تهافت الدول العربية لشراء مسيرات “بيرقدار تي بي 2″ التركية.. الأسباب والنتائج

طائرات "بيرقدار تي بي 2" التركية
طائرات "بيرقدار تي بي 2" التركية

راني زيادة

شهدت السنوات الأخيرة تهافتًا عربيًا على شراء الطائرات المسيرة التركية من طراز “بيرقدار تي بي 2″، حيث وقعت العديد من الدول العربية اتفاقيات لشراء هذه الطائرات، بما في ذلك الكويت، والسعودية، والإمارات، وقطر، والمغرب.

تتمتع الطائرات التركية بكفاءة عالية وقدرات عسكرية متطورة، مما يجعلها أداة فعالة في العمليات العسكرية. فقد أثبتت هذه الطائرات فاعليتها في العديد من النزاعات المسلحة، بما في ذلك الصراع بين أذربيجان وأرمينيا حول إقليم ناغورنو كاراباخ، وسوريا والعراق.

وبحسب تقرير نشرته مجلة “بوبيلار ميكانكس” الأمريكية المتخصصة في المواضيع التقنية والعلمية، دمرت “بيرقدار تي بي 2″ التي تم إطلاقها لأول مرة في عام 2014، حتى مارس/ آذار 2022، ، 796 هدفاً في خمس حروب عبر سوريا وأوكرانيا والقوقاز وإثيوبيا وليبيا.

بيرقدار .. سعر جيد بلا قيود

تعتبر الطائرات التركية من بين الطائرات المسيرة الأقل تكلفة في العالم، مما يجعلها خيارًا جذابًا للدول العربية التي تبحث عن قدرات عسكرية متطورة بأسعار معقولة.

رغم أن الطائرات التركية المسيرة لا تمتلك مستوى التقنيات العالية نفسها كبعض الطرازات الإسرائيلية والأمريكية، إلا أنها تتفوق بشكل واضح من حيث السعر وقيود التصدير.

يشير محللون إلى أن أداء هذه الطائرات يعتبر أفضل من الطائرات المسيرة الصينية أو الإيرانية، والتي نشرتها روسيا في أوكرانيا.

العلاقات السياسية الجيدة بين تركيا والدول العربية

تتمتع تركيا بعلاقات سياسية جيدة بالعديد من الدول العربية، مما يسهل عملية شراء الطائرات التركية. كما تسعى تركيا إلى تعزيز التعاون العسكري مع الدول العربية، حيث ترى في ذلك فرصة لزيادة نفوذها في المنطقة.

السعودية تشتري طائرات مسيرة من تركيا

في أغسطس/آب الماضي، وقعت المملكة العربية السعودية وتركيا مذكرة تفاهم بشأن توطين صناعة الطائرات المسيرة والأنظمة المكونة لها في المملكة. وتأتي هذه الاتفاقية في إطار الجهود السعودية لتعزيز قدراتها العسكرية وتطوير صناعة الدفاع في البلاد.

تشير تصريحات شركة “بايكار” إلى أن الاتفاقية التي وقعتها الشّركة مع السعودية تشمل تعاونًا في نقل التكنولوجيا وإنتاجًا مشتركًا لمسيّرات “بيرقدار”. وهذا التعاون من شأنه أن يعزز صناعة الدفاع في السعودية بشكل كبير، حيث سيوفر لها إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا والتقنيات المتقدمة التي تمتلكها شركة “بايكار”.

وتشمل هذه التكنولوجيات ما يلي:

  • تقنية التصنيع المتقدمة لطائرات “بيرقدار”.
  • تقنية التحكم والقيادة في الطائرات المسيرة.
  • تقنية الأسلحة الذكية التي تستخدمها الطائرات المسيرة.

من شأن هذا التعاون تمكين السعودية من إنتاج طائرات مسيرة ذات قدرات عسكرية متطورة، مما سيعزز قدراتها الدفاعية بشكل كبير.

