علي نور الدين
منذ أن بدأت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، تجمع المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل دعم أوكرانيا، بعد ان استطاعوا تحريضها على استفزاز روسيا بالعديد من الخطوات، التي تضر بالأمن القومي للأخيرة، وعلى رأس هذه الخطوات نشر منظومات الناتو النووية بالقرب من الحدود الروسية الأوكرانية، بما يهدد العاصمة الروسية موسكو.
وبعد بدء العملية، سارع المعسكر الغربي الى تقديم الدعم العسكري لحكومة كييف، التي انهار جيشها بسرعة، كي يضمنوا إطالة أمد الحرب أكثر فأكثر.
وأولى الدول التي تقدم الدعم العسكري، هي بالطبع أمريكا المستفيدة الأكبر من كل حروب العالم. فالحروب تضمن لشركات السلاح الكبرى فيها، الصفقات الضخمة وتحريك عجلة الاقتصاد، وزيادة فرص العمل.
لذلك، فإن الأسلحة التي يتم توفيرها لأوكرانيا ليست بالمجان، بل سيتعين عليها سداد ثمن الأسلحة التي تتلقاها. ويتم ذلك على أساس قانون “الإعارة والتأجير”، الذي تم تقديمه لأول مرّة في بداية الحرب العالمية الثانية، بهدف تزويد بريطانيا والاتحاد السوفيتي بالأسلحة، لمواجهة القوات النازية.
وعليه فإن المبالغ المالية التي تُسمع في وسائل الإعلام، سواء كانت مقدمةً من الدول الأوروبية أو الأمريكية، سوف تُصب حتماً في جيوب شركات التسليح العالمية، التي يتزعمها 5 شركات أميركية رئيسية، تستحوذ على 37% من سوق التسليح العالمي. كما ستستفيد منها شركات أمريكية أخرى، تكون من ضمن الشركات الموردة والمسيطرة على تقنيات وبرمجيات تكنولوجية حصرية، لشركات تسليح من جنسيات أخرى.
ولا يتوقف ربح شركات السلاح هذه، على قيمة صفقات المشتريات، بل من خلال ارتفاع أسعار أسهمها في البورصة. فمن المثير للاهتمام، أنه في غضون أسبوع واحد فقط بعد بدء العملية الروسية، نمت قيمة أسهم شركتي “ريثيون” و”لوكهيد مارتين” (تصنعان صواريخ جافلين وستينغر)، بنسب تتخطى 18٪ وصولاً حتى 22%، وقدرت كمية الصواريخ المورّدة الى أوكرانيا بحسب صحيفة نيويورك تايمز، بحوالي 17 ألف صاروخ منهما. بينما كشفت تقارير إخبارية أمريكية أخرى، أن نحو 18 عضوا في الكونغرس الأميركي وزوجاتهم، هم ممن يملكون أسهماً في شركات السلاح هذه، وعليه فإن من المتوقع أن يحققوا أرباحا هائلة بمليارات الدولارات على خلفية هذه العملية.
كارتيل الأسلحة
هذا الموضوع يعيدنا الى خطاب الوداع، الذي ألقاه الرئيس الأميركي الـ34 دوايت أيزنهاور، بعد انتهاء ولايته الرئاسية الثانية في العام 1961، حينما حذّر من خطر ما سمّاه بـ”المجمع الصناعي العسكري” Military Industrial Complex -MIC ، على عملية صنع السياسة في البلاد، خصوصاً فيما يتعلق بشن الحروب او التحريض عليها. ويتم أحياناً تمديد التسمية لتضم الكونغرس اليها فتصبح (MICC)، لتمثل بذلك أحد أوجه الدولة العميقة، التي تهتم بتقديم المساهمات السياسية، وإقرار الموافقة السياسية على الإنفاق العسكري، والضغط لدعم الإدارات التي تشرف على هذه الصناعة، من خلال شبكة كاملة من العقود والتدفقات المالية، بين الأفراد والشركات والمؤسسات الخاصة من جهة، والبنتاغون والكونغرس والسلطة التنفيذية من جهة أخرى. وهذا ما يفسر أن الموازنة العسكرية لأمريكا هي الأعلى دوماً في العالم، والتي تبلغ هذا العام 768 مليار دولار.