في وقت تتركز الأنظار على التداعيات العسكرية والسياسية والأمنية لعملية “طوفـ.ان الأقصى”، التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية “حمـ. اس” ضد مواقع عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في محيط قطاع غـ. زة، يوم 7 تشرين الأول الماضي، وما تبعها من عدوان إسرائيلي على هذا القطاع، تتعاظم آثار الحرب الاقتصادية والسياسية يوماً بعد يوم على إسـ.رائيل.
فما هي التداعيات الاقتصادية والسياسية على مستقبل إسرائيل بعد مرور شهر على بدء الحرب؟
العميد المتقاعد ناجي ملاعب يؤكد لـ”المركزية” ان “من الناحية السياسية، وقبل 7 تشرين الأول عانت إسرائيل من القرارات التي اتخذتها هذه الحكومة اليمينية المتطرفة منذ تشكيلها، خاصة محاولتها إلغاء المحكمة العسكرية العليا، ما انعكس سلباً على حكومة بنيامين نتنياهو، وعمّت شوارع البلاد تظاهرات استمرت الى ما يزيد عن ثلاثة اشهر اعتراضاً على طريقة حكم إسرائيل بهذه الذهنية اليمينية المتطرفة. بالتالي سياسيًا، هذه الحكومة نالت ثقة وتقود البلاد بشكل منفرد، وباتجاه واحد، ما أدّى إلى اعتراضات واسعة على هذا الوضع. وجاءت عملية 7 تشرين لتُفقِد هذه الحكومة الثقة التي يعترض عليها معظم الناس.
ويتابع ملاعب: “وتجلّى إرباك الحكومة إسرائيلية على مستوى التعاطي السياسي مع العسكر، لأن نتنياهو يحمّل مسؤولية العملية المفاجئة التي قامت بها “حماس” للمخابرات ونظام الأمن، لكنه عاد وسحب كلامه في اليوم التالي، وهذا يدل على أن هناك شرخاً كبيرًا بين المستويين العسكري والسياسي. فإذا كان نتنياهو ووزراؤه الذين اختارهم من المتعصبين الدينيين والعرقيين حتى، هؤلاء الذين يرفعون السقوف العالية دائماً بطروحاتهم، يصعب عليهم تحقيق أي هدف من أهدافهم، ومنها مسح “حماس” وحكم غزة أمنياً في المستقبل. فقد وصلت معهم الأمور الى درجة التهجير، وليس فقط من شمال غزة الى جنوبها، بل باتجاه سيناء، وكل ما يجري في الضفة الغربية يهدف إلى تهجيرهم الى الأردن. لكن إذا كان هذا هدفهم فلن يستطيعوا تحقيقه”.
ويشير ملاعب إلى أن “سياسيا هناك إرباك إسرائيلي بمستقبل هذا الوضع. خلال شهر وأسبوع لم يستطيعوا تحديد أماكن الأسرى وليس تحرير أسير. وبالتالي لم تتحقق أي من هذه الأحلام التي صنعوها ورفعوا السقف فيها. هم جديرون ويشهد لهم العالم بالانتقام وباللاإنسانية واللاأخلاقية ولا يعيرون أي اعتبار لكنائس او جوامع او مدارس أو مستشفيات أو وكالات دولية… حتى العالم الغربي تحرك ونزل المتظاهرون الى الشوارع لرفض الأعمال التي يقومون بها. أكثر من ذلك، لم ولن يستطيعوا امتلاك الأرض او البقاء فيها، لأن ما ينتظرهم في غزة هو بندقية وسلاح فلسطيني عن حق وحقيقة، مصنوع في فلسطين وإرادة قوية، والأهم أن قرار الفلسطينيين اليوم بيدهم ولا يستطيع احد ان يتاجر ببيع وشراء هذا القرار من الخارج، وما زالت الأنفاق تتصل بالخارج وما زالوا يُحضِرون المواد اللازمة لبقائهم وصمودهم، لذلك فإن القتال سوف يستمر لفترات طويلة”.
ويؤكد ان “اسرائيل تعاني اقتصادياً، خاصة وان ما لا يقلّ عن 50 ألف عامل يتوجهون من الضفة الغربية الى داخل إسرائيل للعمل، هؤلاء توقفوا عن الذهاب إلى مراكز عملهم بسبب حصار الضفة الغربية والتعامل معها بالحديد والنار. بالإضافة إلى 18 ألف فلسطيني يخرجون من غزة للعمل في إسرائيل، وهذا نقص في الاقتصاد الاسرائيلي ليس بالسهل، يضاف إليها حالة التهجير التي حصلت من غلاف غزة وشمال اسرائيل الى الداخل تعيق العمل وتفرض وضعاً صعباً جداً، هؤلاء تركوا أعمالهم وانتقلوا الى الفنادق وهم خارج الخدمة حاليا، كذلك استدعاء 300 الف احتياطي حتى لو حضر نصف هؤلاء احتياطيا فقط، فهم خرجوا من صناعاتهم وأعمالهم الى الجندية وبالتالي يعاني الاقتصاد الاسرائيلي من الشلل بنسبة كبيرة”.
عامل الوقت لن يكون لصالح إسرائيل واقتصادها المعطّل بجزء كبير منه مهما نال من الدعم الأميركي
العميد المتقاعد ناجي ملاعب
ويرى ملاعب أن “عامل الوقت لن يكون لصالح إسرائيل واقتصادها المعطّل بجزء كبير منه مهما نال من الدعم الأميركي. فاسرائيل ليست اوكرانيا، لأن الأخيرة لديها قوى ليست محتلة لأرض أحد ولا تقاتل داخل ارضها إلا الاجتياح الروسي، وبالتالي كمقارنة بين البلدين، يمكن القول أن اوكرانيا ما زالت تصدّر بضاعتها بينما إسرائيل وضعها الاقتصادي غير سليم وجيشها يُستَنزَف وعليها البقاء على هذه الجهوزية في غزة، هذا اذا لم يتطور الوضع في جنوب لبنان وباقي المناطق، ففي حال تطوّرت الأحداث، فإن تل أبيب لن تستطيع الاحتمال، ومستقبل اسرائيل ومن يدعمها ويوجّهها ومن يقوم بالإشراف على العمل العسكري الاسرائيلي على المحك. لذلك، أعتقد ان الولايات المتحدة هي من عليها القبول بالجلوس الى الطاولة. فليس قليلا ان يلتقي 57 رئيس دولة في القمة العربية التي انعقدت الأسبوع الماضي في الرياض، للمطالبة بوقف إطلاق النار. صحيح انهم لم يقدموا على خطوات إجرائية، لكنه يُلزم الولايات المتحدة ان توقف هذا العدوان وتجلس الى الطاولة. هذا الوضع حرّك مستقبل فلسطين الذي كان الى يوم ما ضائعا ولم يعد هناك من مستقبل لفلسطين او الفلطسينيين”.
المصدر: المركزية