“ناشونال إنترست”: 6 أخطاء إستراتيجية أميركية قادت لانتصار طالبان السريع بأفغانستان

طالبان

  

أثار الصعود السريع لحركة طالبان وتمكنها من بسط سيطرتها على معظم أفغانستان قبل الموعد الذي قررته الولايات المتحدة لإكمال سحب قواتها من البلاد أسئلة عديدة حول أسباب انتصار الحركة والسقوط السريع للحكومة الأفغانية.

وفي هذا الصدد يرى المحلل السياسي محمد عبد الباسط في مقال له بمجلة “ناشونال إنترست” (National Interest) الأميركية أن حصيلة 20 عاما من التدخل الأميركي في أفغانستان لم تمكن الحكومة الأفغانية من الوقوف على قدميها سوى أسابيع قليلة بعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، فسقطت سريعا أمام تقدم طالبان التي سيطرت على العاصمة كابل من دون أن تواجه أي مقاومة.

ويقول عبد الباسط، المختص في العلاقات الدولية، إن الدرس الأساسي الذي يمكن أن يستخلص من الإستراتيجية الأميركية الخاطئة التي أدت إلى سقوط كابل هو أن الدول تتطور من الداخل، فقد أبقت الولايات المتحدة أفغانستان على جهاز تنفس اصطناعي وحافظت على سلام نسبي عن طريق توفير المساعدات الخارجية للحكومة الأفغانية، لكن ذلك تداعى مع انسحابها.

ويرجع عبد الباسط فشل التدخل الأميركي في أفغانستان إلى أخطاء إستراتيجية ارتكبتها الولايات المتحدة على مدى العقدين الماضيين وأدت إلى الانهيار السريع للحكومة الأفغانية وانتصار طالبان، وهي كما يلي:

دعم المجاهدين في أثناء الحرب الباردة

يرى الكاتب وهو محلل سياسي باكستاني أن إسهام الولايات المتحدة في نشأة المجاهدين في أفغانستان في أثناء الحرب الباردة بنية التخلص منهم لاحقا كان خطأ إستراتيجيًا وسوء تقدير كبير وقعت فيه واشنطن.

فقد خرج المجاهدون عن السيطرة فيما بعد، وأصبح أسامة بن لادن وقادة آخرون -ممن كانوا رصيدا إستراتيجيا للولايات المتحدة من قبل- عدوها الأكبر.

فبعد خروج روسيا من أفغانستان، أسست حركة طالبان حكومة في أفغانستان عام 1996. وبحلول نهاية عام 2001 بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول، غزت الولايات المتحدة أفغانستان في محاولة لمطاردة الجناة الذين ضربوها في عقر دارها.

وبالرغم من أن حركة طالبان لم تكن متورطة في تلك الهجمات الدامية، فإنها كانت تأوي تنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن.

الحرب على العراق

بعد عامين فقط من تورطها في أفغانستان -يقول الكاتب- أقدمت الولايات المتحدة على غزو العراق عام 2003، وانصب تركيزها عليه بدلا من أفغانستان بناء على تهمتين كاذبتين وهما: وجود أسلحة دمار شامل في العراق وعلاقة الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين بالقاعدة.

ويرى الكاتب أن سياسة واشنطن الخارجية الطموحة تلك أفقدت الولايات المتحدة مكانتها الدولية، حيث فشلت في حشد الدعم الدولي لغزو العراق. وقد كانت أفغانستان بلدا صعبا للغاية للقيام بمغامرة خارجية، لكن واشنطن لم تكتف بذلك وأضافت العراق، وقد كانت إدارة حربين قاسيتين في الوقت نفسه بدون إستراتيجية طويلة الأمد فشلا بحد ذاته.

الفشل في تطوير مؤسسات البلد

أما الخطأ الإستراتيجي الثالث الذي أنتج الوضع الحالي الذي تشهده أفغانستان -حسب الكاتب- فهو فشل الولايات المتحدة في تطوير مؤسسات البلد الذي أنهكته الحروب، حيث اكتفت على مدى 20 عاما بتسيير الأمور في البلد من دون الالتفات إلى التنمية والتطوير وهو ما أضعف تلك المؤسسات من الناحية الهيكلية.

ويشير الكاتب إلى أن الحرب في أفغانستان، التي يبلغ عدد سكانها نحو 40 مليون نسمة، كلفت الولايات المتحدة نحو 300 مليون دولار يوميا على مدى عقدين من الزمن، أي ما يعادل حوالي 50 ألف دولار لكل مواطن. ورغم ذلك فإن 90% من السكان الأفغان يعيشون على أقل من دولارين في اليوم الواحد.

ويرى أن ذلك الاقتصاد الذي يتم تشغيله بالمساعدات الخارجية للحفاظ على استقرار مؤقت في أفغانستان محكوم عليه بالانهيار.

افتقار الحكومة للشرعية

ومن بين العوامل التي أسهمت في سيطرة طالبان على كابل وغيرها من المناطق في أفغانستان، افتقار الحكومة الأفغانية إلى الشرعية، حسب تعبير الكاتب.

ويشير المقال إلى أن بيتر غالبريث، النائب السابق لمبعوث الأمم المتحدة إلى أفغانستان، سبق وصرح بأن ولايتي الرئيس الأفغاني أشرف غني، ورئاسة حامد كرزاي كانتا نتيجة انتخابات مزورة.

لذلك، يرى الكاتب أن الحكومة الأفغانية الفاقدة للشرعية والمتهمة بالفساد التي تعتمد على الدعم الأجنبي لم يكن باستطاعتها الوقوف في وجه مسلحي حركة طالبان في غياب الدعم الخارجي.

مشكلة اللاجئين

ومن بين أخطاء الولايات المتحدة الأخرى في أفغانستان -حسبما يرى الكاتب- أن خطة الانسحاب التي وضعتها لم تأخذ في الحسبان احتمال أن يؤدي ذلك إلى أزمة لجوء كما يحدث الآن، حيث يقبل الأفغان على الهجرة من بلادهم إلى بلدان أخرى.

الانسحاب بدون اتفاق سلام مقبول

أما السبب السادس والأخير لانتصار طالبان السريع، فهو أن انسحاب الولايات المتحدة وغيرها من دول الحلفاء من أفغانستان بدون التوصل إلى اتفاق سلام مقبول فيما يتعلق بإدارة الحكم أفغانستان كان من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تفكك الجيش الأفغاني وعجزه عن الاحتفاظ بمواقعه.

ويختم الكاتب بأن طالبان تمكنت من السيطرة على السلطة في أفغانستان، لكن السيطرة على بلد وحكمه أمران مختلفان، ويرى أن الوقت وحده كفيل بالكشف عن طريقة إدارتها للحكم البلاد.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*