لمى فاروق
تسعى جمهوريّة مصر إلى تطوير قوّاتها الجوية وتركيز مكانتها في الشرق الأوسط، وبالفعل أمام مصر فرصة كبيرة لتثبيت نفسها إقليميّا لا سيّما وأن أكثر من عرضٍ قد قُدّم لها من أكثر من دولة.
من الواضح أنّ المنافسة بين الهند وكوريا الجنوبية للتعاون الدفاعي مع مصر في أوجّها، ومصر تدرس الآن أكثر من عرض.
بالنّسبة للعرض الهندي فقد عرضت الهند على مصر فرصة تصنيع طائرات “تيجاس” محلّيًّا من خلال صفقة قد تكون قفزة نوعية للجيش المصري من أجل زيادة قدرة القوّات الجوية المصريّة، الخطوة التي قد تكون بداية مرحلة جديدة لمصر في الصناعات العسكرية، مما سيرسّخ جمهوريّة مصر كدولة عربيّة مصنّعة للطائرات المقاتلة.
أمّا عن الصّفقة المحتملة بين مصر والبلدين، فقد تمثّلت في إنشاء مصانع إنتاج لتصنيع الطائرات المقاتلة الخفيفة في مصر، إضافة إلى طائرات هليكوبتر خفيفة وقتالية. الخطوة التي يبدو أنّها تجلب المصلحة للبلدين فهي قفزة متقدمة لمصر في تصنيع الأسلحة محلياً، وفرصة للهند في البدء بتسويق إنتاجاتها الدّفاعية وتصديرها إلى الشّرق الأوسط.
وفي التّفاصيل، فقد جرت سلسلة من اللقاءات رفيعة المستوى بين البلدين سابقًا، حيث قام قائد القوات الجوية الهندية، المارشال “في آر تشودري” VR CHAUDHARI بزيارة مصر في تشرين الأول من العام الماضي، وحضر ندوة القوة الجوية المصرية والمعرض الدفاعي في القاهرة.
تعتبر “تيجاس” من الطائرات الخفيفة السّريعة، حيث يبلغ وزنها فارغة 6.5 طن، أمّا سرعتها القصوى فتبلغ 2220 كم/ ساعة، بمدى 1.850 كم، والجدير بالذّكر أنّها تمتلك محرّكًا أميركيًّا توربينيًّا من إنتاج شركة ” جنرال إلكتريك”، الأمر الذي قد يشكّل عقبة أمام الصّفقة.
وتُعتَبر طائرة “تيجاس” من طائرات الجيل الرابع المتقدمة نظرًا لتصميمها الجديد المتطور وطبيعة القطع المركبة في بناء بدنها، مما يزيد من قدرتها على المناورة.
تمتلك المقاتلة “تيجاس” العديد من السّمات التي تجعلها مرغوبة لدى مصر وغيرها من الدّول؛ لا سيّما تكلفتها التي تبلغ 42 مليون دولار لكل طائرة، الأمر الذي يجعلها تنافس الطائرة الصينية “جيه-10″، والأمريكية “إف-16”.
في المقابل، تواجه مقاتلة “تيجاس” بعض العثرات الخطيرة والتي من شأنها أن تكون عائقًا أمام إتمام الصّفقة. فقد واجه عدد لا بأس به من من مقاتلات “تيجاس” في الخطوط الأمامية للقوات الجوية الهندية مشكلات حرجة، مثل أوجه القصور في تلبية دفع المحرك، والمعايير الأخرى مثل سعة الوقود وحماية الطيار من الأمام ضد الرصاص.
غير أنّ مشكلة أخرى تلوح في الأفق ولا بدّ من إيجاد حلّ لها لإتمام الصّفقة وهي رادار المقاتلة الإسرائيلي الصنع، حيث من المستبعد أن تتعاقد مصر عليها إلاّ بعد إيجاد بديل عنه.
من جهة أخرى، تسعى كوريا الجنوبيّة في السنوات الأخيرة إلى تصدير FA-50 إلى دول مختلفة. وقد دخلت في منافسة مع طائرة “تيجاس” للفوز بصفقة مع مصر في محاولة من كوريا الجنوبية لتصدير مقاتلاتها الهجومية الخفيفة FA-50 إلى مصر. هذا بعد أن نجحت كوريا الجنوبية في تصدير مقاتلتها من طراز FA-50 إلى عدد من البلدان ومنها العراق.
طائرة FA-50 المقاتلة، أو ما يُعرف بـ “النسر المقاتل” Fighting Eagle، هي طائرة هجومية خفيفة تفوق سرعتها سرعة الصوت، أُنتِجَت بتعاون مشترك بين شركتي KAI الكورية الجنوبية و”لوكهيد مارتن” الأمريكية.
تُعتَبَر طائرة FA-50 نسخة مقاتلة متعددة المهام. يمكن تسليحها بأنواع مختلفة من الأسلحة كالقنابل العنقودية وقنابل Mk-82 LDGP، وصواريخ جو-جو من طراز AIM-9 Sidewinder، وصواريخ جو-أرض من طراز AIM-9 Sidewinder، وقنابل GBU-38 B، وجهاز استشعار مدمج من طراز CBU-105. إضافة إلى مدفع رشاش “غاتلينج”.
أمّا محرك طائرة FA-50 فهو محرك “توربوفان” turbofan engine من طراز GE F404.
لا شكّ أنها مرحلة دقيقة لمصر، ففي حين أن تصنيع مصر لطائرة مقاتلة محليًّا فرصة كبيرة لها من شأنها أن تضعها على أولى درجات التّصنيع العسكريّ، إلاّ أن المقاتلة “تيجاس” هي مغامرة بحدّ ذاتها، وشركة “تيجاس” لم تحصل بعد على أيّ فرصة للتصدير، إضافة إلى نقاط الضّعف في المقاتلة، والتي سبق وذكرناها في مقالنا. في حين تطرح كوريا الجنوبية أمام مصر فرصة اقتناء مقاتلتها FA-50 التي أثبتت نفسها على الساحة القتالية طائرة خفيفة بسرعة الصّوت، وقد سبق وصُدِّرَت إلى العديد من البلدان.
مهما كان قرار جمهوريّة مصر، فإنّ الصّفقة ستمثّل تطوّرًا كبيرًا في القوّات الجويّة المصريّة.