صاروخ “كينجال”.. خنجر روسيا الجديد

العميد صلاح الدين الزيداني الأنصاري

كينجال إسم لصاروخ روسي فرط صوتي جديد ينتمي لعائلة الصواريخ المحمولة جواً , يرمز له بالرمز KH-47M2 Kinzhal ويحمل لقب تعريف الناتو Dagger ، ظهر مؤخراً في واجهة أحداث الحرب الأوكرانية كسلاح إستراتيجي قوي ليس له مثيل , كشف عنه الرئيس فلاديمير بوتين لأول مرة في مارس 2018 بعدما دخل مرحلة الخدمة الفعلية التجريبية في المنطقة العسكرية الجنوبية الروسية في ديسمبر 2017

أطلق عليه وصف “السلاح المثالي” عندما أعلن الرئيس فلاديمير بوتين عن تطوير مجموعة من أحدث أنواع الأسلحة القادرة على تجاوز نظام الدرع الصاروخي والدفاع الجوي الأمريكي ، والتي تفوق سرعتها سرعة الصوت، مثل أنظمة صواريخ “أفانغارد”و “بوريفيستنيك”، ومنظومة الليزر القتالي “بيريسفيت” والغواصة النووية غير المأهولة “بوسيدون”.

لمحة تاريخية

أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أول مرة إلى إنشاء هذا السلاح خلال خطابه أمام مجلسي الدوما (النواب) والاتحاد (الشيوخ) الروسي في1  مارس  2018عندما أعلن أن روسيا تمتلك “نظامًا صاروخيًا عالي الدقة تفوق سرعة الصوت ومحمولًا جواً” “لا مثيل له في العالم”.

أنجزت روسيا بنجاح اختبارات نظام الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت والتي كانت في حالة تأهب قتالي تجريبي في مطارات المنطقة العسكرية الجنوبية اعتبارًا من1  ديسمبر2017  وعرض الرئيس مقطع فيديو لإقلاع طائرةMiG-31  طائرة مقاتلة مسلحة بصاروخKinzhal  الفرط صوتي على نقطة صلبة مركزية خارجية ورسومات حاسوبية تكشف تدمير الأهداف البرية والبحرية.

جاء تصريح الرئيس بوتين آنذاك بمثابة مفاجأة للمختصين العسكريين الروس والأجانب لأنه قبل ذلك لم تشر أي مصادر رسمية أو غير رسمية إلى وجود سلاح تفوق سرعته سرعة الصوت في روسيا.

أفادت وزارة الدفاع الروسية في 10 مارس 2018 أن روسيا نفذت تدريبات قتالية عملية لصاروخ كينزال عالي الدقة تفوق سرعته سرعة الصوت “في المنطقة المحددة”.

وفي 9 مايو 2018 شاركت مقاتلتان روسيتان من طرازMiG-31K  تحملان صواريخKinzhal  الأسرع من الصوت في العرض الجوي فوق الساحة الحمراء في موسكو خلال احتفالات يوم النصر.

ذكرت تاس في  2يوليو 2018 ، نقلاً عن مصدر في وزارة الدفاع الروسية أن صاروخKinzhal  الفرط صوتي سيُختبر على قاذفة بعيدة المدى من طرازTu-22M3 والتي ستكون قادرة على حمل العديد من هذه الصواريخ ومدى ضربها سيزيد إلى3000 كم.

في 19 يوليو2018 ، كشفت وزارة الدفاع الروسية عن تفاصيل التشغيل التجريبي لمنظومة صواريخ كينجال التي تفوق سرعتها سرعة الصوت كما أفاد نائب القائد العام للقوات الجوية الروسية سيرجي درونوف ، أن مقاتلات MiG-31K  حاملة صواريخ Kinzhal الأسرع من الصوت ، قامت بأكثر من350  رحلة جوية منذ أن تولى Kinzhal  وضعية قتالية ، منها70  رحلة جوية في تزودت فيها المقاتلات بالوقود في الجو, وقالت الوزارة إن نظام الصواريخ Kinzhal الذي تفوق سرعته سرعة الصوت يقوم بدوريات روتينية فوق بحر قزوين منذ أبريل 2018م.

