علي الهاشم – باحث ومختص بمجال الدفاع والطيران والأنظمة الدفاعية
لايزال الكثير من الناس يشككون بوصول الإنسان إلى سطح القمر والهبوط عليه. والحقيقة أن هذا الموضوع وان كان يثير الجدل الى يومنا هذا، إلاّ ان هناك أمورا ًغريبة ربما لم يلتفت إليها الكثير منا. ألا وهي ماذا لو أنّ عملية الهبوط على القمر بالفعل قد تمّت لكن بسريّة تامة وانه قد تمّ فبركة المشاهد التي شاهدها العالم لرحلات أبوللو القمرية، وانه بالفعل لم يهبط أيٌّ من رواد تلك الرحلات وإنما هبط قبلهم رواد آخرون عسكريون لم يتم الإفصاح عن هوياتهم وتم إبقاؤها سراً، من أجل إخفاء القواعد التي تم بناؤها على سطح وفي باطن القمر كمكسب استراتيجي. بينما أوهمت القيادة الأمريكية شعبها والعالم بأن القمر جرم سماوي مقفر ليس منه أي فائدة سوى ما يساهمه فيزيائياً في تنظيم عملية المد والجزر للبحار، و فلكياً لمعرفة البشر عدد السنين والحساب.
وسنبدأ بالأبحاث التي قامت بها وكالة الفضاء الأمريكية ناسا وهي الوكالة التي تم تأسيسها بالتزامن مع وكالة الأبحاث الدفاعية المتقدمة والتي تعرف بوكالة (داربا/DARPA)، ولذلك لم تأت مسألة إنشاء الوكالتين في الوقت نفسه من فراغ. لقد حُشدت كوكبة من العلماء والفنيين والصناعيين و السياسيين وكل ما يلزم من أجل تحقيق أوجه السبق عسكرياً وعلمياً وحتى سياسياً بواسطة تلك الوكالتين. والنّتيجة كانت النّجاح في تحقيق ذلك. فصاروخ “ساترن 5” الذي يُفترض أنّه حمل رواد الفضاء لاأبوللو هو من أعظم الصواريخ التي تم بناؤها في ذلك الوقت وحتى يومنا هذا و يتفق الكل على هذا التفوق.
صمم صاروخ “ساترن 5” أعظم عالم صواريخ في العالم وهو النازي السابق فرينر فون براون الذي استسلم هو ومعه مجموعة كبيرة من العلماء النازيين الى الأمريكيين حينما غزا الحلفاء المانيا في عام 1945.
قامت كوكبة من الحواسيب البشرية (حيث إن الكمبيوتر لم يكن متقدما حينها)، وهن نساء من العرق الزنجي، وأنا هنا لا أحددهم عنصرياً ولكن أذكر حدثا ً تاريخيا ً احترامًا لجميع الأعراق، بحسابات تكاد تكون مستحيله وذلك لنجاح هبوط رواد الفضاء على القمر.
يدّعي بوبوف، وهو عالم روسي، أن صواريخ “ساترن 5” كانت حجماً هائلاً من دون كفاءة، والحقيقة عكس ما قال. حيث كان صاروخ السوفيات المخصص للقمر من طراز N-1 هو من يعاني من ضعف و قلة كفاءة وانفجر تكراراً ومرارا ً أثناء وجوده على منصة الإطلاق بسبب اعتماد السوفيات سياسات بيروقراطية عقيمة في التسلسل الوظيفي. فمع وفاة كورليف في عام 1966 أخذ معه أسراراً صناعية إلى القبر ولم يتمكن العلماء بعده من إكمال المشروع، فكانت النتيجة تقدم أمريكا وتأخر السوفيات.
وبعد احتدام الصراع ما بين الشرق والغرب متمثلاً بالاتحاد السوفياتي و الولايات المتحدة الأمريكية، بدأ عصر الفضاء بالبروز. ومع إعلان الرئيس الأمريكي الراحل جون كينيدي أنه سيقوم ببعث إنسان كي يهبط على القمر وإعادته سالماً إلى الأرض بلغ سباق الفضاء أوجه.