بالإضافة إلى ذلك، فمن المرجح أن يؤدي هذا التعاون إلى إنشاء صناعات دفاعية جديدة في السعودية، حيث ستحتاج الشركات السعودية إلى تطوير قدراتها في مجالات مختلفة مثل التصنيع والهندسة والبحث والتطوير.

الإمارات.. صفقة محتملة مع تركيا

كشف موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، في 10 أغسطس/ آب 2022، عن وجود مفاوضات بين الإمارات وتركيا لإبرام صفقة شراء طائرات من دون طيار من طراز “بيرقدار تي بي 2″.

ووفقًا للمصادر الموثوقة، بدأت هذه المفاوضات في مارس/ آذار 2022 بين شركة “بايكار” التركية للصناعات الدفاعية وشركة “توازن” التي تتولى إدارة الاستحواذ والمشتريات والعقود الدفاعية والأمنية للقوات المسلحة لدولة الإمارات وشرطة أبوظبي.

تركزت المفاوضات على شراء 120 طائرة من طراز “بيرقدار تي بي 2″، بالإضافة إلى مجموعة من الذخيرة ومراكز القيادة والتحكم والتدريب. وتُقدر قيمة هذه الصفقة الضخمة بملياري دولار.

وتشير المعلومات إلى أن بعض أجزاء هذه الطائرات قد يتم تصنيعها في الإمارات نفسها إذا تم التوصل إلى اتفاق نهائي.

من جهة أخرى، تُظهر التقديرات أن تكلفة الطائرة الواحدة من طراز “بيرقدار تي بي 2” تبلغ 5 ملايين دولار، مع العلم أن كل طائرة ستحمل معها 100 ذخيرة من الذخائر الصغيرة الذكية “MAM-L”، التي تبلغ قيمتها الإجمالية 15 مليون دولار.

إلاّ أنّ هناك تكاليف إضافية تتعلق بالتدريب ومراكز القيادة والتحكم، والتي ستتفاوت وفقًا لعدد الطائرات المشتراة، نظرًا لأن سعة كل مركز تحكم تصل إلى ست مسيرات. هذه الصفقة تمثل خطوة هامة نحو تعزيز القدرات الدفاعية لدولة الإمارات وتعزيز استقلاليتها الجوية في المنطقة.

ونقلت وكالة رويترز عن مصدرين تركيين قولهما إن شركة التكنولوجيا الدفاعية التركية “بايكار” سلمت الإمارات 20 طائرة مسيرة مسلحة في سبتمبر/ أيلول 2022، ويمكن أن تبيع المزيد، وذلك بعد تحسن العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين.

إذا تم إبرام صفقة بين الإمارات وتركيا لشراء طائرات “بيرقدار TB2″، فستكون هذه الصفقة خطوة مهمة في تعزيز التعاون العسكري بين البلدين. كما ستؤدّي أيضًا إلى تغيرات في ميزان القوى في الشرق الأوسط، حيث ستصبح تركيا لاعبًا مهمًا في مجال صناعة الطائرات المسيرة.

الأهمية الاستراتيجية للصفقة القطرية

أكدت وسائل الإعلام التركية في مايو/ أيار 2021 تسليم أنقرة 6 طائرات بدون طيار من طراز “بيرقدار تي بي 2″ لصالح القوات المسلحة القطرية. كما تضمنت الصفقة أيضًا تقديم 3 محطات للتحكم الأرضي.

جاء التوقيع على الصفقة على هامش معرض ومؤتمر الدوحة للدفاع البحري “ديمدكس 2018″، المنعقد في الدوحة.

وضمن الصفقة نفسها أنهى فريق قطري، مكون من 55 شخصًا، دوراته التدريبية لاستخدام الطائرات المذكورة والتي خضعوا لها في تركيا على يد فريق من مهندسي وخبراء شركة “بيكار”. وفي نهاية الدورة التي استمرت 4 أشهر، تخرج جميع أفراد الفريق القطري من بينهم قائد للمسيّرات المسلحة وموظفو صيانة وغيرهم من المكلفين بالمهام المتعلقة بهذه الطائرات.

