تكشف تدريبات بالذخيرة الحية تجريها الصين حول تايوان هذا الأسبوع الخطوات التي قد تتخذها تجاه الجزيرة تحت ذريعة زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، إلى تايبيه في وقت سابق من هذا الأسبوع.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن التدريبات في ست مناطق تطوق تايوان فعليا، وتتداخل مع ما تزعم تايبيه أنها مياهها الإقليمية، إذ تقع على بعد 12 ميلا من سواحلها. وشبه بعض المحللين العسكريين التدريبات التي تستمر أربعة أيام بحصار مؤقت.
وترى بكين أن تايوان أراضي صينية يجب الاستيلاء عليها بالقوة إذا لزم الأمر، وقامت بحشد عسكري استمر عقودا لتحقيق هذا الهدف وردع الولايات المتحدة، الشريك الأمني للجزيرة منذ فترة طويلة. ومع ذلك، يعتقد عديد من المحللين العسكريين والمتخصصين في الصين أن بكين تفتقر إلى القدرات اللازمة لشن غزو صريح، مما يجعل مثل هذه العملية معقدة للغاية ومحفوفة بالمخاطر في السنوات القليلة المقبلة، وفق تقرير الصحيفة.
وبدلا من ذلك، يعتقدون أن بكين ستحاول الضغط على تايوان بدلا من شن حرب عليها وإجبارها على الخضوع.
ويقول برايان كلارك، وهو زميل في معهد هدسون، مركز أبحاث محافظ في واشنطن، “إنه تمرين تحذيري”، مشيرا إلى أن الصينيين “يجمعون القوات لتبدو وكأنها حصارا لإظهار أنهم قادرون على القيام بذلك” ،
وبدأ الجيش الصيني التدريبات الخميس بمناورات شملت طائرات حربية وسفنا، فضلا عن صواريخ باليستية.
ويتوقع محللون عسكريون إجراء الصين مناورات بحرية وجوية كبيرة في الأيام المقبلة لإظهار السيطرة على المياه المحيطة بتايوان.
وأدى قرب التدريبات من الموانئ وممرات الشحن إلى بعض التأخير في الشحن والطيران، وهو طعم صغير للألم الذي يمكن أن تسببه الصين في تايوان والأسواق العالمية.
وقال اللواء منغ شيانغتشينغ، الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني لجيش التحرير الشعبي الصيني، لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية الرسمية صباح الخميس قبل التدريبات، “هذا يؤسس لتطويق جزيرة تايوان” ، وأضاف “هذا يخلق ظروفا جيدة جدا لإعادة تشكيل الوضع الاستراتيجي بطريقة تفيد التوحيد”.
وقال محللون عسكريون ومتخصصون في الصين إنهم سيراقبون لمعرفة ما إذا كانت القوات الصينية ستبقى بعد التدريبات، أو ما إذا كانت التدريبات القريبة من تايوان ستصبح روتينية.
واتّهم البيت الأبيض بكين بأنها “اختارت المبالغة في رد الفعل” على زيارة بيلوسي إلى تايوان، وأعلن أن حاملة الطائرات “يو إس إس رونالد ريغن” ستبقى في منطقة تايوان “لمراقبة” الأوضاع، مشيرا في الوقت نفسه إلى إرجاء اختبار روتيني لصاروخ عابر للقارات لتجنب تصعيد مع بكين.
ويقول المحللون إن مثل هذه التدريبات قد تصبح أداة لتعطيل اقتصاد تايوان وعلاقاتها مع العالم بشكل متقطع في محاولة لتآكل الدعم الشعبي للحكومة المحلية.
وقال برادلي مارتن، وهو ضابط متقاعد في البحرية وباحث في مؤسسة راند: “ربما لا تريد الصين خوض الحرب لتحقيق غاياتها”، مضيفا: “ما نراه أكثر احتمالا هو ممارسة مستوى من القوة أقل من مستوى الصراع الصريح”.
وهذا النوع من الصراع، يطلق عليه بعض الخبراء أحيانا اسم حرب “المنطقة الرمادية”، هو جزء من قواعد اللعبة التي تطبقها الصين مع تايوان ودول المنطقة التي تربطها بها نزاعات إقليمية.
وعلى الرغم من التحذيرات الحازمة من جانب بكين التي تعتبر تايوان جزءًا من أراضيها، زارت رئيسة مجلس النواب الأميركي التي تنتقد الصين بشدة، الجزيرة الثلاثاء والأربعاء وبدأت الخميس زيارة إلى اليابان، المحطة الأخيرة في جولتها الآسيوية.
وتعتبر بكين مبادرة بيلوسي، أعلى مسؤول أميركي منتخب يزور تايبيه منذ 25 عامًا، استفزازًا ونكوصًا عن الوعود التي قطعتها الولايات المتحدة للصين.