قدرات التخفي الشبحية.. مستقبل الحروب الجوية

نسرين شاتيلا

أصبحت قدرات التخفي الشبحية من أهم العوامل التي تحدد تفوق القوات الجوية الحديثة، حيث تسمح هذه القدرات للطائرات بالتسلل إلى المجال الجوي للعدو دون الكشف عنها من قبل رادارات الدفاع الجوي.

تعتمد قدرات التخفي الشبحية على تصميم الطائرات بطريقة تقلل من انعكاس موجات الرادار عنها. حيث يتم ذلك من خلال استخدام مواد وأشكال معينة للأسطح الخارجية للطائرة.

تتضمن بعض الأساليب المستخدمة لتحقيق التخفي الشبحي ما يلي:

  • استخدام مواد ماصة للرادار، مثل مواد الكربون الممزوج بالغرافين.
  • تصميم الأسطح الخارجية للطائرة بزوايا معينة تؤدي إلى تشتت موجات الرادار.
  • إخفاء الأجزاء المعرضة لكشف الرادار، مثل مخازن الأسلحة والخزانات الخارجية.

وقد ساهمت قدرات التخفي الشبحية في تطوير الطائرات المقاتلة والقاذفات الجوية. حيث أصبحت هذه الطائرات قادرة على أداء مهام أكثر خطورة وفاعلية، مثل اختراق المجال الجوي للعدو وضرب أهدافه الحيوية.

على سبيل المثال، يمكن للطائرات الشبحية تنفيذ عمليات اعتراض وإسقاط الطائرات المعادية دون الكشف عنها، أو تنفيذ ضربات جوية دقيقة على أهداف حساسة، أو جمع المعلومات الاستخبارية في عمق المجال الجوي للعدو.

التطوير الطائرة الشبحية

في الستينيات، طور الفيزيائي السوفييتي بيتر أوفِمتسيف نموذجًا لوصف انتشار الموجات الكهرومغناطيسية عند اصطدامها بأسطح ثنائية وثلاثية الأبعاد.

وقد نشر هذا النموذج في الاتحاد السوفيتي، لكنه لم يتم استخدامه في أي تطبيق عملي حتى اكتشفه مهندسو شركة لوكهيد مارتن الأمريكية في السبعينيات، وترجموه إلى الإنجليزية. وقد أدى تطبيق هذا النموذج إلى تطوير تقنية التخفي الحديثة من الرادار.

توسعت شركة لوكهيد مارتن في استخدام نموذج أوفِمتسيف، وأثبتت أن بناء الطائرة بأشكال معينة يقلل من البصمة الرادارية لها. وقد نشأ مصطلح “المقطع العرضي للرادار” للتعبير عن نسبة الأبعاد الهيكلية للأسطح الرئيسية للطائرة -المقدمة والجسم والأجنحة والجنيحات والمظلة الواقية لقمرة القيادة، وغير ذلك- إلى طول الموجة.

الطائرة الشبحية الأولى

كانت الطائرة “هاف بلو” أول طائرة مصممة خصيصًا للتخفي عن الرادار. وقد صنعتها شركة “لوكهيد مارتن”، واتسمت بتصميم خارجي فريد من نوعه، حيث كانت أوجهها ذات زوايا ماسية الشكل، ومداخلها صغيرة، والمثبتان الرأسيان مثبتان بشكل متقابل لتشتيت الطاقة المنعكسة.

كانت الطائرة “هاف بلو” طائرة تجريبية، لكنها مهدت الطريق لإنتاج المقاتلة الشبحية “إف 117 إيه نايت هوك” في عام 1984. في السنوات اللاحقة، تم تطوير طائرات شبحية أخرى، مثل المقاتلة “إف 22 رابتور” والمقاتلة “إف 35 لايتنينغ الثانية” وقاذفة القنابل الثقيلة “بي 21 رايدر”.

وقد ركزت هذه الطائرات على جعل أنظمة التخفي أقل تكلفة وأكثر سهولة في الصيانة.

تعد قدرات التخفي الشبحية سلاحًا جويًا قويًا وفعالًا. ومع ذلك، فإن هذه القدرات لا تزال عرضة للتطورات التكنولوجية الجديدة التي يمكن أن تؤدي إلى تعطيلها أو التقليل من فاعليتها.