دبابات “أبرامز” الأمريكية في أوكرانيا.. إضافة حاسمة أم تحديات محتملة؟

أبرامز

راني زيادة

دخلت دبابات “إم1 أبرامز” الأمريكية حديثًا على خط النزاع في أوكرانيا، لتقديم الدعم العسكري الذي انتظرته كييف بفارغ الصبر. تعتبر هذه الدبابات واحدة من أكثر الدبابات تقدمًا في العالم، وهي توفر حماية متقدمة من خلال دروعها المصنوعة من اليورانيوم المنضب.

وأفادت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية نقلاً عن مسؤولين أمريكيين أن “أول دفعة من دبابات أبرامز الأمريكية قد تم تسليمها إلى أوكرانيا”. وأشار المسؤولون إلى أن هذه الدبابات تم شحنها إلى أوكرانيا كجزء من دفعة تتألف من 31 دبابة من هذا الطراز.

أسباب رغبة أوكرانيا في هذه الدبابات الأمريكية

طالبت كييف بدعمها بدبابات ثقيلة قادرة على تعزيز قدراتها في مواجهة القوات الروسية على الخطوط الأمامية. وكانت “إم1 أبرامز” هي الخيار الأمثل بناءً على سجلها الطويل كدبابة قتال رئيسية في الولايات المتحدة.

يُعتبر هذا القرار مهمًا جدًا في سياق النزاع، حيث تتميز دبابات أبرامز بقدرتها على مواجهة الدبابات الأخرى واختراق خطوط العدو، وهي تصلح تمامًا للتضاريس المفتوحة والمناطق الطبيعية في جنوب أوكرانيا وشرقها. هذا يعني أنه من الممكن لها أن تساهم بفعالية في الهجوم المضاد ضد القوات الروسية.

تجدر الإشارة إلى أن أوكرانيا عانت خلال الحرب من خسائر كبيرة في معداتها العسكرية، حيث وثق موقع “Oryx” فقدان 654 دبابة أوكرانية. تأتي هذه الدبابات الأمريكية لتساهم في تقليل هذه الخسائر وزيادة القوة النارية لقوات أوكرانيا.

لماذا ترددت الولايات المتحدة في إرسال هذه الدبابات؟

على الرغم من إلحاح أوكرانيا لفترة طويلة، إلا أن الولايات المتحدة واجهت تحديات لوجستية وتدريبية فيما يتعلق بالدبابات. فإن صيانة وتشغيل هذه الدبابات تتطلب موارد كبيرة. كما أنها كانت تتطلب تدريب وإعداد القوات الأوكرانية.

يعتمد أداء هذه الدبابات بشكل كبير على توفير الوقود والصيانة اللازمة، مما يخلق مشاكل وتحديات إذا ما تعذر وصول الوقود إلى الدبابات بشكل منتظم في ظل الظروف الجوية القاسية.

أما بالنسبة لقدرة “أبرامز” على المناورة عبر الثلج والطين، فهي تعتمد أيضًا على توفير الدعم اللوجستي اللازم. فعلى الرغم من أن هذه الدبابات قادرة على السير في مثل هذه الظروف والتضاريس، إلا أنها بحاجة إلى دعم لوجستي قوي لضمان استمرار تشغيلها بكفاءة. وإذا تعطلت شاحنات الوقود، فإن ذلك يمكن أن يعرقل قدرتها على العمل.

وصفت مارينا ميرون، الباحثة في قسم دراسات الحرب في جامعة كينغز كوليدج في لندن، إرسال هذا النوع من الدبابات إلى أوكرانيا بـ”غير العملي”.

ففي مقابلة مع مجلة “نيوزويك”، قالت ميرون، إنه وببساطة يمكن أن يوقف الوحل في زابوروجيه عمل هذه الدبابة، مشيرة إلى أن دبابات “أبرامز” و “ليوبارد” و”تشالنجر” تعمل بشكل مختلف في ساحات القتال، وقد يشكل ذلك كابوساً لوجستياً، كما ويمكن أن تظهر مشاكل تتعلق بالصيانة.

وعليه، فإن وصول “إم1 أبرامز” إلى أوكرانيا يمثل تطورًا مهمًا في النزاع، وقد يلعب دورًا كبيرًا في الأحداث القادمة على الأرض. إذا ما تمكنت أوكرانيا من استخدام هذه الدبابات بفعالية، فقد يتغير مجرى الحرب بشكل كبير وستزيد فرص أوكرانيا في الدفاع عن أراضيها بنجاح.

