علي الهاشم – باحث كويتي مختص بالشؤون الدفاعية
يجمع الخبراء العسكريون على ان اذا ما ستقوم حرب عالمية ثالثة فان فتيلها سيكون نوع جديد خطير من الاسلحة طورت في بعض الدول حديثا الا وهي الصواريخ فرط صوتية او “Hypersonic Missiles” والسرعة التي نتكلم عنها هي سرعة تتجاوز الخمسة اضعاف سرعة الصوت فما فوق او 5 ماخ. ونود أن نوضح أن هذه المركبات و المقذوفات الصاروخية لم تولد في هذه الفترة القريبة من التاريخ بل تعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية حينما دخل اول صاروخ أرض – أرض إلى الخدمة في التاريخ وهو الصاروخ الألماني V-2 الذي تجاوزت سرعته عند الانقضاض على الهدف ستة اضعاف سرعة الصوت.
لكن هناك فرق كبير بين تحقيق صاروخ أو طائرة صاروخية تعمل بمحرك صاروخي بدلا من نفاث و بين المركبات الجوية التي تعمل بمحركات تستنشق الهواء والسبب هو أن للمحرك الصاروخي عند التحليق بالسرعة الفرط صوتية قصور في خاصية حرقه للوقود بمدة زمنية قصيرة جداً والثانية هي حمله للوقود والعامل المؤكسد له معا، مما يجعله ثقيلا نسبيا. وهذا ما دفع روسيا التي كانت تعاني من تأخر في أبحاث الأجسام الطائرة الفرط صوتيه المستنشقة للهواء في السابق، الى الاستعاضة عن ذلك بالصواريخ البالستية كصاروخ “كينجال” أو الخنجر الذي كشف عنه مؤخرا بوتين وتحمله الـ “ميغ-31” بغية توفير مدى اطول له.
مؤخرا تعمل روسيا على تدشين أول صاروخ فرط صوتي هو “زيركون” وكذلك قامت الصين بتطوير صواريخها الفرط صوتية من فئة “سي جاي – 100” هي الأخرى، الأمر الذي أحدث خللا في ميزان القوى العالمي ولا ننسى غريمتها الهند التي طورت بدورها صاروخ “براموس 2” الذي يقع ضمن هذه الفئة من الصواريخ.
صحيح أن الولايات المتحدة تملك معرفة كبيرة فيما يتعلق بأبحاث المركبات الجوية الفرط صوتيه حيث انها أكثر كفاءة في العمل باضعاف مضاعفه عن المحركات الصاروخيه وبالتالي يمكنها التحليق لمسافات طويلة جدا بسرعات فائقه الى اي بقعة في العالم ضمن الغلاف الجوي ودون الحاجة للخروج الى الفضاء، الا انها تأخرت نتيجة تركيزها على المحركات التي ستدفع هذه الصواريخ الفائقة السرعة.
وإذا نظرنا إلى المحركات الفرط صوتية “Hypersonic” سنجد أنها بسيطة المكونات أساسا لكن ليس من السهل التحكم بها على أرض الواقع، كونها تتطلب ظروفا خاصة كي تعمل بكفاءة.
يستخدم في المركبات والصواريخ الفرط صوتية مبدأ المحرك النافوري “Ramjet”، والذي يعتمد مبدأ الاحتراق ويصمم على شكل قناة ايروديناميكيه مشابهة إلى حد ما للمحركات النفاثة التوربينيه لكنها تختلف عنها بسماكتها الغليظة كي تتمكن من تحمل الضغط العالي الذي يحدث خلالها. وتتكون من الداخل من غرفة احتراق يدخل إليها الهواء عبر صمامات تفتح وتغلق بتأثير الضغط ويتم تسخن الهواء بواسطة منافث للوقود ويسبب ذلك التسخين ضغطا كبيرا يجبر الصمامات على الانغلاق فتندفع الغازات المتمددة الى الخلف عبر المنافث معطية قوة دفع هائلة، انها اشبه كما يصفها احد الخبراء باشعال عود ثقاب (كبريت) داخل زوبعة هوائية او ريح عاتية.
وعلى الرغم من كفاءة هذه المحركات العالية في السرعات الفائقة جدا التي تفوق 5 اضعاف سرعة الصوت فما فوق، الا انه لا يعمل من سرعة السكون (صفر) كما المحركات النفاثة التقليدية بل يتطلب دفعا اوليا من قبل مصدر خارجي قبل أن يتمكن من توليد سرعته الهائلة ولذلك تجد تزويدها بصواريخ دافعة تنفصل فور بلوغها الضغط اللازم داخل جوفها ومن ثم الانطلاق بذاتها بسرعة فائقة، ولذلك خصص للمقذوفات الموجهة الفرط صوتية صواريخ تدفعها عند الانطلاق في حين زودت المركبات والطائرات الفرط صوتية بمحركات هجينة ما بين المحركات النافورية “Ramjet” وبين المحركات النفاثة التقليدية ويطلق عليها “Scramjet” او “Supersonic Combustion Ramjet” ويتكون هذا المحرك المعقد التركيب من محركين اثنين الأول في المقدمة وهو عبارة عن محرك نفاث توربني يمكنه العمل حتى سرعة 3 ماخ وبعدها يتم اغلاقه والتحول لمحرك نافوري لينطلق بسرعة فرط صوتية وهو مجال لطالما تميزت به الولايات المتحدة في السابق إلا أن الصين وروسيا قد أحرزتا مؤخرا تقدما ملحوظا خصوصا فيما يتعلق بأسرار صناعتها والمعلومات التي تفيد في كيفية توجيهها وتركيبها والعمل بها على أكمل وجه.
يعتبر صاروخ “زيركون” الروسي (SS-N-33 Zirkon 3M-22) والذي تصل سرعته إلى ثمانية أضعاف سرعى الصوت (8 ماخ) أحد أخطر الأسلحة التي تلوح بها روسيا للولايات المتحدة والناتو حيث يصل مداه إلى تقريبا ألف لكم ويمكن تسليح غواصات و منصات إطلاق متحركة به مما يجعل مواجهته كابوسا مريعا. أما المنظومة الثانية فهي عبارة عن صاروخ بالستي يحمل مركبة عبارة عن رأس حربي فائق السرعة (مفرط السرعة) يطلق عليها اسم “Objekt 4202 Avangard SS-X-31 RS-26” ويمكن حمل هذه المركبة المحملة برأس نووي حراري على صواريخ “سارمت” الجديدة العابرة للقارات، ويمكنها المناورة و الانعطاف بشكل حاد مما يجعل عملية اعتراضها شبه مستحيلة، اما سرعتها القصوى فتصل إلى عشرين ضعف سرعة الصوت (20 ماخ) وهي سرعة فائقة جدا.
قم بكتابة اول تعليق