احمد عبد المنعم زايد
لمحة تاريخية
في نهاية عام 1966 إتخذ سلاح المدفعية المصرية قراراه بإدخال صواريخ أرض-أرض ضمن منظوماتها، وضمن تسليح القوات المسلحة المصرية تمشيا مع التطور العالمي لاحدث جيوش العالم.
فبدأت مجموعات منتخبة من ضباط المدفعية دراسة الرياضيات العالية والفيزياء في دورة خاصة بمدرسة المدفعية في أواخر عام 66 لتأهيلهم للدراسة الفعلية لفن الصواريخ ولاستلامهم عملهم بمجرد وصول الأسلحة والخبراء والتي كان مقدر لها أن تكون في يوليو 1967 وكان الاسم الكودي للعملية هو ” العملية 57 “.
أدَّت ظُروف هزيمة يونيو وما بعدها إلى إعادة تنظيم وتسليح وتدريب سلاح المدفعية بأكلمه بجانب عبء الدفاع عن الدولة بريًا، والمشاركة في مهام مرحلة الصمود والردع في حرب الاستنزاف، مما أدى في النهاية إلى تأجيل وصول معدات وصواريخ وخبراء السلاح الجديد.
في أواخر عام 1969 تم الإعلان عن مسابقة بين فئة قليلة من ضباط المدفعية الأكفاء، لانتخاب المؤهلين منهم لحضور دورات دراسة في فرقة الصواريخ الجديدة وتم انتخاب الضباط المطلوبين.
في توقيت متزامن وصلت الأسلحة والمعدات الصاروخية لفرقة الصواريخ، وفي الخامس من يناير 1970 بدأت الدراسه والتدريب لتلك التشكيلات الجديدة في ظروف بالغة الصعوبة، وفي مواقع بعيدة عن نشاط العدو الجوي وطائرات استطلاعه، فقد تم وضع أعلى درجات السرية لتلك الوحدات الجديدة.
وفي النصف الثاني من عام 1970، وبعد جهود وصعوبات لا يمكن وصفها او التعبير عنها، وبعمل صامت مستمر ليل نهار، تمكنت قوة الضباط المُنتخبة من إتمام الدراسة والتدريب علي تشغيل تلك الصواريخ، تحت ستار كثيف من السرية والصمت وتحت الإشراف المباشر لمدير إدارة المدفعية.
وفي أكتوبر 1970 وبعد 10 اشهر من التدريب الشاق، شهدت صحاري مصر اول إطلاق لاول صاروخ ارض-ارض في منتهي السرية والحرص البالغ، وبذلك تكون مصر قد دخلت بمدفعيتها العريقة إلى عصر الصواريخ ارض ارض التعبوية.
التخطيط للاعمال القتالية
بعد انتهاء التدريب ووصول الوحدات الى مستوى محدد، تم تخصيص المهام لتلك الوحدات مع باقي وحدات مدفعية الجيوش المصرية
فتم تخصيص مهام قتالية محددة في كل خطة تضعها الوقات المسلحة
سواء الخطه الدفاعية – 200 او الخطه الهجومية – جرانيت 2 المعدلة – او خطه التراشق بالنيران – اعصار .
دور الصواريخ ارض ارض في الخطه الدفاعية 200
- ضرب مركز الاعاقة والشوشره الرئيسي في ام خشيب
- ضرب مركز قياده الجبههة في ام مرجم والمركز التبادلي في ام مخسة
- ضرب مركز قياده العدو في القطاع الشمالي في بالوظه ورمانة
- ضرب مركز قياده العدو في القطاع الاوسط في الطاسة
- ضرب مركز قياده العدو في القطاع الجنوبي في ممر متلا
- ضرب مطار المليز
- ضرب مطار رأس سدر
- ضرب مناطق الهبوط في الطاسه ومتلا وشعير ( مطار شعير هو مطار هيكلي شمال مطار المليز ب 10 كيلو متر ) وكان يعتقد انه هيكلي لكن تم تشغيله على فترات خاصة فتره حرب اكتوبر
دور الصواريخ ارض ارض في الخطه الهجوميه جرانيت 2 المعدلة
· تحتل وحدات الصواريخ مواقعها في الجيوش الميدانية في اخر لحظه ليله الهجوم
· تعمل الوحدات تحت قياده قاده الجيوش الميدانيه ( الثاني والثالث ) عدا وحده فرعية واحده تظل تعمل بأوامر من وزير الحربية ولا تلحق علي الجيوش الميدانية
· تقوم وحدات الصواريخ مع بدء القتال بتوجيه ضربات مجمعه من 4 الي 6 صاروخ ضد الاهداف الموضوعه في الخطه الدفاعيه 200 مع الاستعداد لتوجيه ضربات غير مخططه ضد اهداف يحددها قاده الجيوش الميدانية
التحضير للاعمال الهجومية
للتحضير للاعمال الهجومية كانت يجب استطلاع لمواقع التمركز والمواقع التي سيتم الضرب عليها وكان هناك شروط معينه لمناطق الاطلاق
- مناطق يسهل منها تنفيذ الاعمال القتاليه بسهولة
- مناطق خارج مدي مدفعية العدو بعيده المدى
- مناطق مؤمن الدفاع عنها ضد العدو الجوي
- مناطق بعيده عن طرق اقتراب دبابات العدو
- مناطق تحقق الاخفاء والستر من استطلاع العدو
- مناطق بها تجهيز هندسي
- مناطق قريبه من قواتنا بقدر الامكان لامكان تبادل وتنظيم النيران
تم اجراء التجيهز الهندسي والربط المساحي والمواصلات واعمال التأمين لعده مناطق وبها عدد من المواقع الرئيسيه والتبادليه مع ضمان الا تبدو تلك التجهيزات الهندسيه مطابقه للتجهيزات الهندسيه المتعارف عليها دولية بحيث حتى لو استطلع العدو تلك المواقع وصورها فلن يستطيع استنتاج انها مواقع اطلاق صواريخ ارض – ارض .
