أنور الشراد
في بداية العام 2000-2001، أجرت وزارة الدفاع الكندية مراجعة داخلية مهمة بقصد تقرير تركيبة القوات المسلحة خلال السنوات 15-20 القادمة. في ذلك الوقت قرار جريء تم اتخاذه بشأن دبابات الجيش المتقادمة من نوع Leopard 1 والتي تقرر عدم استبدالها بدبابات أحدث عند خروجها من الخدمة وأن البديل سيكون بتبني عربات الهجوم الخفيفة المدولبة LAV (الأحرف اختصار فقرة Light Armored Vehicle) التي ستمثل عنصر الدرع الأثقل بالجيش.
لكن عندما جاءت تجربة القتال الحضري في أفغانستان تغيرت تفاصيل هذه المراجعة، بل ومنظور الجيش الكندي بالكامل لمفهوم “القوات الثقيلة” heavy forces. إذ ومع تنامي قدرات مقاتلي طالبان على المقاومة وتنفيذ الكمائن خصوصاً في العام 2006 عندما اضطلعت كندا بدور أكبر في النزاع الأفغاني نتيجة اعادة نشر قواتها في مقاطعة قندهار Kandahar، القوات الكندية في جنوب أفغانستان وجدت أن عرباتها المدرعة الخفيفة من نوع LAV-III كانت عاجزة عن تنفيذ المهام الموكلة إليها. المدفع المثبت على هذه العربات من نوع M242 Bushmaster عيار 25 ملم، لم يكن بالقوة المطلوبة للتعامل مع بعض الأهداف، مثل المباني والتراكيب الإنشائية جيدة البناء.
أيضاً العربات لم تكن تتحصل على حماية كافية من الألغام الأرضية ومتفجرات الطريق المرتجلة ومقذوفات RPG ونيران المدافع عديمة الارتداد التي استخدمتها قوات طالبان بكثافة. علاوة على ذلك، هذه العربات التي تماثل عربات الجيش الأمريكي نوع Strykers، لكن مع مدفع عيار 25 ملم بدلاً من الرشاشة 12.7 ملم، انحصر تشغيلها في أغلب الأحيان على الطرق الصلبة والمعبدة وذلك لأن ضغطهم الأرضي العالي تسبب في العديد من الحالات بانحصارهم بالطين عندما ساروا خارج الطرق.
الوثائق الرسمية الكندية تشير إلى أن أغلبية إصابات قواتهم في أفغانستان حدثت أثناء القيام بدوريات على متن العربات LAV-III. الوثائق تشير أيضاً إلى أن الجيش الكندي فقد أثناء مهمته في أفغانستان بشكل نهائي أكثر من 34 عربة بالإضافة لعدد 359 عربة تعرضت للضرر. من ذلك، عدد ثلاثة عشر عربة LAV-III دمرت بالكامل وأكثر من 159 أتلفت نتيجة متفجرات الطريق المرتجلة أو ما يسمى بقنابل جانب الطريق roadside bombs. تزايد خسائر العربات المدرعة الخفيفة استدعى تدخل سريع من الحكومة الكندية وتوقيع عدد من العقود لتحسين واصلاح واستبدال عربات LAV-III المتضررة نتيجة العمليات العسكرية في أفغانستان. بالنتيجة، جرى تطوير هذه العربات وتزويدها بالحماية المحسنة بالإضافة لتعزيز حركيتها. أحد هذه العقود كان مع شركة جنرال ديناميكس للأنظمة الأرضية GDLS من أجل تطوير عدد 550 عربة نوع LAV-III وتحسين قابلياتها تجاه الألغام الأرضية ومتفجرات الطريق المرتجلة التي كانت سبباً لعدد كبير من الوفيات الكندية في أفغانستان.
تزايد معدل الإصابات والخسائر الكندية تطلب تدخل سريع من القادة العسكريين، ليقرر هؤلاء حتمية إرسال الدبابات لتوفير الدعم والإسناد لقواتهم المنتشرة في أفغانستان. لقد قاموا بالفعل في خريف العام 2006 بإرسال عدد 17 دبابة من نوع Leopard 1 مجهزة بوحدات الدرع الردي السلبي MEXAS بالإضافة لأربع عربات استعادة ومثلها عربات هندسة. الدبابات الأولى وصلت إلى قندهار في منتصف شهر أكتوبر 2006 وسريعاً أصبحت هذه القوة الثقيلة وحدة الإسناد الرئيسة في جنوب أفغانستان لكل من القوات الكندية والأفغانية والبريطانية. بعد ذلك، الجيش الكندي بدأ برنامج عاجل لشراء دبابات Leopard 2 من الفائض الألماني والهولندي (دبابة بقوة نارية أكبر وحماية محسنة من الألغام تحت الهيكل وتحسينات داخلية لتعزيز قابلية بقاء الطاقم، أفضل بكثير من مثيلتها Leopard 1). الكنديون صرحوا أيضاً بأنهم لاحظوا أن القوافل التي كانت بحماية الدبابات، كانت أقل احتمالاً بكثير للتعرض لكمائن طالبان. وخلال خدمتها الميدانية، عدد ثلاث دبابات كندية أعطبت بشدة في أفغانستان، واحدة منها من نوع Leopard 1 ودبابتان من نوع Leopard 2 (فقط فرد واحد من طاقم إحدى الدبابات قتل).