سيناريو الشيطان: ماذا يعني قصف مفاعل نووي في إيران؟

علي الهاشم – باحث كويتي مختص في الشؤون الدفاعية


لم ينسَ العالم بعد ما خلّفه انصهار قلب مفاعل تشيرنوبل في أوكرانيا، إبان عهد الاتحاد السوفيتي السابق عام 1986، من كارثة كبرى وتبعات كارثية استمرت لسنوات طويلة، رغم نجاح الاتحاد السوفيتي في احتوائها، وإن كان ذلك بعد فوات الأوان.


لكن هذه المرة، إذا أقدمت إسرائيل أو الولايات المتحدة على قصف مفاعلات إيران النووية، فلن تكون العواقب مشابهة لما حدث في تشيرنوبل، بل ستكون أشد فداحة ودمارًا. والسبب بسيط وواضح: استهداف مفاعل نووي نشط أخطر بكثير من استهداف مفاعل غير نشط، كما حدث مع مفاعل العراق في عام 1981، حين تم تدميره قبل تشغيله بوقت قصير.

إن قصف مفاعل نووي نشط (أي في وضع التشغيل) سيؤدي إلى كارثة تفوق بكثير كارثة تشيرنوبل، بل وحتى تفوق بشدّتها قصف مدينة كاملة أو قاعدة عسكرية بالسلاح النووي على المدى الطويل.
ويرجع ذلك إلى التفاعل النووي المستمر الذي سينجم عن الهجوم، وهو ما أشارت إليه الكاتبة المخضرمة آني جاكوبسن في كتابها الأخير “الحرب النووية: سيناريو”. إذ تقول: “إذا تم قصف مفاعل نووي بسلاح نووي، فذلك يُعد أسوأ سيناريو يمكن تصوّره”.


فالأسلحة النووية عندما تُفجّر في الجو، أو على الأرض، أو في البحر ضد أهداف عسكرية أو مدنية عادية، تخلّف أضرارًا يمكن احتواؤها أو التخفيف من حدّتها، إذ إن الإشعاع يتبدد مع مرور الوقت ويقل تركيزه تدريجيًا. أما إذا استُهدف قلب مفاعل نووي نشط، سواء بسلاح تقليدي أو نووي (والثاني أكثر تدميرًا بكثير)، فهذا يعني استمرار التفاعل النووي لفترات قد تمتد إلى قرون، وربما أكثر، بحسب كمية المواد المشعّة داخل المفاعل.

ولهذا السبب يُطلق على هذا السيناريو اسم “سيناريو الشيطان”.


فانصهار قلب المفاعل نتيجة القصف سيدفعه إلى اختراق طبقات الأرض أسفل المفاعل، متحوّلًا إلى حمم مشعّة أشبه ببركان هائج، ينفث إشعاعات كثيفة ودخانًا ذريًا سامًا قد يبقى لمئات السنين، وفقًا لمستوى التشبع الإشعاعي، مما يعني عمليًا القضاء التام على الحياة في منطقة شبه إقليمية بأكملها.