قدرات الجيش الأميركي استثنائية في إعادة تزويد الطائرات بالوقود حول العالم

في وقت يتزايد فيه القلق وانعدام الأمن في جميع أنحاء العالم، يواصل الجيش الأميركي الاحتفاظ بمجموعة كبيرة من قدرات إعادة تزويد الطائرات بالوقود، ما يمنح سلاحه الجوي قدرة لا مثيل لها على الضرب أينما كانت تتواجد التهديدات.

وتشير التقديرات إلى أن القوات الجوية الأميركية لديها ما بين 450 و500 ناقلة مخصصة فقط للتزويد بالوقود، في حين أن سلاح مشاة البحرية الأميركية يمكنه أيضا نشر مئات الطائرات الأخرى، مثل طائرات سي-130 ومروحيات محددة ومقاتلات من طراز إف-18 والتي يمكن تجهيزها بخزانات “رفيقة” لتوسيع هذا النوع من القدرات إلى حد كبير.

ولا تملك بيجين التي تحتفظ بأكبر حجم من القوات المسلحة في العالم يشغلها عسكريون في الخدمة الفعلية، أي قدرة شبيهة بقدرة الجيش الأميركي على إعادة تزويد طائراته بالوقود، علما أن بعض المراقبين ذكروا أن الولايات المتحدة لديها ما يقارب 80 في المائة من طائرات التزويد بالوقود العسكرية في العالم.

وجاء في تقرير صدر عن معهد هدسون عام 2021 بعنوان “إعادة تزود مرنة بالوقود في الجو: حماية إمكانية الوصول العالمية للجيش الأميركي”، أن “قدرة الجيش الأميركي على إبراز قوته بسرعة عبر المسافات العابرة للقارات والاستمرار بالعمليات في مسرح الأحداث هي واحدة من أهم مزاياه”.

وتابع التقرير “يمكن القول إن التزود بالوقود في الجو هو أهم مساهم في تأمين هذه القدرة الأميركية الفريدة”.

وما يميز الجيش الأميركي عن القوى العالمية الأخرى هو قدرته على إعادة تزويد طائراته بالوقود من جانب واحد أو بالتنسيق مع الدول الشريكة.

ووفقا لقيادة النقل الجوي، يمكن للطائرة بيغاسوس كاي سي-46 أن تعيد تزويد نحو 97 في المائة من الطائرات التي يتم إطلاقها خلال مهام قيادة النقل الأميركية بالوقود.

وإن بيغاسوس قادرة على تزويد الطائرات الكبيرة بالوقود، مثل بي-52 ستراتوفورتريس وغلوب ماستر سي-17، إضافة إلى الطائرات الأصغر حجما مثل مقاتلات إف-16.

ووافق قائد قيادة النقل الجوي الجنرال مايك مينيهان، على انتشار طائرة بيغاسوس كاي سي-46 إي المطورة في جميع أنحاء العالم لتلبية مهام القيادة القتالية اعتبارا من 14 أيلول/سبتمبر الماضي.

وقال مينيهان “إننا مستعدون لاستخدام هذه الطائرة عالميا في أي قتال دون تردد”.

وكانت طائرة بيغاسوس كاي سي-46 إي قد أكملت آنذاك تدريبا على الانتشار في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية، والتي تشمل الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

وتم تقييم الطائرة أثناء تنفيذها مهام فعلية حول العالم لدعم العمليات القتالية وإكمال ودعم عمل طائرات ناقلة أخرى في مسرح الأحداث.

جاهزة وبالانتظار

وقال خبراء عسكريون إن الطائرات الأميركية التي تزود بالوقود منتشرة في جميع أنحاء العالم، ويمكنها أن تدعم بسرعة المهمات الأميركية العالمية والإقليمية بالإضافة إلى تأمين دعم سريع لأي شريك إقليمي تقريبا.

وتستمر المهمات الجارية في مختلف أنحاء العالم بإظهار هذه القدرة.

وعلى سبيل المثال، انطلقت في وقت سابق من الشهر الجاري طائرتان من طراز بي-52إتش ستراتوفورتريس من ولاية لويزيانا الأميركية إلى منطقة القيادة المركزية الأميركية، ونسقتا على طول الطريق مع 13 قوة من القوات الجوية الشريكة.

وخلال تلك المهمة التي استغرقت ساعات عدة، تم تصوير طائرات بي-52إس وهي تتزود بالوقود في نقاط متعددة بواسطة طائرات متمركزة في قواعد بالمنطقة.

ويتمثل مثال آخر على ذلك في التدريب المكثف الذي أجري بقيادة الولايات المتحدة في أيلول/سبتمبر.

وركز التمرين في إطار سلسلة التوظيف القتالي المرن، على النشر السريع للطائرات والقوات الأخرى في مناطق مختلفة وإجراء عمليات مستدامة باستخدام شبكات من القواعد الجوية الراسخة والدقيقة مع معدات ممركزة مسبقا وجسر جوي.

وشكّل التزويد بالوقود جوا مكونا رئيسا في التمرين، إذ أجرت الوحدات المشاركة عمليات انتشارها في منطقة تمتد من مصر إلى كازاخستان.

استعراض للقوة

وتمكن هذه القدرة الولايات المتحدة وحلفاءها من إظهار القوة ومواجهة التهديدات في المناطق الاستراتيجية الرئيسة بما في ذلك بحر العرب، وهو الممر المائي الذي يتوجب على جميع السفن الإيرانية المرور به للوصول إلى موانئ العالم، ويعد وصلة رئيسة في “سلسلة اللؤلؤ” الصينية.

ولطالما هددت إيران بإغلاق مضيق هرمز الذي يربط الخليج العربي بخليج عُمان وبحر العرب وبمهاجمة السفن البحرية في حال نشوب حرب.

وفي هذه الأثناء، أثارت جهود الصين الهائلة لإنشاء بنية تحتية تربط برها الرئيس بالقرن الأفريقي عبر شبكة من المنشآت العسكرية والتجارية الكثير من المخاوف في السنوات الأخيرة.

وتمر خطوطها البحرية عبر نقاط الاختناق البحرية الرئيسة بما في ذلك مضيق باب المندب عند مدخل البحر الأحمر ومضيق ملقا الواقع بين المحيطين الهندي والهادئ، ومضيق هرمز عند مدخل الخليج العربي، ومضيق لومبوك بين جزر بالي وإندونيسيا.

وتستمر حملة بيجين لإنشاء بنية تحتية عالمية والمعروفة باسم مبادرة الحزام والطريق أو حزام واحد، طريق واحد، في البر الداخلي لتصل إلى أجزاء أخرى من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا.

وتخدم المشاريع الصينية التي تبدو في ظاهرها تجارية غرضا مزدوجا، ما يسمح لجيشها الذي ينمو بسرعة بتوسيع نطاق انتشاره، حسبما حذر نقاد.

وتمتد قدرة وصول الولايات المتحدة إلى آسيا الوسطى أيضا، التي تشهد توترات متزايدة.

ففي عهد الرئيس فلاديمير بوتين، تختلق روسيا تهديدات غير موجودة في آسيا الوسطى للحفاظ على نفوذها في ما كان في السابق “فناءها”، وتستخدم التكتلات العسكرية والاقتصادية مع دول الاتحاد السوفياتي السابق لكبح جماحها.

ولكن في أعقاب الغزو الفاشل لأوكرانيا، يواجه الكرملين الآن منطقة تتوق إلى الانفصال عن روسيا والبحث عن حلفاء جدد، ما يخلق توترات متصاعدة.

almashareq