العقيد ظافر مراد: المواجهات في البحر الأحمر تضع أنظمة الدفاع الجوي أمام اختبار صعب وربما غير مسبوق

خاص – دفاع العرب

تزداد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، مستخدمين صواريخ باليستية مضادة للسفن، الأمر الذي دفع الدول إلى زيادة استثماراتها في أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي المتكاملة لتأمين خطوط الملاحة البحرية الحيوية والتصدي للتهديدات المتزايدة.

أشار خبراء ومسؤولون في قطاع الدفاع لوكالة “رويترز” إلى أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر دفعت دولًا آسيوية إلى زيادة اهتمامها بأنظمة الدفاع الجوي والصاروخي.

لا يقتصر اهتمام الدول على مواجهة الصواريخ الباليستية فحسب، بل أيضاً على التهديدات الجوية الصغيرة “منخفضة المستوى”، مثل الطائرات المسيرة التي يتزامن إطلاقها مع هجمات كبيرة في البحر الأحمر.

تكلفة الصواريخ الاعتراضية

تستخدم الحوثيون، وفق مجلة “ناشيونال إنترست” الأميركية، صواريخ وطائرات مسيرة رخيصة التكلفة، لا تزيد تكلفة الطائرة المسيرة الواحدة عن 2000 دولار، بينما يستخدم الجيش الأميركي صواريخ دفاع جوي تكلفة الواحد منها ما بين مليون و 4 ملايين دولار.

يؤكد الخبير العسكري العقيد الركن م ظافر مراد لموقع “دفاع العرب” أن خطر التصعيد هو الشاغل الرئيسي في الوقت الحالي، حيث تقترب الولايات المتحدة من الدخول في حرب شاملة في البحر الأحمر، ومنذ بدء عملية طوفان الأقصى استقدمت الولايات المتحدة إلى المنطقة حلفاءها ليكونوا شركاء ليس فقط في كلفة الحرب والانخراط فيها، بل أيضاً للمشاركة في تكريس حالة “الردع” ضد أعدائها.

ويضيف الخبير بأن الولايات المتحدة والحلفاء الغربيون يواجهون معضلة الكلفة العالية والجهد الكبير في هذه المواجهة، مقابل كلفة متواضعة وجهد بسيط من قبل الحوثيين، في حرب قد تستمر لوقتٍ طويل.

ويقول مراد إنه يمكننا على المستوى المفاهيمي، أن نضع المواجهات في البحر الأحمر في  إطار الحرب غير المتماثلة، ولكن في نسختها البحرية، فعلى الرغم من الفارق الكبير في مستويات القوة بين الحوثيين من جهة، ومن جهة أخرى تحالف واشنطن البحري الذي تم دعمه أيضاً بمهمة “أسبيدس” التي أطلقها الاتحاد الأوروبي لحماية الملاحة في البحر الأحمر، إلا أن الحوثيين لا زالوا قادرين على تحقيق إصابات مؤكَّدة وتهديد السفن المدنية والعسكرية بدرجةٍ كبيرة.

وفي هذا المجال يشير الخبير العسكري إلى أن الصواريخ الدفاعية الأميركية قد تكون كلفتها أعلى بكثير من الصواريخ الهجومية، وهذا التفاوت يرجع إلى المتطلبات التقنية الكبيرة والكلفة العالية  لمنظومات الدفاع الجوي الحديثة، حيث يجب أن تكون نسبة النجاح في الاعتراض تفوق 90%، خاصة في حماية أهداف استراتيجية وحساسة. ولكي تحقق منظومات الدفاع هذه النسبة العالية من النجاح، فذلك يتطلب أولاً رادارات كشف مبكر للصواريخ المهاجمة، كي يتسنى لمنظومة الدفاع أن تتهيأ للرد، ثانياً الاستمرارية في تتبع الهدف وتسجيل إحداثاته، ثالثاً أن تكون صواريخ الدفاع الجوي متفوقة في سرعتها على الصواريخ المهاجمة، كي تستطيع ملاحقتها وتدميرها قبل وصولها إلى هدفها، ورابعاً دقة وفعالية الإصابة وتأكيد تدمير الهدف.

ويتابع العقيد مراد كلامه قائلاً: “تضع المواجهات في البحر الأحمر، أنظمة الدفاع الجوي وحماية السفن أمام إختبار صعب وربما غير مسبوق، حيث إن ظروف وطبيعة الاشتباك، قد تفقد التكنولوجيا المتطورة خصائصها، لذلك فإن الشركات المصنعة لمنظومات الدفاع الجوي والبحري، لا سيما الغربية منها، ستضع ثقلها في الأبحاث والتطوير للتوصل إلى حلول للتحديات الناتجة عن تهديدات الصواريخ والطائرات والزوارق المسيرة، والمقذوفات الغبية غير الموجهة”.

