نشرت صحيفة لوموند الفرنسية مقالاً يحاجج بأن جنرالات الجزائر يشنون حرب ذاكرة على فرنسا، وأن رئيس الأركان سعيد شنقريحة بإصراره على التذكير بشهداء الجزائر إبان ثورة بلاده على الاحتلال الفرنسي، فإنه يغلق الباب أمام المصالحة التاريخية.
المقال الذي كتبه المؤرخ والمستعرب الفرنسي جان-بيير فيليو، يُشير إلى خطاب ألقاه شنقريحة في افتتاح ندوة بعنوان “الذاكرة والوحدة الوطنية” نُظّمت يوم 17 مارس/آذار الماضي، وقال فيها الجنرال: إن “جزائر الشهداء لا تقبل الابتزاز، ومواقفها المبدئية ثابتة كالجبال لا تتزحزح، لأنها مستلهمة من عقيدتها الوطنية الثورية التي ختم عليها بدماء الملايين من الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم إبان المقاومات الشعبية الباسلة”.
ويستنكر المستعرب الفرنسي على جنرالات الجزائر ومسؤوليها اللجوء إلى حرب التحرير والتذكير بشهدائها، ويقول إنه يضرب عرض الحائط بمبادرات الرئيس الفرنسي الذي يريد مصالحة تاريخية مع الجزائر في ما يخص انتهاكات وجرائم فرنسا خلال فترة الاستعمار.
تأكيداً لادّعائه، يستذكر المستعرب الفرنسي تصريح المدير العام للأرشيف الوطني الجزائري والمستشار الرئاسي المكلّف بالذاكرة عبد المجيد شيخي، نهاية مارس/آذار الماضي، الذي اعتبر فيه أن التقرير الذي أعده المؤرخ الفرنسي بنيامين ستورا حول مصالحة الذاكرة بين فرنسا والجزائر هو “علاقة ثنائية فرنسية فرنسية” لأن الجزائر لم تبلَّغ به رسمياً، قائلاً: “بالنسبة لنا وكأنه غير موجود”.
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون كلّف في يوليو/تموز شيخي العمل مع ستورا (المكلف من ماكرون أيضاً) على ذاكرة الاستعمار (1830-1962) وحرب تحرير الجزائر (1954-1962)، بهدف تحقيق مصالحة ذاكرة.
وخلال مقابلة تلفزيونية أواخر مارس/آذار، جدّد شيخي المطالبة باسترداد “كامل” الأرشيف الجزائري العائد للحقبة الاستعمارية الفرنسية، وقال: ” القليل من البلدان تعرّضت لما تعرّضت له الجزائر في ما يتعلّق بتراثها التاريخي وتراثها الفكري وتراثها الفني… أكاد أقول إنّنا عاجزون عن إيصال التاريخ إلى مواطنينا”، وأضاف: “ما سُلب منّا لا بدّ أن يعود”.
ودام الاستعمار الفرنسي للجزائر بين 1830 و1962، إذ تقول السلطات الجزائرية ومؤرخون إن هذه الفترة شهدت جرائم قتل بحق قرابة 5 ملايين شخص، إلى جانب حملات تهجير ونهب الثروات.
ويردد المسؤولون الفرنسيون في عدة مناسبات ضرورة طي الجزائر لصفحة الماضي الاستعماري وفتح صفحة جديدة، لكن الجزائر طالبت مراراً باعتراف رسمي من باريس بجرائم الاستعمار، وحل ملفات مرتبطة باستعادة الأرشيف وتعويض الضحايا.
TRT عربي
قم بكتابة اول تعليق