لكنّ كلّ شيء تبدل، حيث إن الولايات المتحدة تتبع نظاماً ديمقراطياً في الحكم، و بالتّالي تختلف الرؤى والأولويات من رئيس إلى آخر فالظروف التي دعت كينيدي إلى تبنّي الرحلات القمرية كانت نابعة من أزمة الصواريخ الكوبية و ما تلاها من أحداث، ومن ثَمّ تعرضه للاغتيال بعد ذلك. أمّا نائبه ليندون جونسون، و الذي ورث الحكم من بعده، فقد انغمس أكثر في الحرب الدائرة في فيتنام، ومن ثم تولى ريتشارد نيكسون الحكم حيث كانت أول رحلة إلى القمر عام 1969 في عهده. هذا وقد شهد العام 1972 آخر عملية هبوط قام بها رواد فضاء لتبلغ تكلفة البرنامج (أبوللو) كاملة 25.4 مليار دولار في ذلك الوقت، وهي تكلفة عالية.
ونظراً لأنّ نيكسون كان رجلاً براغماتياً أي واقعياً وعملياً، فقد بعث إلى مستشاريه بتساؤلات حول ما بعد “أبوللو”. فكانت الإجابة المريخ، وبكلفة مضاعفة عن كلفة الرحلة إلى القمر.
ولكن، هل كانت رحلات “أبوللو” مجدية من الناحية العملية؟ وكيف؟
من الناحية الإيدلوجية و السياسية، فقد كانت الرحلة مجدية جداً، حيث هزم السوفيات بعد وفاة عالمهم المشرف على السباق وهو كوروليف عام 1966، و لم يتمكنوا من تحسين صواريخ N-1 التي يفترض بها حمل كبسولة برائد واحد إلى القمر. وبالتالي ونتيجة للكلفة العالية التي لم يعد بمقدور الخزانة السوفياتية، التي في الأساس كانت تعاني من عجز حاد، على الإيفاء بذلك.
حقيقة قاعدة القمر النازية
يعتبر العلماء أنّ الألمان هم أوّل من طرح فكرة إقامة قاعدة على سطح القمر. ومنذ العام 1925 طرح الألمان في منتدياتهم فكرة السفر عبر النجوم واستعمار القمر، وحينما وصل الحزب النازي إلى السلطه عام 1933 تقوضت الأفكار العلمية وسُخرت لدعم المجهود الحربي.
لكنّ فكرة إقامة قاعدة على سطح القمر طُرحت بشكل محدود، وكان هناك حديث حولها في القيادة النازية حيث كان هتلر ينوي إرسال رائد فضاء بعد انقضاء الحرب بانتصاره كي يري العالم أن العرق الآري هو الأرقى من بين أعراق البشر، وأنه الاذكى والأكثر تقدماً.
إلاّ أنّ مسألة وجود قواعد على سطح القمر تابعة للنازيين، وكونهم هربوا إليها بعد تقدم الحلفاء عليهم في الحرب، فهي لا تستند إلى وقائع ولا على أسس منطقية. وهي ربما انتقلت مع العالم فون براون وفريقه الذي انضم الى الولايات المتحدة، وبالتالي تم عرض الفكرة على البنتاغون، وزارة الدفاع الأمريكية، إلى جانب أسياد المجمع العسكري الصناعي الأمريكي، وهم أصحاب النفوذ الأقوى في الولايات المتحدة. وبالتالي ولكي يتم نقل المعدات اللازمة إلى إقامة تلك القاعدة حسب ما تنص عليه الروايات يتطلب ذلك مركبات ضخمة وعالية الكفاءة وتكنولوجيا متقدمة ذات استخدام متكرر. ولم تكن تلك المركبات ولا حتى المعدات موجودة أساساً حينها. إضافة إلى ذلك كان برنامج تطوير الصواريخ في بداية عهده آنذاك، وإذا ما أخذنا بالروايات التي تقول إن الألمان قاموا باأحاث في مجال الأنظمة المضادة للجاذبية، فإن ذلك لن يتعدى المختبرات والمعامل وإن الذين يدّعون أسباب تفسير مشاهدات تلك المركبات غير محددة الهوية او UFO (الأطباق الطائرة)، فإن ذلك لا يثبت أنهم استخدموها في الذهاب إلى القمر، بل على العكس من ذلك، قد تكون مخصصة لمواجهة الحلفاء لكنها لم تنتج بسبب انهيار النظام النازي حينها.