ويضيف: “يجب ألا يتم التركيز على كلفة المنظومات الدفاعية بقدر ما يجب التركيز على فعاليتها ودقتها كما هو مطلوب في ظروف مواجهات كتلك التي في البحر الأحمر، حيث يُعتقد أن أداء هذه المنظومات لم يكن على المستوى المطلوب”. 

أنواع الصواريخ الاعتراضية المستخدمة في البحر الأحمر

أثبتت أنظمة الدفاع الصاروخي فعاليتها في اعتراض الصواريخ الباليستية المضادة للسفن، خاصةً عندما تكون في نطاق سفينة حربية. تُستخدم أنظمة مثل “Aegis” من شركة “لوكهيد مارتن” على متن المدمرات التابعة للبحرية الأميركية لاعتراض التهديدات.

يستخدم “Aegis” صواريخ “إس.إم-2″ و”إس.إم-3″ و”إس.إم-6” من “ريثيون” التابعة لـ”RTX”، وتُستخدم صواريخ “سبارو” لإسقاط الطائرات المسيرة.

يصل سعر صاروخ “إس.إم-2” 2.1 مليون دولار، وتبلغ تكلفة “إس.إم-6” 4.3 مليون دولار، وتبلغ تكلفة صاروخ “سبارو” 1.7 مليون دولار، وفقًا لـ “تحالف دعم الدفاع الصاروخي”.

يشير العقيد الركن م ظافر مراد إلى أن السفن لا تستطيع إعادة تحميل الذخائر وهي في البحر وأنها يجب أن تعود إلى الميناء لإعادة التحميل.

ويضيف بأن البنتاجون قد أنفق 12.3 مليار دولار على برامج الدفاع الصاروخي الخاصة به في عام 2022 و 24.7 مليار دولار على صواريخه وذخائره وأن مخزون الصواريخ كبير. بالإضافة إلى ذلك، فإن الدول المشاركة سيكون لها قدراتها الخاصة.

وبحسب وزير الدفاع لويد أوستن، تشمل هذه الدول المملكة المتحدة والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج والسيشل وإسبانيا. ومن المثير للاهتمام أنها لا تشمل حليف الناتو تركيا أو المملكة العربية السعودية.

أنواع الصواريخ الهجومية المستخدمة في البحر الأحمر

ووفق وكالة “ريا نوفوستي” الروسية، تضم ترسانة الحوثيين صواريخ مجنحة وأخرى باليستية لاستهداف السفن ومن أبرز أنواعها:

  • روبيج (بي – 21 / 22): صاروخ سوفيتي بمدى 80 كيلومترًا.
  • المندب – 1 (سي – 801): صاروخ صيني بمدى 40 كيلومترًا.
  • المندب – 2 (غدير): صاروخ إيراني بمدى 300 كيلومترًا.
  • سياد (بافي – 351): صاروخ إيراني بمدى 800 كيلومترًا.
  • قدس (بافي – 351): صاروخ إيراني بمدى 800 كيلومترًا.
  • سجيل: صاروخ إيراني بمدى 180 كيلومترًا.

تضم ترسانة الحوثيين صواريخ باليستية ومن أبرز أنواعها:

  • محيط: نسخة عن “سام – 2” الروسية تم تعديله بأنظمة توجيه إيرانية.
  • عاصف: نسخة عن الصاروخ الإيراني المضاد للسفن “فاتح – 313”.
  • تنكيل: نسخة عن “رعد – 500” الإيراني.
  • فالق: صاروخ بمدى 140 كيلومترًا.
  • البحر الأحمر: صاروخ بمدى غير معروف.
  • مَيٌون: صاروخ بمدى غير معروف.

تستخدم جميع هذه الصواريخ موجهة بنظام الرؤية الإلكترونية والأشعة تحت الحمراء.

سباق تسلح جديد في أنظمة الدفاع الجوي

يُشكل خطر التصعيد في المنطقة مصدر قلق كبير، بينما تُركز الدول على تطوير أنظمة دفاع جوي متقدمة، ويُثار الجدل حول تكلفة الصواريخ الاعتراضية الأمريكية الباهظة مقارنةً بتكلفة صواريخ الحوثيين الرخيصة، بينما يرى خبراء أن التركيز يجب أن ينصب على فعالية هذه الصواريخ في تحقيق الأهداف.

ومن المتوقع أن يستمر سباق التسلح في أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي في البحر الأحمر، مع سعي الدول إلى تعزيز قدراتها الدفاعية لمواجهة التهديدات المتزايدة.