرق الأوسط.
ويُتوقع أن تقوم مصر بشراء المزيد من الطائرات المقاتلة الروسية مع صواريخ “R-77” أو “R-37M”، mربما مقاتلات إضافية من “ميغ- 29 أم” أو “سو-35″، أو ربما الطائرات الأكثر حداثة مثل “ميغ-35” أو Checkmate أو “سو-57”.
كما أن هناك احتمال أن تشتري مصر طائرات مقاتلة حديثة أو دفاعات جوية غير غربية أو روسية، مثل “J-10C” الصينية المسلحة بصواريخ “PL-15” جو-جو أو “JF-17 Block 3.
قم بكتابة اول تعليق