في30  نوفمبر2019 ، قال مصدر في صناعة الدفاع الروسية لوكالة أنباء TASS إن مقاتلةMiG-31K  أقلعت من مطار Olenegorsk في منطقة مورمانسك في القطب الشمالي في منتصف نوفمبر ، اختبرت صاروخ Kinzhal الفرط صوتي لأول مرة في اتجاه ساحة اختبار بيمبوي الواقعة شمال شرق فوركوتا وأكد مصدر آخر تجربة الإطلاق ، قائلا إن “الصاروخ تسارع إلى 10ماخ” ولم تعلق القوات الجوية الروسية رسميًا على المعلومات التي قدمتها المصادر.

في 21 ديسمبر2021م  قال وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو في اجتماع مجلس إدارة الوزارة الموسع في أن روسيا أنشأت فوجًا جويًا منفصلاً من مقاتلات ميغ31K  مسلحة بصواريخ كينجال التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.

وفي19  فبراير 2022 نجحت القوات الجوية الروسية في اختبار إطلاق صواريخKinzhal  الأسرع من الصوت أثناء تدريبات قوات الردع الاستراتيجي الروسية  وفي 19 أبريل2022 ، أفاد وزير الدفاع شويغو أن وقت الاستحواذ المستهدف لصواريخ كاليبر وكنزال قد تم قطعه عشرات المرات بسبب أنظمة الإشارات الجديدة.

الوصف والتصميم

يوصف في كثير من الأحيان بأنه صاروخ تفوق سرعة الصوت ، وهو إلى جانب ذلك صاروخ باليستي متطور يتم إطلاقه من الجو يشترك في ميزات التصميم مع الصاروخ الباليستي الروسي قصير المدى من طراز إسكندر 9K720 Iskander ، والذي بدأت روسيا العمل عليه في أواخر الثمانينيات, ومن الممكن أن النسخة التقليدية من Kinzhal ذات قدرة نووية ، برأس قتالي يحمل أكثر من1000 رطل من المتفجرات.

تم تكييفه خصيصًا للإطلاق الجوي ويتم إطلاقها بواسطة مقاتلات MiG-31 Foxhound الاعتراضية الثقيلة المعدلة لحمل صاروخ واحد من هذا القبيل , وتم اختيار المقاتلة MiG-31 لتكون حاملة لصواريخ Kinzhal لأنها “مناسبة بشكل خاص لتسريع الصاروخ إلى السرعات المطلوبة بالارتفاعات المطلوبة “.

يعتبر الصاروخ نقلة نوعية كبيرة في أنظمة الصواريخ الروسية من حيث تصميمه وميزاته فمداه يصل إلى حوالي 2,000 كم، وسرعته 10ماخ، ويمكن للصاروخ القيام بمناورات خلال كل مرحلة من مراحل طيرانه، كما يمكن تحميله رؤوس حربية تقليدية أو نووية وللوصول إلى مقاربة لسرعة الصاروخ ، فطائرات الكونكورد التجارية التي تطير بما يصل إلى ضعف سرعة الصوت تصل سرعتها القصوى إلى 2.180  كم في الساعة، أي 2.04 ماخ، وهو رقم يمكن من خلاله قياس سرعة هذا النوع من الصواريخ الروسية الذي يتضاعف على الأقل ثلاثة مرات على سرعة الكونكورد وهذه التسارع الرهيب تؤمن له خاصية فريدة تسمح له باختراق الشبكات المتخصصة لاصطياد الصواريخ بكل سهولة.

يتبع صاروخ كينجال مساراً متعرجاً على إرتفاع طيران منخفض مع القيام بمناورات خلال كل مرحلة من مراحل طيرانه حتى الإقتراب لهدفه كما ان سرعته العالية تجعله أكثر قدرة على اختراق وضرب الأهداف المحصنة بشدة مما يسمح له بالتغلب بشكل موثوق على رادارات الكشف بأنظمة الدفاع الجوي الحالية وإصابة أهدافه في عمق تمركزات العدو بدقة متناهية ، قبل كشفه والتعرف عليه.

يتميز الصاروخ بقدرته على الوصول إلى سرعة 10 ضعف سرعة الصوت، ويبلغ الحد الأقصى لمدى التدمير كيلومترين عند إطلاقه من قاذفة “ميغ 31 وثلاثة كيلومترات من القاذفة “تو22  إم 3، كما أنه من المخطط تكييف طائرات توبوليف تي يو160  وسوخوي 57 لحمل هذا الصاروخ.

قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إن الصاروخ استخدم ثلاث مرات خلال العملية الخاصة وفي جميع الحالات أظهر خصائصه الرائعة، وفي الوقت نفسه لم يحدد رئيس الدائرة العسكرية بالضبط ما هي الأهداف التي أصابها “كينجال”.