ولضمان السريه واستمرار التدريب ، تم تدريب سائقي قواذف الصواريخ علي الطرق من والي مرابض الاطلاق الرئيسيه والتبادليه بعربات ثقيله مخصصه للخدمه العموميه لكي لا يكتشف العدو نوايانا ، وكان التدريب يتم ليلا ونهارا الي كافه المرابض ( مواقع الاطلاق) لرفع كفاءه السائقين مع تدريب القاده والضباط علي التحركات الليليه والمواقف الطارئه
مع دفع وحدات فرعية دوريا علني كافة مرابض الاطلاق للتأكد من جاهزيتها للاطلاق وعدم وجود اي عوائق او مخلفات قد تسبب مشاكل عند الحرب .
تخطيط وتنفيذ خطه الخداع
أعتبرت وحدات الصواريخ الارض – ارض في مصر فئه سريةه للغاية وانطبق عليها كافه اجراءات التأمين الامني وتدريب الافراد على الامن الشخصي في كل التعاملات مع فرض حظر شامل على كافه المراسلات من والى وحدات الصواريخ لدرجة ان ضباط كبار بالقوات المسلحة كانوا يجهلون وجود تلك الوحدات في مصر حتي ساعة الحرب وكان ذلك من احد وسائل الخداع للعدو والتي نجحت الى حد بعيد .
صدرت الاوامر بالتدريب الفني علي الصواريخ مثل التحميل والتجميع والإختبار للصواريخ داخل المخازن الحربية لضمان عدم إكتشافها بواسطة التصوير الجوي. فتم دفع وحدات فنية غير مُكلفه بالتدريب الى جميع المرابض الرئيسية والتبادلية للصواريخ، بهدف إبداء مظاهر الحياة في تلك المرابض، فإذا قام العدو بتصويرها من الجو ليتأكد بأن هناك قوات تشغلها طوال الوقت، ستظهر له كمخازن لمعدات العبور، فيتم خداعه بأن تلك المواقع الخالية من المخازن من الأساس، تنفي نية مصر في القيام بالحرب، في حين أنها في الحقيقة مرابض مموهة لإطلاق الصواريخ. وإبتلع العدو الطُّعم.
سجل عمل الصواريخ أرض-أرض في حرب أكتوبر
في الساعة 2:40 بعد الظهر من يوم 6 أكتوبر إنطلق اول صاروخ أرض – أرض مصري تجاه هدفه مُعلنا للعالم امتلاك مصر قدرات صاروخية متوسطة المدى. وفي تلك الضربه تم اطلاق 12 صاروخ ضد مايلي:
– مركز الاعاقة والشوشرة الرئيسي في أُم خشيب.
– مركز قيادة الجبهة في ام مرجم والمركز التبادلي في ام مخسه.
– مركز قيادة العدو في القطاع الشمالي في بالوظه ورمانه.
– مركز قيادة العدو في القطاع الاوسط في الطاسه.
– مركز قيادة العدو في القطاع الجنوبي في ممر متلا.
– مناطق الهبوط في الطاسة ومتلا وشعير.
في الساعة 10:20 مساء يوم 6 أكتوبر، تم إطلاق 6 صواريخ تجاه مركز قيادة العدو في ام مرجم.
في الساعة 10:30 مساء يوم 6 أكتوبر، تم إطلاص 6 صواريخ تجاه اهداف مدرعه للعدو في منطقة بالوظه ورمانه.
