علي الهاشم – باحث ومختص بمجال الدفاع والطيران والأنظمة الدفاعية
يتم تداول العديد من النقاشات حول ضرورة تعزيز القوات الجوية الأوكرانية بمقاتلات “إف – 16″، والتي تم تطويرها في الولايات المتحدة. كانت هذه النقاشات تتم بين بعض دول الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا. وكانت الطرازات السابقة من “إف – 16” معروفة باسم “فايتنغ فالكون”، ولكن الآن تسمى “فايبر”.
وعلى الرغم من أن عملية تزويد كييف بتلك المقاتلات لا تعني بالضرورة أن الوضع سيكون لصالح الجانب الأوكراني بشكل إيجابي، إلا أن كفاءة المقاتلة “إف – 16” مُثبتة في المعارك. ومع ذلك، نشأ جدل حديث بين الطيار دان هامبتون، الذي يمتلك خبرة في طائرة “إف – 16″، والجنرال ديفيد ديبتولا، الذي أشار إلى أنه لتحقيق الاستثمار الأمثل في المعدات، يجب أن تكون جزءًا من نظام متكامل، وأن تُخطط لها بعناية واحترافية.
ومع ذلك، هناك عدة نقاط يجب استكشافها قبل أن نستنتج أي شيء بشأن ما تم ذكره. أهم هذه النقاط هو فهم قدرات مقاتلة “إف – 16” والسبب وراء طلب أوكرانيا لهذه المقاتلات.
مقاتلة “إف – 16”
منذ البداية، لاقت مقاتلة “إف – 16” الرشيقة ذات التصميم العصري اهتمامًا واسعًا من قبل المستخدمين، حيث تتميز بحجمها الأصغر وخفة وزنها مقارنة بمقاتلة “اف – 15 إيغل”. تعمل المقاتلة “إف – 16” بمحرك واحد من نفس الطراز المستخدم في مقاتلة “اف – 15 إيغل”. والأهم من ذلك، هي أكثر تطورًا وأقل تكلفة من مقاتلة “اف – 15 إيغل”، حيث تم تجهيز “إف – 16” بنظام سيطرة على الطيران يعمل بواسطة الإشارات الكهربائية، المعروف باسم “الطيران بواسطة السلك” (Fly-By-Wire). يتم توصيل إشارات الطيار من خلال عصا التوجيه المثبتة في الجانب الأيمن، بدلاً من التوجيه التقليدي في الوسط بواسطة إشارات كهربائية، ثم يتم توجيهها إلى أسطح التوجيه. يعمل هذا النظام على حماية الطائرة من فقدان السيطرة وتمكينها من أداء مناورات متقدمة غير متاحة في معظم المقاتلات.
إضافة إلى ذلك، تتمتع مقاتلة “إف – 16” ببصمة رادارية منخفضة نسبيًا، حيث يتم استخدام مواد مركبة بدلاً من المعادن في معظم هيكلها. هذا الأمر يساهم في زيادة كفاءة استهلاك الوقود نظرًا للمقاومة المنخفضة للهواء التي تواجهها الطائرة أثناء تحليقها. وهذا يعني أنها قادرة على الطيران لمسافات طويلة نسبيًا، وهذا يشكل ميزة بالنسبة لمقاتلة تعمل بمحرك واحد وتتميز بحجم بدنها الصغير
تم تجهيز قمرة قيادة مقاتلة “إف – 16” بشكل يشبه مركبة فضائية، مع مقعدها المائل إلى الخلف لتخفيف تأثير الجاذبية أثناء المناورات الحادة. تم استخدام شاشة عرض تعمل بتقنية أشعة الكاثود في البداية قبل استبدالها بشاشات تعمل بتقنية الكريستال السائل، بالإضافة إلى وجود شاشة رأسية علوية (HUD)، وذلك لتخفيف العبء على الطيار وتوفير رؤية داخل القمرة بدلاً من الحاجة للتحديق خارجها لمراقبة التضاريس وتوجيه الطائرة.
بالإضافة إلى ذلك، يتمتع الرادار الخاص بالمقاتلة “إف – 16” بتعددية الأنماط، حيث يمكنه استخدام أنماط الكشف والتتبع في الجو والأرض. وهذا بحد ذاته يجعل المقاتلة مناسبة لاحتياجات سلاح الجو الأوكراني.
تكسير الوقود
هناك خاصية فريدة لمقاتلة “إف – 16” تُعرف باسم “تكسير الوقود” أو Fuel Fraction، وتتمثل في تجزئة مكونات الوقود وفقًا لإجراءات تصميم دقيقة.
لفهم هذه الجوانب بشكل صحيح، ينبغي علينا أن نلقي نظرة على حجم مقاتلة “إف-16” التي تتميز بصغر حجمها وخفة وزنها، حتى بدون الاعتماد على المواد المركبة. يعمل هذا الأمر لصالح المقاتلة الصغيرة الحجم، حيث تكون أقل مقاومة للهواء. ومع ذلك، يجب أن نلاحظ أن معامل المقاومة الهوائية ليس العامل الوحيد المؤثر. لنكن أكثر دقة، دعونا نقارن مقاومة الهواء بين مقاتلة “إف-16” ومقاتلة “إف-4 فانتوم” الأكبر حجمًا وسنجد أنهما تمتلكان قيمة متساوية. والإجابة تكمن في “تكسير الوقود” أو مصطلح “Fuel Fraction” الذي يعكس نسبة كمية الوقود إلى وزن الطائرة.
بشكل أدق، كلما كان حمل الجناح (Wing Loading) منخفضًا، زاد الوزن (مع ارتفاع نسبة الدفع إلى الوزن)، وزادت مقاومة الهواء. وكلما كانت نسبة الدفع عالية للمحرك، زاد معدل استهلاك الوقود، ولكن مع حمل جناح أقل، يقل معدل استهلاك الوقود. وبالتالي، تمنحنا مقاتلة “إف – 16” حمل جناح منخفض (قدرة على المناورة العالية) ونسبة دفع إلى وزن عالية (سرعة ومعدل تسلق عالي)، وذلك بفضل التصميم الأمثل واستخدام نظام الطيران بواسطة الإشارات الكهربائية (Fly-By-Wire)، وهذا ما تتمتع به مقاتلة “إف-16” أحادية المحرك و ذات الأداء و المدى المتفوق نسبيا بالمقارنة مع المقاتلات المنافسة الأخرى.