13 طائرة “بيرقدار تي بي 2” للمغرب

في إطار جهودها المستمرة لتحديث ترسانتها العسكرية وزيادة كفاءتها وجاهزيتها، قررت المملكة المغربية في إبريل/نيسان شراء 13 طائرة من طراز “بيرقدار تي بي 2”. يأتي هذا الإجراء كجزء من استراتيجيتها لتعزيز القوة الجوية وزيادة التحديث التكنولوجي في صفوف القوات المسلحة الملكية.

تأتي هذه الخطوة بعد استلام المغرب للطلبية الأولى من هذه الطائرات في منتصف سبتمبر/ أيلول 2021، والتي ساهمت بشكل كبير في تعزيز قدراتها الجوية والاستخباراتية.

تم توقيع العقد مع شركة “بايكار” التركية بقيمة تقدر بحوالي 70 مليون دولار، ومن ثم خضع عسكريون مغاربة لبرنامج تدريبي في تركيا خلال الأسابيع الماضية.

يأتي هذا التحسين في القدرات العسكرية في وقت يشهد فيه المغرب توترًا دبلوماسيًا مع الجزائر، الدولة الجارة والمنافسة.

تركيا تعلن بيع 18 طائرة مسيّرة للكويت

قالت السفيرة التركية لدى الكويت طوبى سونمز، إن الكويت وقعت عقداً بقيمة 370 مليون دولار لشراء 18 طائرة مسيّرة تركية من نوع “بيرقدار تي بي 2″، مؤكدة أن الطائرات جاهزة للتسليم في الوقت الذي تحدده الكويت، بحسب صحيفة القبس الكويتية.

السفيرة التركية أكدت أن الطائرات “جاهزة للتسليم وقتما تشاء الكويت”، معربة عن استعداد بلادها “لتزويد الكويت بكل المعدات العسكرية التي تطلبها”.

تم اختبار طائرات “بيرقدار تي بي 2” في دولة الكويت في شهر يوليو/ تموز 2019، حيث حققت مدة طيران قياسية بلغت 27 ساعة و 3 دقائق دون انقطاع. وجاء هذا الاختبار تحت ظروف مناخية صعبة تضمنت ارتفاع درجات الحرارة وهبوب الرياح والعواصف الرملية.

وتعتبر دولة الكويت هي الدولة (28) بالعالم التي تبرم عقد شراء مثل هذه الطائرات المسيرة بعد امتلاك العديد من الدول الشقيقة والصديقة لها ومن ضمنها عدد من دول مجلس التعاون.

بيرقدار والتصدي لتهديدات الدول المجاورة

يُظهر الأداء المميز للمسيرات التركية في المجال العسكري، وخاصةً التصدي للتهديدات الروسية، أنها أصبحت اختيارًا مفضلًا للدول المجاورة لإيران. هذه الدول تعتبر المسيرات التركية حلاً فعالًا لتعزيز قدراتها الدفاعية وتحقيق التوازن.

حيث يُجمع المحللون على أن الأداء العسكري للمسيرات التركية بشكل عام، وضد الآلة العسكرية الروسية بشكل خاص، جعلها الخيار الأول للدول التي تخشى أن تواجه يوماً مصير أوكرانيا، وبالتالي تسعى لامتلاك سلاح مجرب أثبت جدارته أمام التحديات.

تقول مصادر عسكرية إن الإمارات وحليفتها السعودية تأملان الآن في الاستفادة من تقاربهما مع تركيا لمواجهة التحدي الأمني المتزايد من إيران ومن القوات التي تعمل بالوكالة لصالحها.

أي نسخ للمقال من دون ذكر اسم موقع دفاع العرب Defense Arabia سيُعرّض ناقله للملاحقة القضائية.

يُعد تهافت الدول العربية على شراء الطائرات التركية ظاهرة مهمة لها آثار استراتيجية عميقة. فهذه الخطوة تعكس رغبة الدول العربية في تعزيز قدراتها العسكرية، وتعكس أيضًا تغيرًا في ميزان القوى في الشرق الأوسط، حيث تصبح تركيا لاعبًا مهمًا في سوق الطائرات المسيرة.