حقيقة الحرب بين الصين والولايات المتحدة

أ.د. غادة عامر

نشر تقرير في بلومبيرغ في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر 2018 بعنوان ” الاختراق الكبير”، كان ملخصة إن 17 مصدرا مجهولا من وكالات الاستخبارات والشركات الامريكية اعلنوا أن الصين تمكنت من إضافة رقاقات تجسس صغيرة إلى الخوادم التي تنتجها شركة سوبر ميكرو كمبيوتر داخل المعدات التي تستخدمها حوالي 30 شركه أمريكية بما في ذلك أبل وأمازون، والعديد من الإدارات في الحكومية الأمريكية، عن طريق زرع رقائق تجسس مكروئية داخل تلك الخوادم ، والتي من شأنها ان تعطي بكين سر الوصول إلى الشبكات الداخلية بما فيها وزارة الدفاع الامريكية.

وبالكشف عن هذه العملية، تصبح هذه العملية هي أول وأجرأ عملية قرصنه الكترونية تقوم بها دولة ضد دولة أخرى يعلن عنها (لأن هناك عمليات كثيرة غير معلنة)، و حسب التقرير فأن القوات المسلحة الصينية طلبت من الشركات المصنعة للخوادم الأمريكية أن تقوم بزرع رقائق مكروئية داخل تلك الخوادم، و بالرغم من أن حجم هذه الرقائق اصغر من حبة الأرز أي ما يقرب من سن قلم رصاص، لكن لديها قدرات هائلة، فهي قادرة على تدمير الجهاز التي تزرع فيه، وكذلك نقل كل أنواع البيانات والملفات بل وعمل تعديل في الملفات والبرمجيات، كما يمكنها إغلاق النظام تماما عن مراكز القيادة، ويمكنها أيضا أن تستخدم كبوابة لتغذية المعلومات الكاذبة أو المربكة في النظام المستهدف. ووفقا للتقرير فإن شركتي أمازون وأبل اكتشفتا الاختراق من خلال التحقيقات الداخلية وأبلغت السلطات الأمريكية. ولكن كلتا الشركتين عملت بهدوء (رغم أن هذا كان مكلف جدا) لإزاله الخوادم المخترقة من بنيتها التحتية.

ولقد قال أحد المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية أن عملية الاختراق هذه من أخطر العمليات لأن هذه الخوادم هي عنصر أساسي في مراكز بيانات وزارة الدفاع الامريكية، وفي عمليات الوكالة الأمريكية للاستخبارات المركزية الخاصة بعمليات الطائرة بدون طيار، وشبكات السفن الحربية التابعة للبحرية الامريكية، ووزارة الأمن الداخلي، وناسا، والكونغرس الأميركي، فضلا عن شركات التكنولوجيا ذات الأسماء الكبيرة والتي يستخدمها آلاف من الحكوميين والبنوك الكبرى. وبالرغم من أن هذه العملية من المفترض أن القوات المسلحة الصينية تقوم بها ضد الولايات المتحدة فقط، إلا ان شركة سوبر مايكرو كمبيوتر هي أيضا واحدة من أكبر الموردين للخوادم في أماكن كثيرة في العالم، ففي عام 2015 باعت الشركة آلاف الخوادم لأكثر من 900 عميل في حوالي 100 بلد، فهذه الخوادم تستخدم في منتجات مثل أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي، وفي كثير من أنظمة الأسلحة الالكترونية والرادارات ،وفي كثير من مراكز المعلومات لشركات التقنيات الفائقة، وفي أجهزة التصوير وضغط الفيديو. أي إنه هجوم على العالم أجمع كما قال مسؤول الاستخبارات الامريكية.

وقد رفض مكتب التحقيقات الفدرالي ومدير المخابرات الوطنية، الذي يمثل وكالة المخابرات الفيدرالية ووكالة الاستخبارات القومية، التعليق على هذا التقرير. ومع ذلك، من المعروف جيدا لمن يعمل في هذا المجال إن مثل هذه الخوادم أو اللوحات الالكترونية هي هدف كبير وفعال لجماعات الاستخبارات في الكثير من البلدان، وهناك تقرير إن وكالة المخابرات الوطنية الامريكية نفسها قد قامت بتنفيذ عمليات مماثلة ضد بعض من الدول. لكنها في معظمها كان عن طريق برمجيات خارقة، لكن هذه العملية برمجيات وأجهزة خارقة، وبالتالي فهي الأخطر على الاطلاق.

ورغم نفي بعض الجهات الحكومية في الولايات المتحدة هذ الأمر وكذلك رفض الحكومة الصينية التعليق عليه، فهناك شواهد تؤكد أنه يمكن ان يكون صحيح، ومن هذه الشواهد، أنه في أغسطس 2018م، وقع الرئيس دونالد ترامب على مشروع قانون ليصبح قانونًا يجعل من غير القانوني للوكالات الحكومية الأمريكية شراء أجهزة من شركتي Huawei وZTE Corp الصينية، بسبب مخاوف من أن تسعى الحكومة الصينية للتلاعب بها. كما فرض الجيش الأمريكي في عام 2017م  قيودًا مماثلة على طائرات صغيرة بدون طيار من شركة DJI التي تتخذ من الصين مقراً لها بسبب مخاوف أمنية. كما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” في يونيو 2018م أن الصين سرقت معلومات عن صاروخ مضاد للسفن سري للغاية يعرف باسم “تنين البحر” من نظام الكمبيوتر الخاص بمقاول حكومي أمريكي. كما سعت أدارة الرئيس ترامب إلى فرض قيود على استيراد أجهزه الكمبيوتر الصينية كجزء من الحرب التجارية التي تصاعدت بعد كشف هذه التقرير، و قد قال نائب الرئيس ترامب مايك بنس في كلمه ألقاها في يوم 4 أكتوبر 2018م في معهد هدسون “أن بكين تنتهج نهجا شاملا باستخدام الأدوات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأهم التكنولوجية لتعزيز نفوذها والاستفادة من مصالحها في الولايات المتحدة والأسوأ من ذلك كله ان وكالات الأمن الصينية دبرت سرقه التكنولوجيا الأمريكية بالجملة، بما في ذلك المخططات العسكرية المتطورة”.

الان بعد ما تم سرده أعلاه، لكم الخيار أن تصدقوا التقرير أو أن تكذبوه، لكن الأهم ان نسأل انفسنا كأفراد قبل الحكومات، أين نحن وما هو مصيرنا لو بقينا منشغلين بكل شيء الا تطوير انظمتنا العلمية والبحثية لامتلاك التكنولوجيا الفائقة وبسرعة، لن أقول لعمل هجوم مماثل لكن للدفاع عن انفسنا من مثل هذا الاعاصير القادم لا محال!

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*