ماذا تعرف عن أنظمة السيطرة على النيران FCS؟

أنور الشرّاد – باحث عسكري

في علم المدفعية gunnery، تعبير أو مصطلح “السيطرة على النيران” fire control يشير ضمنياً لمفهوم الموازنة أو التعويض التلقائي offsetting لمحور سبطانة السلاح من خط البصر إلى جسم الهدف وذلك بغرض إصابة هذا الأخير وتحييده. عملية الموازنة تدعى في الغالب بزاوية التوقع أو التنبؤ prediction angle وبكلمات أخرى، الزاوية بين خط البصر وخط السلاح واصطفافه حيث يكون امتداد محور السلاح باتجاه الهدف لحظة إطلاق النار مباشرة. زاوية التوقع هذه تشكل أفضل الحلول لمشكلة دقة توجيه النيران وذلك بالاستفادة من المعلومات المتوافرة. زاوية التنبؤ يمكن تحصيلها بموازنة قيم الارتفاع elevation مع قيم السمت azimuth وهي بالطبع مرتبطة لحد كبير بالعوامل التي تؤثر على حركة المقذوف الداخلية منها والخارجية. وفي حين تتضمن العوامل الخارجية عناصر مثل الجاذبية الأرضية والوسط الجوي الذي يتطلب من المقذوف الطيران والتنقل خلاله، فإن العوامل الداخلية تتضمن توزيع كتلة المقذوف، الشكل، الحجم، والسرعة الأولية أو الابتدائية.

ولمزيد من التوضيح، فإن القوى الرئيسة التي يتصرف وفقها المقذوف عند طيرانه في الفضاء هي تلك المتعلقة بالجاذبية والعائق والريح في حال توافرها. الجاذبية gravity تمنح تعجيل سفلي للمقذوف ينتج عنه سقوطه أو هبوطه عن خط البصر. العائق أو المقاومة الجوية drag/air resistance تبطئ سرعة المقذوف مع قوة نسبية إلى مربع السرعة. أما الريح wind فإنها تجعل المقذوف ينحرف أو يتحول عن مساره. أثناء الطيران، الجاذبية والعائق والريح لها تأثير رئيس على مسار المقذوف، ويجب أن تفسر هذه القوى متى أو لأي حد يمكن للمقذوف الاستمرار في الطيران.

لقد لعبت أنظمة سيطرة على النيران FCS على الدوام دوراً حاسماً في معارك الدبابات مع بعضها البعض أو من خلال الاشتباكات ومشاغلة الأهداف الثابتة والمتحركة مع تأمين احتمالية عالية لإصابة الهدف من الضربة الأولى first-round-hit-probability. أنظمة السيطرة على النيران الحديثة تشتمل على حاسوب سيطرة على النيران، مجسات رصد، نظام سيطرة واستقرار للمدفع وأنظمة رؤية وتسديد بصرية من النوع السلبي. حاسوب السيطرة على النيران FCC يتولى حساب زوايا الارتفاع والسمت (الدرجة ومحور الانحراف) مستنداً في ذلك على الخوارزميات البالستية ballistic algorithm. هذا الحاسوب قادر على القيام بمئات العمليات والتجديدات الحسابية البالستيه خلال الثانية الواحدة. هو قادر على إيجاد الحلول البالستيه الملائمة للأهداف الثابتة والأهداف المتحركة، خلال وضع الحركة أو مرحلة التوقف، مع احتمالية مرتفعة لتأمين دقة الإصابة.

الظهور الأول لأنظمة السيطرة على النيران كان على السفن الحربية battleships وذلك في بداية القرن التاسع عشر، حيث لعب تطور هذه التجهيزات بعد ذلك دوراً حيويا وحاسماً في المسددات الميكانيكية والبصرية لسلاح المدفعية، خصوصاً أثناء الحرب العالمية الثانية. هذه الأنظمة التماثلية analog systems كانت متعبة وبطيئة نسبياً (ذات تحكم وسيطرة يدوية في الغالب)، لذلك هي كانت غير ملائمة إلى عربات القتال المدرعة. الافتقار إلى الأنظمة السريعة والمتقدمة عنى ببساطة أنه كان على الرماة الاعتماد فقط على شبكات تسديدهم البصرية sight reticle، مضافاً إليها مهاراتهم وخبراتهم الشخصية التي سبق لهم اكتسابها في التصويب. مع ذلك، التطور السريع في علوم الليزر والكهروبصريات electro-optical واستعمال الحاسبات المضغوطة والأكثر موثوقية خلال العقود التي أعقبت الحرب، سمح بتركيب أنظمة سيطرة على النيران أكثر تقدماً وأصغر حجماً، يمكن تثبيتها على منصات القتال الأرضية. مثل هذه التجهيزات ساهمت في زيادة احتمالات الإصابة بالطلقة الأولى خلال الاشتباكات الرئيسة من وضع السكون أو أثناء الحركة. بالنسبة لدبابة المعركة الرئيسة، هي أعطت فرصة جيدة لإصابة الأهداف المتحركة أثناء التنقل moving-on engagements والاشتباك مع العربات من مديات بعيدة نسبياً. أيضاً هي ساهمت لحد كبير في تخفيض زمن الاشتباك ومشاغلة الهدف، كما أنها بسطت مهام الطاقم وخفضت مستويات المهارة المتطلبة عادة لإنجاز هذا الدور من خلال عملية المراقبة والاختبار الذاتي وكذلك التشخيص الآلي لمشاكل النظام ككل.

udefense