أحمد صابر عباس
قام المحلل الاستخباراتي برادي أفريك برسم خطوط صفراء مستمدة من صور الأقمار الصناعية، تصور التحصينات التي حفرتها القوات الروسية بين “توكماك” و “بولوهي” في منطقة زابوروجييه، ولهذه الخنادق عدة دلائل عسكرية يجب أن نتحدث عنها.
أولاً توحي هذه التحصينات أن روسيا لا تنوى التنازل عن الأراضي التي حصلت عليها مسبقًا، وأن الثغرات الدفاعية التي كانت موجودة في الخطوط الدفاعية والتي تسببت في هروب الجنود الروس دون قتال في كثير من مناطق شمال شرق أوكرانيا، يجري إصلاحها الآن بشكل واضح، وهو ما يشي بصعوبة المعارك القادمة بالنسبة لأوكرانيا، حيث لن توجد انسحابات روسية من ميدان القتال بوجود العديد من الخنادق والتحصينات التي تمنع تقدم القوات الأوكرانية بسهولة.
توضح صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها The Daily Beast، بناء روسيا خطوط دفاعية واسعة النطاق مع خطوط المواجهة مع أوكرانيا، وهو ما يوضح الاختلاف في طريقة الإعداد الاستخباراتي لميدان المعركة في غضون شهرين فقط.
في 8 ديسمبر الماضي، أي قبل حوالي شهرين فقط، كانت الأقمار الصناعية توضح التحصينات العسكرية الروسية على جبهات لوهانسك وشمال دونيتسك فقط، أما الآن فالتحصينات والخنادق تمتد على طول الشاطئ الشرقي بالكامل، بدايةً من منطقتي لوهانسك ودونيتسك إلى زابوروجيا وعلى طول الطريق جنوبًا إلى سفوح تلال خيرسون.
ثانيًا فإن الأقمار الصناعية توضح طريقة الاستعداد الروسي لمواجهة الدبابات الغربية، حيث تم حفر خنادق مضادة للدبابات، ولكي تتجاوز القوات الأوكرانية هذه التحصينات فإنها تحتاج إلى عمل العديد من الأسلحة في وقت واحد، كدعم القوات الجوية والمدفعية ووجود العديد من المشاة.
تقليديًا، يُعتقَد أن المهاجم يجب أن يكون لديه من ثلاثة إلى خمسة أضعاف عدد الرجال، ذلك لأن الدفاع يكون سهلًا في مواقع التحصينات، وهو أمر غير متوقع توافره بالنسبة لأوكرانيا، حيث تقدر القوات الروسية التي عملت على حفر هذه التحصينات خلال الشهرين الأخيرين بآلاف الجنود الذين تم حشدهم، كما يقول “إيريك ماتيرو” أنه من بين ما يقرب ٣٠٠ ألف جندي روسي تم حشدهم خلال الشهور الماضية، لم يشارك ما يقرب من ١٢٥ ألف جندي حتى الآن بأي طريقة ملموسة، وهو ما يعني صعوبة التفوق العددي لأوكرانيا التغلب على هذه التحصينات العسكرية الروسية.
ما هو مستقبل العمليات العسكرية في أوكرانيا خلال الشهور القادمة؟
يبدو ظاهرًا أن الحرب تاخذ منحنى طويل الأجل، ويمكن أن تساعد التحصينات العسكرية الروسية على ذلك، حيث توحي بعدم رغبة الروس في التنازل عن شبرًا واحداً، وفي نفس الوقت فإن أوكرانيا قادرة على الدفاع في العديد من المناطق خاصةً بوجود الدبابات الغربية، وبالتالي يمكن أن نشهد حالة من الجمود أو حرب المواقع التي لا نشهد فيها تقدم القوات الأمامية.
على الرغم من وجود بعض المعلومات الاستخباراتية التي تشي بنية روسيا في شن هجوم قوي، إلا أن ذلك يمكن ملاحظته من خلال تغير الحشد عبر الأقمار الصناعية أو التركيزات الجماعية، وبالفعل يمكن أن تشن روسيا هجومًا قويًا خاصةً على منطقتي لوهانسك ودونيتسك، لكن على أي حال يبدو أن ذلك ليس واضحًا حتى الآن، كما أن الحرب يمكن أن تستغرق أمدًا أطول.
متى تبدأ الضربات الروسية؟
من الصعب توقع التوقيت الصحيح لبدء عملية كبيرة، إلا أن هناك العديد من التقديرات ترجح بكونها آخر مارس، حيث أن الأعداد الجديدة التي أضيفت للجنود الروس شكلت العديد من الوحدات العسكرية، كما أن موسم الصقيع الربيعي لم يمنع استمرار العمليات العسكرية العام الماضي.
هل تتغير الاستراتيجية الروسية في الهجوم؟
من المتوقع أن روسيا تعلمت كثيرًا من الموسم الماضي، حيث كانت القوات الروسية منتشرة على طول الحدود الروسية الطويلة مع أوكرانيا وبيلاروسيا، وهو ما أسفر عن نجاح ضعيف للغاية، الآن يمكن لروسيا أن تلجأ للحرب التقليدية وتعمل على إنشاء قوة مركزية ومركز ثقل، حيث تتركز عدة وحدات في منطقة الهجوم، ويمكن استخدام النار بكثافة أكبر.
من المتوقع أيضًا أن تتعرض القوات الأوكرانية لاختبار كبير خلال الفترات القادمة، وهو ما يجعلنا نتساءل كيف تصمد القوات الأوكرانية في حين لم تتلقى المدفعية الغربية حتى الآن، وعن الجهود الاستخباراتية الغربية التي تحضر لساحة المعركة في ظل الاستعداد الروسي الواضح.