ظهرت تقارير عدّة في 17 مايو/ أيار الحالي تفيد بأن بطاريات صواريخ “إس-300“ التي أرسلت الى الجيش العربي السوري قد تم التأكيد على أنها عاملة، وربما تم استخدامها لإطلاق النار على طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي لصد هجوم على مركز أبحاث سوري.
تشير التقارير عن إطلاق الصواريخ إلى أن صواريخ “إس-300” أطلقت دون “قفل رادار” radar lock، مما يعني أنه من المحتمل أن يكون القصد هو إطلاق النار كعرض للقوة وليس بقصد تحييد طائرات العدو.
تم تسليم S-300s التي يُعتقد أنها من طراز S-300PMU-2 إلى سوريا من قبل روسيا في أيلول من العام 2018، ولكن لم يتم استخدامها مطلقاً، على الرغم من أن عدداً من التقارير قد أشار إلى أنه ربما قد تم استخدام مستشعراتها للمساعدة في توجيه الصواريخ من أنظمة دفاع جوي أخرى لاعتراض الصواريخ الإسرائيلية في الماضي.
كان من المقرر في البداية أن تتلقى سوريا صواريخ إس -300 في عام 2013 تقريباً، لكن الضغط الإسرائيلي على روسيا دفع موسكو إلى إلغاء الصفقة التي كانت تقوم على أحدث أنظمة الأسلحة العالية الأداء، وهو واقع قام منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، نتيجة العلاقة الوثيقة بين إسرائيل وروسيا.
تغيّر هذا الواقع فقط عندما اتهمت روسيا إسرائيل باستخدام طائرة استطلاع تابعة لسلاح الجو الروسي من طراز Il-20 فوق سوريا كغطاء تسبب في تدمير الطائرة ومقتل جميع من كانوا على متنها في أيلول 2018.
بعد تسليمها إلى سوريا، وعلى الرغم من تدريب الطواقم السورية، تم تشغيل إس -300 بشكل خاص من قبل أفراد روس، وكان يُنظر إلى التشغيل على أنه إجراء احترازي ضد الهجمات الغربية أو التركية أو الإسرائيلية المحتملة.
تفعيل نظام إس -300 يتبع خطوات متزايدة من جانب روسيا لتعزيز قدرات الدفاع الجوي في البلاد، بما في ذلك نقل مقاتلات MiG-29SMT الجديدة للمساعدة، وبداية التدريبات المشتركة المنتظمة بما في ذلك القتال ومحاكاته اعتباراً من كانون الثاني 2022.
يأتي ذلك في الوقت الذي وسعت فيه روسيا قدراتها في سوريا، ووجودها العسكري في البلاد، والذي تم استخدامه في البداية لدعم جهود مكافحة التمرد السورية اعتباراً من آب 2015، لإيواء الأصول الاستراتيجية بما في ذلك طائرات MiG-31K و Tu-22M3 المجهزة بصواريخ باليستية تفوق سرعتها سرعة الصوت والتي تشكّل مفتاحاً رئيسياً في حرب محتملة مع حلف “الناتو”.
وبالتالي، يُنظر إلى قدرة الدفاع الجوي السوري على أنها نقطة إيجابية مصلحة روسيا، ويقلل العبء على القوات الروسية لحماية المجال الجوي للبلاد، وكذلك المنشآت العسكرية الروسية الموجودة هناك. كما نشرت روسيا على وجه الخصوص مقاتلاتها من طراز Su-35 في مطار القامشلي لأول مرّة في تشرين الأول في العام 2021، وهي منشأة تقع في سوريا بالقرب من الحدود التركية.
تم نشر هذه الأنظمة بالقرب من دمشق، ويسمح مداها لها بالاشتباك مع أهداف على ارتفاعات عالية في عمق المجال الجوي الإسرائيلي أثناء حراسة العاصمة. قد ينذر تنشيط النظام بتسليم المزيد من الوحدات والمزيد من مقاتلات MiG-29SMT إلى سوريا، وربما حتى بهجوم جديد للجيش العربي السوري ضد القوات الأجنبية المتمركزة على الأراضي السورية.
ولا يقتصر ذلك على الحلفاء العسكريين الأميركيين والأوروبيين مثل النرويج وفرنسا، اللتان تحافظان على معقلهما في شمال شرق سوريا الغني بالنفط واستخرجتا النفط واستفادتا منه على نطاق واسع، ولكن أيضاً القوات التركية التي تحتل محافظة إدلب في الشمال الغربي.
وفي هذا السياق، أشار المسؤولون الأميركيون إلى إدلب على أنها أكبر معقل للقاعدة في العالم منذ عام 2001، حيث تتلقى القوات الكبيرة المتمركزة هناك دعماً كبيراً من الدولة التركية.
وإذ وفّرت السيطرة التركية على الجو في عام 2020 ميزة رئيسية ضد القوات السورية، فإن نشر سوريا لصواريخ إس – 300 يمكن أن يلغي مفاعيل ذلك وربما يمهد الطريق لتحقيق تقدم كبير.
ومع افتقار تركيا إلى مقاتلات التخفي أو المقاتلات التي تتمتع بقدرات هجوم إلكترونية متطورة مماثلة للطائرة الإسرائيلية F-16I، قد يكون تنشيط S-300PMU-2 في أيدي السوريين تحدياً وشيكاً للمصالح التركية أكثر من أي دولة أخرى.
وبالنسبة لإسرائيل، التي شنت غارات جوية على أهداف سورية بشكل متكرر لما يقرب العقد من الزمان، فإن مصالح الدولة المحدودة في سوريا واعتمادها على صواريخ المواجهة التي يتم إطلاقها من خارج المجال الجوي السوري يعني أن الخطر على مقاتليها قد يكون أقل بكثير.