إلاّ أنّ فكرة إقامة قاعدة قمرية لم تمت منذ ذلك الحين وظلت مطروحة حتى بعد انتهاء الحرب.
مشروع هورايزن والقمر الأحمر
بتاريخ 9 يونيو 1959، قامت قيادة الجيش الأمريكي United States Army – عبر مشروع هورايزن/ Project Horizon بمناقشة إمكانية بناء قاعدة قمرية عسكرية دائمة على القمر تخزن بها صواريخ تحمل رؤوساً نووية كسلاح رادع ضد السوفيات، وكمركز للاستطلاع والتجسس. ومع احتدام الحرب الباردة و الصّراع لريادة الفضاء ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي السابق الذي كان يتفوّق في ذلك الوقت على الولايات المتحدة في هذا المضمار، وضع الجيش الأمريكي خطّة كبرى غير عادية من أجل إيقاف تقدم السوفيات في هذا المجال، و وضع حد لطموحاته التوسعية، فما كان منهم إلا أن قرروا استعمار أقرب جرم سماوي للأرض، وهو القمر قبل أن يصل إليه الاتحاد السوفياتي الذي لم يكن حينها يفكّر في غزو القمر. لكنه لم يتخلف في الركب، و كان السباق لإطلاق أول مسبار يُرسل إلى القمر. وقد تحطم ذلك المسبار ليكون أول جسم يُرسل من الأرض إلى القمر. وقد تزامن ذلك مع العام نفسه الذي نوقش فيه مشروع هورايزن في الولايات المتحدة. ولكن المركبة أخطأت القمر بمسافة ٥ آلاف كلم و اتخذت لها مداراً حول الشمس وهو ما دق ناقوس الخطر لدى الولايات المتحدة لدرجة أن القيادة العسكرية هناك باتت تطلق على رحلات السوفيات الفضائية القمر الأحمر وهو اللون الذي يرمز للشيوعية والاشتراكية التي يتخذها السوفيات كمنهج للحياة.
احتدام الصراع نحو القمر
لم يمهل السوفيات أمريكا فرصة، فأطلقوا مسباراً ثانياً نحو القمر في سبتمبر من العام 1959، وهي السنة التي قرر الجيش الأمريكي إطلاق مشروع هورايزن لغزو القمر وإقامة قاعدة دائمة عليه. لكن المركبة السوفياتية تمكنت من بلوغ سطح القمر وذلك بالتحطم على سطحه ولو بتحطيم مسبار عليه. أتبعوه بعد ذلك في أكتوبر من العام نفسه بمسبار ثالث اتخذ مداراً مُساوياً لمدار القمر حول الأرض، وتمكنت كاميرا مثبتة عليه من تصوير الجانب المظلم، وأرسلت لاسلكياً نحو محطة المتابعة الأرضية فكان السوفيات أول من حقق ذلك.
انتفضت الولايات المتحدة بقيادة المخضرم فون براون، وتمكنت من إطلاق المسبار Ranger الذي تمكن هو الآخر من تصوير سطح القمر، تبعها بعد ذلك مركبات حطت على سطح القمر والتقطت صوراً لسطحه تمهيداً لإرسال أول بعثة بشرية كي تهبط على القمر.
من هورايزن إلى أبوللو
بعد إعلان الرئيس الأمريكي جون كينيدي عام 1961 أنه سيرسل إنسااص إلى القمر ويعيده سالماً مرة أخرى إلى الأرض، تمّ تحويل قرار مشروع بناء قاعدة قمرية لإطلاق أسلحة نووية انتقامية ضد أهداف معادية للولايات المتحدة الأمريكية على الأرض إلى مشروع مدني.
