الإمارات تستثمر في الصناعات العسكرية المصرية.. ماذا وراء تعزيز التعاون الدفاعي بين البلدين؟

سامي أورفلي

عقد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، مباحثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال زيارة رسمية له إلى القاهرة في 12 أبريل/ نيسان، تركزت على تعزيز التعاون الدفاعي في مجال الصناعات العسكرية. وهي خطوة هامة في تعزيز العلاقات بين الدولتين.

قادت هذه المحادثات “مجموعةُ إيدج” الإماراتية و”الهيئة العربية للتصنيع” مما يُبرز التزام كلا الدولتين بتعزيز قدراتهما الدفاعية.

اهتمام الإمارات بصناعة الدفاع المصرية

عبرت دولة الإمارات العربية المتحدة عن اهتمامها الكبير بالاستثمار في الصناعة الدفاعية في مصر، سعيًا للاستفادة من الموقع الاستراتيجي للبلاد والقطاع الدفاعي المتنامي فيها. تمتلك مصر صناعة دفاعية قوية، وتدرك دولة الإمارات الفوائد المحتملة للتعاون مع دولة تمتلك قاعدة تصنيعية قوية وقوة عاملة ماهرة. تهدف الإمارات إلى تعزيز تطورها التكنولوجي وتبادل المعرفة والمشاريع المشتركة للبحث والتطوير من خلال تعزيز علاقاتها مع صناعات الدفاع.

تنتج مصر محليًا مجموعة متنوعة من الأسلحة بما في ذلك مسدسات حلوان وبنادق “كلاشينكوف” المعروفة باسم “المعادي”. كما قام الجيش المصري بتطوير رادار ثلاثي الأبعاد للإنذار المبكر صنع محليًا بمدى 450 كيلومتر، مما يعزز قدراتها التكنولوجية ويخولها الدخول في منافسة عالمية في صناعة الرادارات.

بالإضافة إلى ذلك، تنتج مصر بنسبة 90% من دبابات “أم1 إيه1″، وتصنّع مدرعات “فهد” ومجموعة مدرعات “تمساح” متعددة الفئات.

وتمكنت مصر من تصنيع طائرة مسيّرة محلية من طراز “نوت”، التي تُعَدّ ضمن فئة طائرات الاستطلاع متعدّدة المهام، وطائرة من دون طيار هجومية تسمّى “30 يونيو”، وهي أول مسيرة مصرية قادرة على تنفيذ المهمّات القتالية والاستطلاعية على ارتفاعات تصل إلى 7 كيلومتر وعلى حمل ذخائر موجهة تتراوح زنتها ما بين 250 و500 كيلوغرام.

استفادت مصر من مشاريع نقل التكنولوجيا لإنتاج قطع بحرية محلية، أبرزها الكورفيت متعدد المهام “CC-60″، وهو كورفيت بحري تعمل ترسانة الإسكندرية على تصنيعه بالمشاركة مع شركة “لورسن” الألمانية.

كما تصنّع مصر أيضًا طائرات التدريب “ka 8” الصينية بترخيص من الشركة الأم.

تتمتع مصر بصناعة دفاعية متنوعة تشمل إنتاج الطائرات والمركبات المدرعة والسفن البحرية وغيرها من المعدات، وتلتزم منذ فترة طويلة، بتطوير قدراتها العسكرية لضمان الأمن القومي والمساهمة في استقرار المنطقة.

موقف مصر

تدرك مصر أهمية الاستثمارات الأجنبية لدعم قطاع الدفاع الخاص بها، حيث يمكن أن تستغل مثل هذه الشراكات لتعزيز قدراتها الدفاعية المحلية ونقل التكنولوجيا والوصول إلى أسواق جديدة. إنّ تعاون مصر مع الإمارات سيمكّنها من الاستفادة من الخبرة الإماراتية ومن تكنولوجيا الدفاع المتقدمة لديهم.

اهتمام الإمارات بصناعة الدفاع المصرية

إنّ اهتمام الإمارات بصناعة الدفاع المصرية ناتج عن عدة عوامل عكست الأهمية الاستراتيجية للتعاون بين البلدين:

الموقع الاستراتيجي: تحتل مصر موقعًا جغرافيًا هامًّا، حيث تجسّد ممرّاً بين أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا. تدرك الإمارات مزايا التعاون مع مصر للاستفادة من موقعها الاستراتيجي وتأسيس موقع قوي في المنطقة. وعليه، فمن خلال الاستثمار في صناعة الدفاع المصرية يمكن للإمارات الاستفادة من شبكة مصر الواسعة من الشراكات الإقليمية والأسواق المحتملة للتصدير.

