
تسعى تركيا لتعزيز قدراتها الدفاعية عبر تطوير أنظمة محلية الصنع، ويُعد نظام حصار للدفاع الجوي مثالًا بارزًا على هذه الجهود. يهدف هذا النظام إلى تأمين الحماية ضد مجموعة واسعة من التهديدات الجوية، بما في ذلك الطائرات المقاتلة، والمروحيات، والطائرات بدون طيار، والصواريخ الجوالة، مما يجعله عنصرًا رئيسيًا في استراتيجية الدفاع الجوي التركية.
تطوير نظام حصار: رؤية للاكتفاء الذاتي
طوّرت شركتا “روكيتسان” و”أسيلسان” نظام حصار، الذي يعني “القلعة” باللغة التركية، ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى تقليل الاعتماد على الأنظمة الدفاعية الأجنبية وتعزيز الاستقلالية العسكرية. يعكس هذا المشروع التوجه التركي نحو تحقيق سيادة تكنولوجية في قطاع الدفاع، حيث يعتمد النظام على تقنيات محلية الصنع لتعزيز القدرة القتالية ضد التهديدات الجوية المختلفة.

الإصدارات المختلفة لنظام حصار
يتوفر نظام حصار بثلاثة إصدارات رئيسية، كل منها مصمم لتلبية احتياجات تشغيلية محددة:
- حصار A: نظام دفاع جوي قصير المدى بمدى يصل إلى 15 كيلومترًا وارتفاع فعّال حتى 8 كيلومترات. يُركَّب على مركبات مدرعة، ما يجعله مثاليًا لحماية القوات المنتشرة أو البنية التحتية الحيوية.
- حصار O: نظام متوسط المدى يوفر حماية على نطاق أوسع، حيث يصل مداه إلى 25 كيلومترًا وارتفاعه الفعّال حتى 15 كيلومترات، ما يجعله مناسبًا للدفاع عن القواعد العسكرية والمنشآت الاستراتيجية.
- حصار U (سيبر): يُعد النسخة الأكثر تطورًا، بمدى يصل إلى 100 كيلومتر وقدرة على التعامل مع الأهداف على ارتفاعات عالية، ما يعزز التكامل مع أنظمة الدفاع الجوي الأخرى لتوفير تغطية شاملة.
وفي 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، عُرضت تجربة إطلاق صاروخ الدفاع الجوي “حصار-U” للجمهور لأول مرة.
التكنولوجيا المتقدمة في نظام حصار
يعتمد نظام حصار على توجيه مزدوج، يجمع بين التوجيه بالبيانات خلال المرحلة المتوسطة والتوجيه بالأشعة تحت الحمراء في المرحلة النهائية، مما يضمن دقة إصابة الأهداف. كما يتكامل مع رادارات متطورة قادرة على تتبع واستهداف عدة أهداف في آنٍ واحد، مما يعزز فاعليته في البيئات القتالية المعقدة.
أهمية نظام حصار في الاستراتيجية الدفاعية التركية
يُمثل نظام “حصار” للدفاع الجوي إضافة نوعية للاستراتيجية الدفاعية التركية، حيث يوفر قدرات متقدمة في عدة مجالات:
1. تفوق الدفاع الجوي:
تمنح منظومة “حصار” تركيا قدرات دفاع جوي متطورة، حيث تتميز صواريخها بقدرة عالية على اعتراض وتدمير مختلف التهديدات الجوية بكفاءة، بدءًا من الارتفاعات المنخفضة والمتوسطة وصولًا إلى أعالي الجو. تشمل هذه التهديدات طائرات العدو بأنواعها، والصواريخ الباليستية، والطائرات المسيّرة، وغيرها من الأهداف الجوية المتنوعة.
2. تعزيز الاستقلالية العسكرية:
يُعزز تطوير نظام “حصار” من قدرة تركيا على الاكتفاء الذاتي في مجال تكنولوجيا الدفاع الجوي، ويقلل من اعتمادها على الاستيراد الخارجي للأسلحة. هذه الخطوة تعزز من استقلالية القرار العسكري التركي، وتضمن القدرة على تطوير وتشغيل هذه الأنظمة بكفاءة وفاعلية في أي وقت.
3. التعاون الدولي المثمر:
تساهم منظومة “حصار” في توطيد التعاون الدفاعي والشراكات الاستراتيجية مع الدول الصديقة. تسعى تركيا باستمرار إلى تطوير هذه الأنظمة بالتعاون مع حلفائها وشركائها الدوليين، مما يتيح لها الاستفادة من أحدث الخبرات والتقنيات المتاحة في هذا المجال.
4. الردع الاستراتيجي الفعال:
يُعد نظام “حصار” عنصرًا هامًا في تقوية الردع الاستراتيجي لتركيا. فامتلاك القدرة على اعتراض وتدمير التهديدات الجوية بكفاءة عالية يرسل إشارة قوية إلى أي جهة تُفكر في شن هجوم جوي على تركيا، ويؤكد أن أي عدوان سيُواجه برد حاسم ومؤثر.
5. دعم التنمية الصناعية والاقتصادية:
يُعد تطوير وتصنيع نظام “حصار” رافدًا هامًا للتنمية الصناعية والاقتصادية في تركيا. حيث يُساهم هذا المشروع في تعزيز القطاع الصناعي، وخلق فرص عمل جديدة، وتحفيز الابتكار التكنولوجي.
اهتمام عالمي بنظام حصار
أعربت بنغلاديش عن اهتمامها بنظام الدفاع الجوي حصار-O، ووقَّعت إندونيسيا عقداً لشراء نسخة مختلفة من نظام صواريخ أرض-جو حصار-O وحصار-U من شركة الدفاع التركية روكيستان في Indo Defense 2022.