وكان أول ظهور للصاروخ كنجال ضمن دائرة الأحداث في 18أغسطس 2022، حينما أعلنت وزارة الدفاع الروسية آنذاك إنها نشرت طائرات من طراز “ميغ (MiG-31) مزودة بصواريخ فرط صوتية من طراز “كينجال” في قاعدة شكالوفسك بمقاطعة كالينينغراد الواقعة بين ليتوانيا وبولندا العضوين في حلف “الناتو”.

وأول استخدام قتالي للسلاح الجديد في بداية العملية العسكرية الخاصة عندما نفذ هجوم صاروخي على مستودع للذخائر تحت الأرض تابع للقوات المسلحة الأوكرانية في قرية دلياتين بالقرب من إيفانو فرانسيسك.

الآثار الاستراتيجية

تم تصميم الصاروخ كإجراء رادع ضد السفن الحربية للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي التي تشكل تهديدًا لأنظمة الصواريخ في روسيا وهو مصمم للطيران بسرعة تفوق سرعة الصوت في غضون ثوانٍ من الإطلاق وإجراء مناورات في أي وقت أثناء الرحلة ، مما يسمح له بالتغلب على أي أنظمة دفاع جوي أو صاروخي معروفة في الولايات المتحدة بما في ذلك منظومةMIM-104 Patriot ، ونظام الدفاع عن منطقة الارتفاعات العالية الطرفية  THAADأيضًا .

يمكن إطلاق الصاروخ من مواقع لا يمكن التنبؤ بها ، مما قد يؤدي إلى إجهاد الرادارات المقطعية مثل تلك المستخدمة في نظام باتريوت ونظراً لعدم توفر وسائل للدفاع ضده في الوقت الحالي فهو يهدد بشكل أساسي المنطقة ويعرضها للخطر ، وهو بذلك يوفر نفوذ إستراتيجي كبير لروسيا.

إسقاط كينجال

زعمت القيادة الأوكرانية بأنها أسقطت صاروخ كينجال خلال العمليات الحربية الدائرة في الأسبوع الماضي وقد شكك العديد من الخبراء في الرواية الأوكرانية التي وصفت بالخرافة ولم تكن تستند على دلائل كبيرة سوى بعض الصور لحطام صاروخ عليه أحرف باللغة الروسية وفند حينها المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية المزاعم الأوكرانية قائلاً “الحقيقة هي أن سرعة طيران صاروخ كينجال تتجاوز الحد الأقصى لأنماط القتال المعروفة لأنظمة الصواريخ المضادة للطائرات التي قدمها الغرب لنظام كييف بما في ذلك باتريوت”.

ولذلك يبدو الإدعاء باطلاً خاصة إذا علمنا أن الصاروخ “كينجال” في المرحلة الأخيرة من طيرانه يقوم بمناورة مضادة للصواريخ وينتهج وضعا عمودياً عند سقوطه على الهدف ما يستبعد إمكانية اعتراضه من قبل أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات العاملة حالياً في مناطق القتال.

قد لا ترغب موسكو باستخدام هذه الصواريخ بشكل عشوائي ولكن بسبب قدرة صواريخ كينجال الكبيرة على بلوغ أهداف هامة وحيوية جعلت عدة عواصم أوروبية ضمن مدى هذه الصواريخ من خلال مواقع تمركزها التي حددت في منطقة كالينينغراد الروسية المحاذية لبولندا وليتوانيا وبحر البلطيق، ما يجعل عاصمة مثل برلين، التي تبعد عن كالينينغراد بـ600  كم في المدى المحقق لهذه الصواريخ وهذا يزيد من قدرة موسكو على مواصلة القتال ويعطيها ميزة السبق بالضربات الصاروخية القوية متى تشاء ضد خصومها.

المواصفات الفنية والتعبوية لصاروخ كينجال

  • تصميم وإنتاج : شركة تاس لصالح زارة الدفاع الروسية.
  • السرعة : 10 ماخ.
  • المدى :2000 كم.
  • نوع ووزن الرأس الحربي : نووي-  تقليدي – 500 كجم
  • نظام ودقة التوجيه : القصور الذاتي والملاحة عبر الأقمار الصناعية مع باحث طرفي.
  • نسبة حدوث خطأ دائري :10م.
  • نوع الوقود : يعمل بالوقود الصلب أحادي المرحلة.