قاعدة التصنيع والقوى العاملة الماهرة: تتمتع مصر بصناعة دفاعية متنوعة تشمل إنتاج الطائرات والمركبات المدرعة والسفن البحرية وغيرها من المعدات الدفاعية. وتدرك الإمارات فرصة الاستفادة من قدرات وخبرات وسعة إنتاج مصر لدعم متطلباتها الدفاعية الخاصة. ستتمكن الإمارات من الاستفادة من قدرات التصنيع والخبرة التكنولوجية المصرية من خلال تعاونها مع الأخيرة، مما يسرع من تطوير وإنتاج تكنولوجيات دفاعية متقدمة.

تعزيز الأمن الإقليمي: تدرك الإمارات أهمية الاستقرار والأمن الإقليمي. ومن شأن التعاون المشترك ما بين مصر والإمارات أن يؤدي إلى تعزيز التحالف الدفاعي القوي، مما يسمح للبلدين بمعالجة التحديات الأمنية الإقليمية بشكل جماعي.

التقدم التكنولوجي وتبادل المعرفة: يكمن اهتمام الإمارات بصناعة الدفاع المصرية في الاستفادة من خبرة مصر وتقدمها في مجال التكنولوجيا الدفاعية. مما يمكّن الإمارات من الوصول إلى مبادرات البحث والتطوير المتقدمة والتكنولوجيات المتطورة وفرص تبادل المعرفة. يعزز هذا التعاون الابتكار ويتيح لكلا البلدين البقاء في طليعة القدرات الدفاعية، وضمان التفوق التكنولوجي والاعتماد على التصنيع المحلي.

التعاون الاقتصادي والتنويع: يتوافق استثمار الإمارات في صناعة الدفاع المصرية مع أهداف التعاون الاقتصادي الشاملة. فإنّ دعم الإمارات لقطاع الدفاع المصري، يساهم في خلق فرص عمل وفي النمو الاقتصادي في كلا البلدين. يفتح هذا التعاون الأبواب أمام المشاريع المشتركة ونقل التكنولوجيا وإنشاء مرافق الإنتاج، مما يخلق فرصًا اقتصادية ويسهم في تطوير بيئة صناعية دفاعية مستدامة.

الإمكانات المصرية

التقى اللواء الركن الجابري باللواء مختار عبد اللطيف، رئيس منظمة الصناعات العسكرية العربية (AOI) في 7 أكتوبر/ تشرين الأوّل 2022، وقدم له دعوة للمشاركة في معرضي “آيدكس” و”نافدكس” في أبوظبي. يعكس هذا الإيمان الإماراتي بالجهود التي تبذلها مصر لتشجيع التصنيع المحلي وتعزيز مفهوم “صُنع في مصر”.

ناقش الطرفان أهمية التكنولوجيا المتقدمة والثورة الصناعية في تشكيل مستقبل صناعات الدفاع في كلا البلدين. وسُلّط الضوء على أهمية تدريب الكوادر الوطنية وتعزيز الشراكات الاستراتيجية مع الشركات الكبرى الدولية المنتجة، ودعم مبادرات البحث والتطوير. أشاد اللواء الركن الجابري بقيادة ورؤية الرئيس الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس عبد الفتاح السيسي، معترفًا بدعمهما لتطوير صناعات الدفاع والالتزام بتحقيق التنويع الاقتصادي.

مجلس توازن يوقع مذكرة تفاهم مع وزارة الدفاع المصرية

في خطوة هامة نحو تعزيز التعاون الدفاعي بين الإمارات العربية المتحدة ومصر، وقع مجلس توازن، في فبراير/ شباط 2023 في معرض “آيدكس” مذكرة تفاهم مع وزارة الدفاع المصرية، تهدف المذكرة إلى تعزيز التعاون في صناعات الدفاع والأمن، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

يُعتبر توقيع مذكرة التفاهم بين مجلس توازن ووزارة الدفاع المصرية إنجازًا كبيرًا في التعاون الدفاعي بين الإمارات ومصر. تُبرز هذه الاتفاقية التزام البلدين بتعزيز صناعات الدفاع والأمن من خلال المبادرات المشتركة وتبادل التقنيات والتعاون في مجال البحث والتطوير.

في الختام، يُظهر الاستثمار الذي ستقوم به الإمارات في صناعات الدفاع المصرية تعزيز التعاون الدفاعي بين البلدين. هذه الشراكة لن تعزز قدرات الدفاع في مصر فحسب، بل ستسهم أيضًا في نمو وتنويع قطاع الدفاع في الإمارات، من خلال دمج مواردهما وخبراتهما والدعم المالي الإماراتي، يمكن للإمارات ومصر استغلال قوتهما النسبية لتعزيز التقدم التكنولوجي وتعزيز التنمية الاقتصادية وضمان الأمن الإقليمي.

ويمثل هذه التعاون خطوة استراتيجية نحو تحقيق هذه الأهداف وتفتح آفاقاً جديدة للتعاون على المدى الطويل بين البلدين.