ما هي مواصفات دبابات “أبرامز”؟

تتمتع دبابات “إم1 أبرامز” بتقنيات حديثة تمنحها ميزة تسليح قوي وحماية ممتازة. يمكن لمدفعها إطلاق قذائف اليورانيوم المخصّب من عيار 120 ملم، مما يزيد من قوة نيرانها وقدرتها على التصدي للأهداف المختلفة. كما أنها مزودة بمدفعين رشاشين من عيار 7.62 ملم ومدفع رشاش من عيار 0.50 ملم.

على الرغم من وزنها الكبير الذي يزيد عن 60 طنًا، إلا أنها تتمتع بقدرة حركة مذهلة بفضل محركها القوي الذي يعمل بوقود الطائرات. وهي تتميز بمدى ممتاز يبلغ 426 كيلومتر وسرعة قصوى تصل إلى 67.5 كيلومتر في الساعة، مما يجعلها قادرة على التنقل بسرعة عبر مختلف التضاريس.

توجد منها نسخ متطورة، وتعمل بنظام رؤية حراري ليلي يمكن استخدامه في وضح النهار عند انعدام الرؤية لظروف الطقس وما شابه.

يستطيع برج الدبابة، الذي يحمل المدفع، الدوران 360 درجة مما يسهل لها المناورة السريعة ودقة التصويب. برج الدبابة مزود بقاذفتين على جانبي المدفع الرئيسي سداسيتي الماسورة.

دخلت دبابة “أبرامز” الخدمة في الجيش الأميركي عام 1980، وتعتبر الجيل الثالث من الدبابات القتالية الأميركية، كما أنها تعد العمود الفقري لجيش الولايات المتحدة.

منذ دخولها الخدمة، صنع منها أكثر من 10 آلاف و700 وحدة من مختلف النسخ، وجرى إدخال تحديثات عديدة عليها طوال العقود الماضية.

هذه المميزات تجعل دبابات “إم1 أبرامز” واحدة من أقوى الدبابات في العالم، وهي ستساهم بشكل كبير في تعزيز القدرات العسكرية للقوات الأوكرانية في مواجهة التحديات الحالية.

ما هي تجارب دبابات “أبرامز” السابقة؟

أثبتت دبابات “أبرامز” فشلها في اليمن، ووثق الإعلام اليمني تدمير عشرات الدبابات في مختلف الجبهات.

وبحسب صحيفة “روسيسكايا غازيتا” فإن دبابات “أبرامز” تعرضت للتدمير بنسبة كبيرة تفوق النسبة التي تعرضت لها دبابات “عجوزة” مثل “تي-34”.

وخلال معارك الموصل التي خاضها الجيش العراقي في عام 2017، كشفت مصادر عراقية عن خروج 60 دبابة أمريكية من الخدمة من طراز أبرامز اشترتها بغداد نهاية عام 2010 من واشنطن.

على الرغم من اعتبار بعض المراقبين الدبابات تكنولوجيا قديمة وغير فعالة في الحروب الحديثة، إلا أنها لا تزال تمتلك أهمية كبيرة. فهي توفر مزيجًا من القوة النارية والحماية والقدرة على المناورة، مما يجعلها قوة ميدانية لا غنى عنها في بعض السيناريوهات.

تظل الدبابات فعالة ضد تحصينات العدو وتوفر درعًا متحركًا قادرًا على اختراق الخطوط العدو بفعالية.

كيف سيكون الرد الروسي على إرسال دبابات أبرامز الأمريكية؟

توعد الكرملين الثلاثاء بإحراق دبابات أبرامز الأمريكية التي سُلّمَت لكييف، مؤكداً أن وصولها إلى ساحة المعركة “لن يغيّر من ميزان القوى” بين الجيشين الروسي والأوكراني.

وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، إن “دبابات أبرامز أسلحة مهمة… ستحترق هي الأخرى”، مكرراً تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أثناء تسليم أوكرانيا أولى دبابات “ليوبارد” في يناير/ كانون الثاني الماضي.

وشدد بيسكوف على أنه بالرغم من أهمية دبابات أبرامز، فلا يمكن لأي نوع من الأسلحة تغيير ميزان القوى في ساحة المعركة أو تحويل مسار الحرب أو نتيجتها.