وليد الحلبي
شهدت الساحة العسكرية الإقليمية في السنوات الأخيرة اهتماماً متزايداً بالطائرة الإيرانية “قاهر-313″، التي أعلنت عنها طهران كأحدث إنجازاتها في مجال الطيران الحربي. تزعم إيران أن هذه الطائرة تمثل قفزة نوعية في قدراتها العسكرية، وأنها تمتلك قدرات تجعلها منافساً جدياً للمقاتلات المتطورة التي تمتلكها دول المنطقة. ولكن هل هذه الادعاءات صحيحة؟ وهل تمثل “قاهر-313” تهديداً حقيقياً للأمن الإقليمي؟
وعد بخيبة أمل
عندما كشفت إيران النقاب عن “قاهر-313” عام 2013، أثار ذلك ضجة كبيرة في وسائل الإعلام العالمية. وُصفت الطائرة بأنها مقاتلة شبح من الجيل الخامس، قادرة على اختراق الدفاعات الجوية لأي دولة. ادعى المسؤولون الإيرانيون حينها أن الطائرة قادرة على حمل قنبلتين زنة ألفي رطل، أو ما لا يقل عن 6 صواريخ-جو.
إلا أن مرور السنوات لم يشهد أي تقدم ملموس في هذا المشروع، ولم يتم عرض أي دليل مادي على قدرة الطائرة على الطيران.
تصميم مثير للشكوك
أثار تصميم الطائرة الكثير من التساؤلات حول جدواها. فالصور التي نشرتها إيران للطائرة أظهرت هيكلاً بدائياً ومقصورة قيادة ضيقة، مما يشير إلى أنها ليست سوى نموذج أولي غير قابل للطيران. بالإضافة إلى ذلك، لم يتم الكشف عن أي تفاصيل تقنية حول محركات الطائرة أو أسلحتها أو أنظمتها الإلكترونية.
أسباب التشكيك
هناك العديد من الأسباب التي تدعو إلى التشكيك في قدرات “قاهر-313”:
- نقص التكنولوجيا: تطوير مقاتلة من الجيل الخامس يتطلب تكنولوجيا متقدمة وبنية تحتية صناعية متطورة، وهذه العناصر غير متوفرة لدى إيران. فتصنيع المواد الممتصة لموجات الرادار، وتصميم الأشكال الهوائية المعقدة، وتطوير أنظمة الحرب الإلكترونية المتقدمة، كلها تحديات كبيرة تتطلب سنوات من البحث والتطوير والاستثمار المالي الضخم.
- الميزانية: تكلفة تطوير مثل هذه الطائرة باهظة للغاية، وتتجاوز بكثير الميزانية المخصصة للصناعات العسكرية الإيرانية. فحتى الدول الكبرى التي تمتلك صناعات عسكرية متطورة تواجه صعوبات في تمويل مثل هذه المشاريع الضخمة.
- الدعاية: يرى بعض المراقبين أن “قاهر-313” هي مجرد حملة دعاية تهدف إلى رفع معنويات الشعب الإيراني وإخافة خصومها. ففي ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، قد تلجأ طهران إلى مثل هذه التكتيكات لتعزيز صورتها كقوة إقليمية.
تحول مفاجئ
في خطوة مفاجئة، أعلنت إيران مؤخرًا عن تحويل “قاهر-313” إلى طائرة مسيرة. هذا التحول يثير المزيد من التساؤلات حول جدوى المشروع الأصلي، ويؤكد الشكوك حول قدرة إيران على تطوير مقاتلة حقيقية من الجيل الخامس. فإذا كانت إيران تمتلك بالفعل التكنولوجيا اللازمة لبناء مقاتلة متطورة، فلماذا قررت تحويلها إلى طائرة مسيرة؟
مقارنة مع الطائرات الغربية
إن مقاتلات الجيل الخامس الغربية مثل F-22 وF-35 هي نتاج عقود من البحث والتطوير واستثمارات ضخمة. هذه المقاتلات تتميز بتكنولوجيا متقدمة للغاية، بما في ذلك أنظمة التخفي المتطورة، والرادارات القوية، وأنظمة الحرب الإلكترونية المتكاملة. وبالمقارنة، فإن “قاهر-313” تبدو وكأنها نموذج أولي بدائي لا يقارن بهذه المقاتلات المتطورة.
يمتلك سلاح الجو الإيراني أكثر من 300 طائرة قتالية عاملة، ولكنها من أجيال قديمة؛ منها نحو 190 طائرة مقاتلة مثل “نورثروب إف-5″، و”إف-4 فانتوم II”، و”إف-14” الأمريكية، وطائرات “سو-22″، و”سو-24″، و”ميغ-29” الروسية. وقد حصلت إيران على هذه الطائرات قبل تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة، التي امتنعت عن توفير قطع الغيار والصيانة. ومنذ ذلك الحين، اعتمدت إيران على إعادة تصنيع القطع والهندسة العكسية للحفاظ على هذه الطائرات.
على الرغم من الادعاءات الإيرانية، فإن الأدلة المتاحة تشير إلى أن “قاهر-313” ليست سوى نموذج أولي فاشل. هذا المشروع يسلط الضوء على الفجوة التكنولوجية الكبيرة بين إيران والدول المتقدمة في مجال صناعة الطائرات المقاتلة.
وحتى فيديو الرحلة التجريبية المصورة فوق الجبال المغطاة بالثلوج كان “مزورا”، وتضمن مشاهد باستخدام طائرة درون مصغرة، حسب تقرير ناشيونال إنترنست.
الآثار المترتبة
فشل مشروع “قاهر-313” له آثار مهمة على عدة مستويات:
- الجانب العسكري: يضع هذا الفشل علامة استفهام كبيرة حول مدى جدية التهديد الإيراني للأمن الإقليمي.
- الجانب الاقتصادي: يظهر هذا الفشل أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران تؤثر بشكل كبير على قدرتها على تطوير صناعاتها العسكرية.
- الجانب السياسي: يضع هذا الفشل إيران في موقف حرج، حيث تظهر كدولة تدعي امتلاك قدرات عسكرية متطورة، ولكن الواقع يثبت عكس ذلك.
ختاماً
يمكن القول إن “قاهر-313” هي مجرد مثال آخر على محاولات إيران لتضخيم قدراتها العسكرية بهدف تحقيق مكاسب سياسية. ورغم أن إيران تمتلك برنامجاً نووياً متطوراً وقوة صاروخية كبيرة، إلا أنها لا تزال تواجه تحديات كبيرة في مجال تطوير الأسلحة التقليدية المتقدمة.