سامي أورفلي
ظهرت الدّبابة لأوّل مرّة في الحرب العالميّة الأولى, حيث اعتُبِرَت الوسيلة الآمن لنقل المشاة إلى الأمام تحت النّيران في ساحة المعارك، إضافةً إلى قدرتها على المناورة والهجوم. وما زالت الدّبابة تتربّع على عرش القوّات البرية في جيوش العالم حتى يومنا هذا.
لا شكّ أنّ أفضل شاهد على هذا الأمر تسابق الدّول على تسليح جيوشها بأهمّ الدّبابات وأحدثها، بل وعمدت بعض الدّول إلى تحديث مخزونها من الدّبابات بنسخٍ أكثر تطورًا، حيث زادت من قوّة تسليحها، وعملت على حمايتها بتسليحها بأقوى الدروع لتتلاءم مع أحدث الأسلحة المضادة لها برًّا وجوًّا، ولتوفير أقصى معايير الحماية للجنود.
ولعلّ أفضل شاهد على تطوير الدبابات دبّابة “أبرامز” الأمريكية، ودبّابة “تشالنجر” الإنجليزية، ودبّابة “ليوبارد” الألمانية.
تعود قوّة الدبّابة إلى اعتمادها على ثلاثة مقومات رئيسة هي:
– خفّة حركتها وسرعتها
– قوّتها الناريّة
– حمايتها وتدريعها
ومن شأن هذه المميزات أن تعطي الدّبابة الأهمية الأكبر في تسليح الجيوش نظرًا إلى إمكانيتها على إحداث التّغييرات الجذرية في مسار الحروب والمعارك.
دبّابة “أبرامز إكس”
عرضت شركة “جنرال ديناميكس” نموذجًا أوليًا لدبّابة “أبرامز إكس” AbramsX العسكريّة من الجيل التالي.
وقد وصفها مسؤولون عسكريون سابقون بأنها أكبر ترقية لتقنية الدّبابات العسكرية الأمريكية منذ أوائل الحرب الباردة.
تحمل دبّابة “أبرامز إكس” ميزات نموذجية للأسلحة العسكرية الحديثة. وهي مدعومة بمحرك ديزل كهربائي هجين خفيف الوزن وأقل استهلاكًا للوقود من دبّابات “أبرامز” الحالية التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود.
تتميّز دبّابة “أبرامز إكس” بامتلاكها أنظمة ذكاء اصطناعي لرصد الأهداف. هذا وقد أكّد خبراء عسكريّون على أن التّصميم يلقى استحسانًا في قاعات البنتاغون.
نظام Trophy
تمّ دمج نظام الحماية النشطة Trophy في دبّابة “أبرامز إكس”، الأمر الذي اعتبره الخبراء العسكريّون من أهمّ التحسينات التي طالتها.
Trophyنظام دفاعي نشط تم ابتكاره وإنتاجه من قبل شركتي أنظمة رافائيل الدفاعية المتقدمة وإلتا الإسرائيليتين.
يهدف النّظام إلى حماية الدبابات والمركبات المدرّعة من الأسلحة المضادة للدروع الموجهة وغير الموجهة.
تتجسّد مَهمّة هذا النّظام باكتشاف وتدمير أي صاروخ يدخل مداه أوتوماتيكيا، حيث يقوم برصد القذيفة المضادة للدروع المعادية، ومن ثم يقوم بإطلاق تحذير للطاقم على شاشة قائد الدبابة.
بعد ذلك تقوم الرّادارات بإرسال البيانات والمعلومات حول الهدف إلى جهاز الحاسوب.
وعند اقتراب المقذوف من هدفه يعطي الحاسوب الأمر بانفجار المقذوف الدفاعي، الذي يتشظى إلى جزيئيّات عديدة لتدمير التّهديد القادم.
دبابة “أبرامز”
كانت دبابة “أبرامز” M1 Abrams بمثابة دبابة قتال أساسية للجيش الأمريكي، ولقوات مشاة البحرية. والجدير بالذّكر أنّ وزارة الدفاع الأمريكية قد وضعت دبّابات “أبرامز” في الخدمة بعد فترة وجيزة من حرب فيتنام، من أجل مضاهاة القوّة النارية والتكنولوجية للسوفيت.