وأوكل المشروع عام 1964 إلى وكالة ناسا الفضائية التي أسست عام 1958، وتحول المشروع إلى إرسال بعثات مؤقتة إلى القمر والعودة بها مرة أخرى من دون تسخيره لأغراض عسكرية، الأمر الذي أغضب الأوساط العسكرية في البنتاغون من الرئيس كينيدي كثيراً.
لكن المشروع لم يفقد زخمه، فعملت به أكثر من 20 ألف شركة أمريكية في 47 ولاية. ونقلت كمّاً هائلاً من المواد اللازمة لدعم المشروع الذي أصبح يطلق عليه اسم “أبوللو”. وأنفقت الحكومة الأمريكية بسخاء من أجل إنجاحه مليارات الدولارات، إلى أن حانت ساعة الصفر.
لقد كان مشروع هورايزون فريدا ًمن نوعه حيث خُصّص له كم هائل من المعدّات والصواريخ و التكنولوجيا مثل دعم القواعد على سطح القمر حين أقامتها بواسطة مفاعلات ذرية خاصة.
كان الهدف من ذلك المشروع سياسياً استراتيجيا ًبكل ما تعنيه الكلمة من معنى، لدرجة أن جنرالات البنتاغون كانوا يطلقون عليه عبارة “احتلال القمر”.
اشتمل مشروع هورايزن على تثبيت كاميرات و تلسكوبات لرصد أي بقعة على الأرض، إلى جانب نشر أسلحة نووية على هيئة صواريخ استراتيجيه تحمل رؤوساً حرارية مدمرة يتمّ إطلاقها على أي هدف بالاتحاد السوفياتي، او أي بقعة على الأرض من دون أن يتمكن الخصم من رصدها أو توقع مصدرها.
ومن أجل دراسة جدوى المشروع من الناحية الاستراتيجية، تم الإيعاز للعالم النازي السابق فون براون الذي كان يشغل منصب كبير فريق تطوير الصواريخ النووية البالستية الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية، والذي بدوره قام بتوكيل زميل له، نازي هو الآخر، لوضع الأسس نحو تأسيس القاعدة القمرية واحتياجاتها على أن تبدأ عملية إطلاق المعدات أولا إلى القمر في عام 1964، وذلك بواسطة صواريخ “ساترن 5” العملاقة والتي سيتم استخدام أجزاء من صهاريج وقودها كمواد بناء لتلك القواعد التي ستتضمن بدورها بناء فوق سطح القمر إلى جانب أخرى أسفل سطحه على أن تتبع ذلك رحلات مأهولة بطواقم بشرية عام 1965، والبدء بتشغيل أنظمة الإعاشة بالقواعد تمهيداً لاستقبال الدفعات القادمة والتي يجب، في بادئ الأمر، أن تتألف من 14 رائد فضاء عسكريين. ليتم استخدام 150 صاروخ ساتورن 5 في تنفيذ ذلك لنقلهم ونقل المعدات، وتصبح بعدها القواعد مشغله بالكامل في العام 1966. وقد حُددت الكلفة بستة مليارات دولار أمريكي وهي كلفة لا تتجاوز كلفة برنامج تطوير الصواريخ البالستية .
لكن، يبدو أن الإدارة الأمريكية قد ألبست مشروع هورايزن الغطاء المناسب له، عبر مشروع مدني مواز قد لا يكون حقيقياً على أرض الواقع حمل اسم “أبوللو” والذي ربما يكون من إنتاج هوليوود. وقد نُفّذ مشروع هورايزن بحذافيره على أرض الواقع، وبسرية متقنة وذكاء شديد. وهي مسألة وقت حتى تتكشف الحقائق بان مشاهدات الأجسام الغريبة التي تقلع من على سطح القمر والأشبه بالأجسام الغريبة أو UFO ماهي إلا مركبات سرية تابعة لتلك القاعدة . فلطالما كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتقن إخفاء أمورها ببراعة تامة لعقود من الزمن قبل أن تكشف عنها بعد تحقيق السبق الاستراتيجي منها.