في الساعة 8:00 صباح يوم 8 أكتوبر، تم إطلاق 6 صواريخ تجاه مركز قيادة العدو في أم مرجم مرة اخري بعد أن إستعاد نشاطه بعد الضربة الاولي وتجاه مطار شعير شمال مطار المليز فتم تدمير 6 طائرات فانتوم على الارض طبقا لرواية طيار أسير تم أسره في اليوم التالي وكان شاهدا على مدى الدمار الذي حاق بالمطار التبادلي.
في الساعة 3:30 فجر يوم 9 أكتوبر، تم إطلاق 6 صواريخ تجاه مناطق تجمع للعدو في منطقة رمانة وبالوظة.
في الساعة 7:10 صباح يوم 12 اكتوبر، تم إطلاق 4 صواريخ تجاه مركز قياده العدو في ممر متلا بعد أن إستعاد نشاطه مره اخرى.
في الساعة 6:30 صباح بوم 14 اكتوبر، تم إطلاق 6 صواريخ ضد مركز قيادة العدو في منطقة أم مرجم وما حولها.
في الساعة 2:10 بعد ظهر يوم 14 اكتوبر، تم إطلاق 6 صواريخ على منطقة الطالية لستر إرتداد الفرقه 21 المدرعة بعد فشلها في تطوير الهجوم تجاه الطاسة.
في الساعة 2:15 بعد ظهر يوم 18 أكتوبر، تم إطلاق صاروخين ضد مركز قيادة العدو في القطاع الاوسط بمنطقه الطاسة.
في الساعة 5:30 مساء يوم 18 أكتوبر، تم إطلاق 6 صواريخ ضد تجمعات دبابات العدو في منطقه الدفرسوار.
في الساعة 3:15 فجر يوم 19 أكتوبر، تم إطلاق 4 صواريخ ضد تجمعات دبابات العدو في منطقه الدفرسوار.
في الساعة 3:15 عصر يوم 19 أكتوبر، تم إطلاق 4 صواريخ ضد تجمعات دبابات العدو في منطقه الدفرسوار.
في الساعة 5:30 مساء يوم 19 أكتوبر، تم إطلاق 4 صواريخ ضد تجمعات دبابات العدو في منطقه الدفرسوار.
في الساعة 2:00 بعد ظهر يوم 20 اكتوبر، تم توجيه إطلاق 4 صواريخ ضد تجمعات دبابات العدو في منطقه الدفرسوار.
في الساعة 7:00 مساء يوم 20 اكتوبر تم إطلاق 4 صواريخ ضد تجمعات دبابات العدو في منطقه الدفرسوار.
في الساعة 6:45 مساء يوم 22 اكتوبر تم تنفيذ ضربة صاروخية مُجمّعة بواسطه صواريخ سكود Scud في أول إستخدام لها في حرب أكتوبر ضد اهداف العدو في منطقه الثغره، لتعلن للعالم دخول مصر عصر الصواريخ التعبوية الإستراتيجية، وطبقا لروايات الاسرى الإسرائيليين والجنود المصريين، الذين كانوا متواجدين بالقرب من الإهداف، فقد أحالت الصواريخ المصرية المنطقة الى جحيم ودمار.
نتائج ضربات الصواريخ
نتيجه لبُعد الأهداف التي تم ضربها، عن القوات المصرية، وعن وسائل الإستطلاع المتوفرة في ذلك الوقت، كان يتم التأكد من نتائج الضرب بوسائل تقليدية وبدائية، وإستنتاجات منطقية وشهادات الاسرى فقط.
تمكنت الضربة الاولى من تدمير مراكز الإعاقة والشوشرة للعدو في ام خشيب. والدليل أنه خلال الفترة من بدء الحرب الساعة 2:05 بعد ظهر يوم أكتوبر وحتي وقت وصول الصواريخ لاهدافها ساعه 2:42 كان هناك تشويش مُستمر على كافة الإتصالات اللاسلكية للقوات المصرية خلال العبور، وبعد الساعه 2:42 توقف التشويش تماما.
تم تدمير موقع صواريخ دفاع جوي يحوي 5 بطاريات صواريخ هوك Hawk على المحور الشمالي طبقا لإذاعة لندن نقلاً عن مراسليها في الجبهة.
أثناء إستجواب طيار إسرائيلي تم أسره الساعة 9:00 صباح يوم 9 أكتوبر، أفاد بتدمير 6 طائرات فانتوم علي الارض، كانت ضمن 11 طائره فانتوم تستعد للاقلاع.
اعترف قادة العدو بفقدان السيطرة على قواتهم نتيجة ضرب مراكز قيادتهم بالطائرات تارة وبالصواريخ أرض-أرض تارة أخرى.
أفادت إحدى وحدات الصاعقة داخل منطقة الثغرة، بأن ضربة الصواريخ المصرية، أبادت كتيبة مشاة ميكانيكية إسرائيلية بأكملها في منطقة الدفرسوار.
قم بكتابة اول تعليق