عانت دبّابة “أبرامز” من العديد من المشكلات لا سيّما أنّها تستهلك الكثير من الوقود إضافة إلى كلفتها العالية، كما أنّها تفتقر إلى الرّشاقة في ساحة المعركة التي تتمتّع بها المركبات المدرعة خفيفة الوزن. وذلك بالرّغم من خضوعها إلى العديد من التّغييرات المختلفة في القرن الماضي.
وفي مقابلة مع مدير تطوير الأعمال في شركة “جنرال ديناميكس”، تيم ريس، قال إن الشركة حاولت خلال السّنوات الماضية حل هذه المشاكل.
وأضاف أنّ محرك دبّابة “أبرامز إكس” الهجين الذي يعمل بالديزل الكهربائي سيكون أقلّ استهلاكًا للوقود بنسبة 50% من دبابات أبرامز المُستخدَمة حاليّا.
سيكون التّصميم أيضًا مختلفًا قليلاً. حيث سيتواجد الجنود في هيكل الدّبابة بدلاً من تواجدهم في برجها، وستزن الدبابة الجديدة أقل بـ 10 أطنان من النّسخ الحالية الموجودة في الخدمة.
وقال المصمّمون إنّ باستطاعة الدّبّابة العمل مع طاقم مكوَّنٍ من ثلاثة أشخاص.
كما أنّ التّصميم الجديد قد أضاف درعًا لحمايتها من القنابل التي تسقطها الطّائرات بدون طيار. هذا ولم تكشف الشّركة عن سعر دبابة “أبرامز إكس”.
الذّكاء الاصطناعيّ
تطوّر برنامج الدّبابة الإلكتروني بشكل كبير وباتت تعتمد في نظامها على الذّكاء الاصطناعيّ الذي تبلغ نسبة دقته الـ 90% لاسكتشاف الأخطار من مسافة بعيدة.
يمكن للبرنامج تنبيه الجنود إلى وجود أهدافٍ معادية، كما يمكن للدبابة أيضًا التّواصل مع المركبات الجويّة غير المأهولة.
تستطيع الدّبابة بفضل الذّكاء الاصطناعيّ أن تعطي الأولوية لقائمة الأهداف عند وجود أعداء متعددين. ولكن، لا يمكنها اتخاذ القرار بتدمير أو قتل التهديدات بشكل تلقائي، إذ تعود مهمّة اتخاذ القرار للطاقم.
إن تجهيز الدبابات بالذكاء الاصطناعي ينطوي على مخاطر، حيث يقول الخبراء إن الحصول على المعلومات والبيانات الخاطئة قد تؤدي إلى قرارات خاطئة في ساحة المعركة، وإنه من السابق لأوانه معرفة كيف ستحسّن هذه القدرات من قوة الجيوش في الحروب.
مخاطر تكنولوجيا الدّبابات
تشكّل دبّابة “أبرامز إكس” قفزة كبيرة إلى الأمام ، لكنها ستواجه بلا شك تحديات في الحصول على موافقة كبار ضباط البنتاغون، الذين يناقشون مدى فائدة الدبابات في مستقبل الولايات المتحدة.
أظهرت حرب روسيا في أوكرانيا مخاطر تكنولوجيا الدّبابات في ساحة المعركة الحديثة. حيث يشعر الاستراتيجيّون العسكريّون بالقلق من مدى فائدة الدّبابات في حرب محتملة ضد الصين، المنافس الرئيس للجيش الأمريكي.
كما أنّ تجهيزها بذكاء اصطناعي يثير قلق المشكّكين العسكريّين.
وبالحكم على تجربة الجيش مع الطّائرات المقاتلة “إف – 35” يمكننا أن نصف أنظمة الأسلحة المعقدة بالعملة ذات الوجهين؛ فهي ذات تقنية عالية ولكنّها صعبة الصّيانة وتخضع للأعطال الفنيّة الكثيرة، وأكثر تكلفة من المتوقع.