علي الهاشم – باحث كويتي مختص بالشؤون الدفاعية
نشرت “ناشونال انترست” تقريرا مفاده انه يمكن لمقاتلة سوخوي “Su-35S” الروسية من انها قادرة على التغلب على مقاتلة الجيل الخامس الأمريكية “إف-22” والحقيقة ان كل مقاتلة يمكن لها التغلب على مقاتلة أخرى حتى لو كان هناك تباين في قدرات الطائراتين حيث تلعب الظروف وخبرة الطيارين دوراً كبيراً في تغليب مقاتلة على أخرى.
ولكن كي نكون اكثر دقة في تحديد ما اذا كان للسوخوي الروسية فرصة للتغلب على الرابتور او “إف-22” الأمريكية العتيدة لابد من معرفة مستوى التباين فيما بين مشروع الطائرتين.
بدأت ملامح القوة في مقاتلة “إف-22” رابتور في التشكل حيث اشتملت على قدرات فائقة وغير مسبوقة ومتطورة جدا تتعلق بالخفاء الكبير عن الرادارات المعادية سواء في حينها الموجودة في الخدمة ام تلك التي ستطور مستقبلا (الحديث هنا عن العام 1999) فان بصمتها الحرارية هي الأخرى في ادناها والسبب يرجع انها صممت طبقا لفلسفة قدرة الكشف المتزنة (Balanced Observables) التي تجعل من قابلية التخفي شاملة سواء بالنسبة للموجات الرادارية والمجسات الحرارية IR فمنافث الاحتراق بها غير مالوفة الشكل وجاءت مشقوبة ومشرشرة الشكل ويسمح هذا بالتقليل من انبعاث الحرارة من المحرك عبر خلط الهواء المحيط البارد بالهواء الساخن المنبعث من المحرك عبر المنافث الثنائية الأبعاد (2D-Nozzles) والتي تكون مسطحة الشكل الذي يعمل على نشر تلك الانبعاثات الساخنة في مساحة واسعة مما يسهل ويسرع مزجها بالهواء الخارجي اما ما تبقى من أشعة تحت الحمراء التي قد تصدرها الطائرة ومصدرها عادة أشعة الشمس المنعكسة من البدن يمتصها الدهان الداكن بالطائرة ويشتت التي تنتج عن احتكاك الطائرة بالبدن أثناء التحليق السريع ويبددها فتنخفض معه بصمتها الحرارية بشكل كبير نسبيا. وهذا بدوره يبين لنا ان ما ذكره تقرير “ناشونال انترست” من ان للسوخوي Su-35 من قابلية على كشف مقاتلة “إف-22” بمجس الأشعة تحت الحمراء المزودة به امر مشكوك فيه.
اما قدرة رادار “APG-77” فهي استثنائية فهو يعمل بنمط مسح سالب او خامل (Passive mode) ونشط (Active) عند الضرورة حيث يسمح للمقاتلة “إف-22” برصد العدو من مسافات طويلة جداً ويقترب منها بشكل لا يخطر بالبال لينقض عليها كفريسة عاجزة، ولديه قدرة على تسليط نبضة او شعاع كهرومغناطيسي على رادار الطائرة المعادية مما يجعلها تتعطل تماما وتبقى عمياء وهي احد القدرات المرعبة لهذه الطائرة.
هناك أيضا خاصية استثنائية لا تمتلكها مقاتلة أخرى عدا الرابتور، وهي First Look, First Shot, First Kill وتتلخص في استخدام ما سبق ذكره في رصد العدو قبل أن يتم رصدها، ثم الإطلاق عليه بصاروخ وتدميره وهي تتم بصورة مفاجئة للعدو مما تربك حساباته بشكل مريع، وقد تضطر من نجا منهم إلى الانسحاب فورا تاركين أجواء المعركة للمقاتلة “إف-22” وهذا هو سبب إطلاق لقب المهيمنة عليها.
يبدو أن انحسار الخطر السوفياتي بعد عام 1991 وانهياره قد ترك فراغا كبيرا في الحروب الجوية وحيث أن دخول ال “إف-22” الرابتور جاء متأخرا بعد العام 2005، فان العالم حينها كان في خضم صراعات محدودة ومحصورة بين عصابات وهيئات وليس ما بين دول ضد دول أخرى فحدث ان تباطأت وتيرة الطائرات المتخصصة في السيطرة الجوية، ولهذا ولدت الرابتور بعد موعدها بعقد كامل ولم تجد من يضارعها لكنها استمرت باعدادها المحدودة في مهام كالاستطلاع والتجسس والمراقبة مثل ISR ولأنها تمتلك وصلة بيانات متطورة (تم تطويرها مؤخرا) فهي قادرة على توجيه والتحكم أيضا بمسار صاروخ جوال يمكن إطلاقه من قبل غواصة تحت الماء وهذا ما يعزز من قدرتها التكتيكية.
اما الحادثة المثيرة فقد كانت ولازالت مثيرة وغامضة حيث كانت مقاتلة “إف-22” في مهمة فوق الأراضي السورية ابان الحرب الدائرة هناك بعد ذلك ادعت القيادة الروسية المتواجدة في سوريا ان إحدى مقاتلات السوخوي “سو-35” التي تم نشرها هناك قد تمكنت من رصد مقاتلة “إف-22” رابتور واخراجها من الأجواء من دون أي قتال، لكن الذي لم يعلمه الروس ان مقاتلة “إف-22” لا تعمل فرادي بل دائما كزوج من المقاتلات وبالتالي فإن اي بث راداري من قبل مقاتلة “سو-35” يبدو أنه قد تم التقاطه من قبل الطائرة الثانية المواكبة للرابتور “إف-22”, وهو ما كانت قيادة سلاح الجو الأمريكي تبحث عنه منذ مدة من أجل معرفة كيفية عمل رادار السوخوي من طراز IRBIS-E الحديث كونه من الأمور التي كانت تجهلها مما قد يعزز من قدرة مقاتلات الستيلث الامريكية كالقاذفة “بي-2” و مقاتلات “إف-22” و “إف-35” من التملص منه عند اي مواجهة، وهذا بدوره يرجح من كفة الرابتور إف-22 على السوخوي “سو-35” الروسية.
قم بكتابة اول تعليق