وليد سامي
في خطوة غير مسبوقة تعكس تحولاً استراتيجياً جريئاً، أرسلت مصر قواتها الجوية إلى الصومال في مهمة عسكرية سريعة، وذلك بعد 14 يومًا من توقيع اتفاقية تعاون عسكري مع الحكومة الصومالية. هذا التحرك، الذي يأتي في سياق تزايد التهديدات الإقليمية، يحمل في طياته دلالات عميقة ويعكس تطورًا ملحوظًا في السياسة الخارجية المصرية.
تنسيق استخباراتي مكثف وتقييم للتهديدات:
تشير السرعة التي نفذت بها هذه العملية إلى وجود تنسيق استخباراتي مكثف بين القاهرة ومقديشو، مما يشير إلى تقييم مشترك للتهديدات المتزايدة في المنطقة، والتي تشمل الجماعات المتطرفة والتدخلات الخارجية. هذا التنسيق الاستخباراتي الضيق سمح باتخاذ قرار سريع ونشر القوات في وقت قياسي.
رسالة واضحة لدعم الاستقرار والسيادة:
بهذا التحرك الحاسم، تؤكد مصر مجددًا التزامها بدعم استقرار وسيادة الصومال، وتوجه رسالة قوية إلى كافة القوى الإقليمية والدولية الفاعلة في المنطقة. هذا التحرك السريع يبرز أيضًا أن مصر تعتبر الوضع في الصومال من الأولويات الاستراتيجية.
نضوج في التفكير الاستراتيجي المصري:
يشير هذا التحول الاستراتيجي من سياسة رد الفعل إلى سياسة المبادرة إلى نضوج في التفكير المصري، حيث تتجاوز القاهرة دورها التقليدي وتتخذ خطوات استباقية لحماية مصالحها. يبدو أن هناك رغبة في تجاوز الأطر التقليدية والتعلم من الدروس المستفادة من ملفات الأمن القومي السابقة.
تعزيز النفوذ الإقليمي وحماية المصالح الحيوية:
بنشر قواتها خارج حدودها بمسافة 3500 كم، وهو تحرك لم نشهده منذ حرب الخليج الثانية عام 1990، تؤكد مصر طموحها لتعزيز نفوذها الإقليمي وحماية مصالحها الحيوية في هذه المنطقة الاستراتيجية التي تشهد تنافسًا دوليًا متزايدًا. إن السيطرة على الممرات المائية الحيوية في البحر الأحمر وخليج عدن، بالإضافة إلى تأمين الحدود الجنوبية لمصر، هي أهداف استراتيجية أساسية لهذا التحرك.
ختامًا، يشكل هذا التحرك المصري نقطة تحول في سياستها الخارجية والأمنية، حيث تتبنى نهجًا أكثر حزمًا وفاعلية لحماية مصالحها الإقليمية، مما يضعها في قلب التطورات الجارية في منطقة القرن الأفريقي. إن هذا التحول الاستراتيجي من شأنه أن يعيد تشكيل الخارطة السياسية في المنطقة، ويمثل تحديًا جديدًا للقوى الإقليمية والدولية الفاعلة فيها.