نسرين شاتيلا
السباق نحو التّسلح بات شهوة وضرورة لدى كل الدول، لا سيما الدول المتطورة العظمى. فما بالنا بالتسلح بالذكاء الاصطناعي الذي يوفر على الدول إزهاق أرواح والتحكم بمجرى الحروب عن بعد!!
لا شك أنّ الذّكاء الاصطناعي هو الذي سيحدّد شكل الحروب في المستقبل، والكلمة الفصل ستكون للدّول الرّائدة بالذكاء الاصطناعي.
انتشرت مؤخّرا بعض الأسلحة ذات الذكاء الاصطناعي، ولو كانت ما تزال نسبة الذكاء الاصطناعي فيها محدودة، الا أنّها خطوة كبيرة باتّجاه نوع جديد من الأسلحة والحروب.
من أنواع الذّكاء الاصطناعي التي برزت في الآونة الأخيرة، والتي كان لها دور كبير في النزاعات الدائرة:
١- الصواريخ الروسية الموجّهة بالذكاء الاصطناعي: تستطيع هذه الصواريخ اتخاذ القرار بتغيير الأهداف أثناء تحليقها وذلك من دون تدخل بشري والجدير، بالذكر أنّ روسيا قد استخدمت هذه الصواريخ في حربها ضد أوكرانيا.
٢- “الشبكة العصبية”: وهي نموذج قتالي من إنتاج شركة كلاشينكوف، يتألف من كاميرا، ومدفع رشاش، وذكاء اصطناعي باستطاعته اتخاذ قرار بالتصويب من دون أي تدخّل بشري.
٣- المدفع الرشاش الكوري الجنوبي “سوبر إيجس”: تمّ الكشف عن هذا المدفع عام 2010، باستطاعة هذا المدفع تحديد، وتتبع، وتدمير هدف متحرك ضمن مدىً يبلغ 4 كم.
٤- مسيّرة “هابري” المضادة للرادار : باستطاعة القوات البرية إطلاق هذه المسيرة لتطير ذاتيًا فوق منطقة معينة، ويتجسد عملها في البحث عن الرادارات، التي تطابق معايير حُدّدت لها سابقًا، وتدميرها.
٥- الذخائر المتسكعة أو ما يُطلَق عليها اسم طائرات “كاميكازي”: تمتلك هذه الطائرات قدرة على التّشغيل الذّاتي. صُمّمت لتحلق في السماء وتتجوّل بحثا عن هدفٍ لها لذلك سمّيت “بالمتسكعة”، وعندما ترصد هدفها تقوم بالاتجاه نحوه والاصطدام به لتدميره بنفسها وبما تحمله من متفجرات ومن هنا نالت لقب “كاميكازي”.
٦- السفينة الحربية “سي هانتر” ذاتية التحكم الأميركية: صُمّمت سفينة “سي هانتر” للعمل لفترات طويلة في البحر من دون وجود أيٍّ من أفراد الطاقم عليها، كما أنها قادرة على توجيه نفسها إلى داخل وخارج الميناء.
أمّا عن الدول الرائدة في هذا المجال والتي تمتلك أكبر عدد من الأسلحة ذات الذكاء الاصطناعي فعددها عشرة هي على التوالي : سنغافورة وألمانيا وأميركا والسويد وإستونيا وبريطانيا وكندا وإسرائيل والصين وكوريا الجنوبية.
مخاوف من الذكاء الاصطناعي:
لا شكّ أنّ الحروب الذكية، أو الحروب بالذكاء الاصطناعي تشكل قلقا لدى كثير من الدول خاصة تلك غير القادرة على امتلاك هذا الذكاء الاصطناعي، ولدى الجمعيات المدنية. ولا شكّ أن حربا ذكية قد تخرج عن السيطرة في حال اندلاعها، وقد تؤدي إلى أزمات جديدة قد لا نجد لها حلا أو مخرجا. كيف لحرب تقرر فيها الأسلحة نفسها والمعدات والأنظمة قرار إصابة هدف وتدميره أن تكون؟ من المسؤول عن أي خطأ؛ الإنسان أو الآلة؟ وكيف نحاسب الآلة؟
من هنا، وانطلاقًا من هذه الخطورة طالبت بوني دوكيرتي، المحاضرة في كلية الحقوق في جامعة “هارفارد”، بوقف هذا التسلح الذكي الذي قد يخرج عن السّيطرة، وأطلقت حملة باسم “أوقفوا الروبوتات القاتلة” في تحالف يضم العديد من المنظمات غير الحكومية التي تطالب بمعاهدة دولية لحظر الأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل.
في المقابل، ترفض الدول الكبرى التوقيع على أي معاهدة تجمد استخدام الذكاء الاصطناعي في السلاح، كما أنها ترفض تحييد هذا السلاح عن الصراعات والنزاعات العسكرية القائمة أو التي قد تنشب كحال روسيا وأميركا والصّين وغيرها.
هل بتنا أمام خطر جديد يضاهي خطر السلاح النووي؟ وهل سنواجه معضلة خطيرة إذا ما اندمج الذكاء الاصطناعي مع السلاح النووي؟